إصلاح القلوب - (1) اختبار الصخرة
سريرة العبد لها أثر عظيم في صلاح علانيته فمن كان مصلحًا لسريرته صلحت علانيته، ومن اعتنى بعلانيته وهجر سريرته كانت علانيته مظهرًا أجوف كالجسد بلا روح، وكانت ثمرتها ناقصة وخشي عليه من الانتكاسة لأن إصلاح السريرة من أعظم أسباب الثبات على الإيمان..
بعد موقعة الحمام! ولمن لا يعرف (موقعة الحمام)، هي لما اتحبست فى الحمام وعيالي بره معاهم جدتهم، كان ساسبينس عالي! الباب عصلج وما من سبيل للخروج! المهم افتكرت حديث الثلاثة اللي أووا إلى غار فوقعت صخرة سدت باب الغار، وقالوا تعالوا نتوسل إلى الله بأعمال صالحة خالصة لوجه الله، وقصة ورا قصة انفرجت الصخرة وخرجوا.
فعن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
« » (صحيح مسلم).
قعدت أعصر دماغي على عمل صالح يكون خالص لوجه الله! عد غنمك يا حجا غنمة قايمة وغنمة نايمة، وأقلب في الدفاتر القديمة وأجرب كده إنه (اختبار الصخرة) لصلاحية الأعمال! اللهم إن كنت تعلم أن العمل الفلاني كان خالصًا لوجهك فافتح الباب، الباب ما فتحش! طب اللهم إن كنت تعلم أن العمل العلاني كان خالصًا لوجهك افتح الباب، الباب مش راضي يفتح! يا دي الخيبة مفيش ولا عمل ظننته صالح خالص لوجه الله إلا وطلع فشنك! كل الأعمال مفاتيح سنانها مكسورة منتهية الصلاحية!
لأ بقى وقفة مع النفس يا ماما! قبل ما يوم القيامة نروح فلا نجد إلا الهباء المنثور! شقى عمري، شقى عمري ضاااع! فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح مسلم:2985).
وعن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
« » (صحيح الجامع:2014).
كذبت كتبت من أجل إرضاء الناس وكلمات الثناء! فقد قيل هذا هو أجرك! طيب بما إن أغلب أعمالنا الظاهرة سهل يتسلل لها الرياء وابتغاء السمعة، يبقى لازم يكون لنا (سر بيننا وبين الله) لا يعلمه بشر، ولا حتى ملك، ولا حتى كاتب اليمين! كيف؟! إنها (عبادة القلوب) مراقبة القلب من الخواطر والوساوس الرديئة، ودفعها مناجاة الله وذكر الله بالقلب، تمني الطاعة وكراهية المعاصي ودفعها.
ولعلمكم كان في أيام نزول الوحي على رسول الله نزلت آية رعبتهم!
لما نزلت هذه الآية: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ} [البقرة من الآية:282]، اشتدت على المسلمين، وشقت مشقة شديدة، فقالوا: "يا رسول الله، لو وقع في أنفسنا شيء لم نعمل به وأخذنا الله به؟ قال: « »! قالوا: بل سمعنا وأطعنا يا رسول الله! فنزل القرآن يفرجها عنهم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} إلى قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة من الآيات:285-286]، فصيره إلى الأعمال، وترك ما يقع في القلوب".
العبرة: إن اللي حصل ده كان طريقة لتربية الصحابة وتدريبهم على (مراقبة القلوب)، من الوساوس والأفكار السيئة وتدريبهم على الطاعة والاستسلام لله، وساعتها نزل التخفيف بعد ما قالوا حاضر سمعنا وأطعنا! ولكن إحنا كمان محتاجين التدريب ده (مراقبة القلب) والعبادات القلبية، فقال الله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]، {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة من الآية:235].
يقول الكاتب خالد بن سعود البليهد في مقاله مراقبة الله في السر:
"وسريرة العبد لها أثر عظيم في صلاح علانيته فمن كان مصلحًا لسريرته صلحت علانيته، ومن اعتنى بعلانيته وهجر سريرته كانت علانيته مظهرًا أجوف كالجسد بلا روح، وكانت ثمرتها ناقصة وخشي عليه من الانتكاسة لأن إصلاح السريرة من أعظم أسباب الثبات على الإيمان..
قال ابن القيم: (وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته)، ولذلك: من كان قلبه مدمن على دسيسة خبيثة راضٍ بها فيُخشى أن تغلب عليه عند موته فيختم له بسوء والعياذ بالله، ومن كانت له سريرة سوء أظهرها الله للخلق في الدنيا ولو بالغ في إخفائها عقوبة له، وربما أخرها ثم فضحه على رؤوس الخلائق في الآخرة" (انتهى كلام الكاتب).
والعبادة القلبية مش مكلفة وأجرها عظيم ومضمون:
فعن أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (صحيح ابن ماجه).
حد هيسألني: أمال خرجتى إزاي من الحمام؟! أقول له بدعوة ست طيبة، حالة مرتحلة مع القرآن، ربنا يحفظها ويبارك فيها بتسمي قراءة القرآن: "قعدت أشرب" وهنا رجعنا تاني لأهمية (الصحبة الصالحة)، لأن من جاور السعيد يسعد.
- التصنيف: