"من كتاب أبو جهل يخرج من الغرب"
منذ 2008-11-01
الرسالة الثانية: من القاهرة إلى لندن.....
الأخت مرجريت لم أفاجأ بعودتك من الولايات المتحدة للإقامة الدائمة في لندن. كنت أتوقع هذا بالرغم من اقترانك بأخ أمريكي مسلم.
إن نيويورك مدينة مرعبة والحياة لا تتفق مع فطرتك النقية الصافية، ولا مع مشاعرك النبيلة المرهفة.
هل سمعت بالأخت المسلمة (مريم جميلة) لقد قررت الفرار من نيويورك بعد أن أسلمت، واختارت الإقامة في باكستان بعد أن تزوجت هناك من أخ مسلم.
وقد اكتشف أن مشاعرنا متفقة تجاه أسلوب الحياة في الولايات المتحدة.
لقد زرت معظم أقطار العالم كما تعلمين يا أخت مرجريت غير أني أشعر بانقباض داخلي كلما فكرت في زيارة أمريكا.
أو كلما وجهت إلي دعوة منها في أية مناسبة.
أما لماذا هذا النفور والانقباض فلا أدري. كما أن الحاسب الآلي لا يستطيع معرفة أسباب الكراهية أو الحب التي يجيش بها صدري. فالكراهية أو الحب عاطفتان تتسمان بالتمرد، ولا يستطيع العلم إختراق هذا العالم العجيب في قلب أية واحدة أو أي أحد!!
*****
لا أريد أن أتوقف معك طويلا أمام هذه الخاطرة، فهناك ماهو أهم وأخطر من هذا الحب أو هذه الكراهية، وهل هناك ما هو أخطر مما يقع بالمسلمين في كل بلد؟
وفي أي مكان يعيش فيه مسلم يؤمن بالله الواحد الأحد؟
وهل هناك ماهو أهم وأخطر من انفراط عقد أمتنا المسلمة؟ ومن أخبار المذابح التي تترى أخبارها من كل جهة، وفي كل دقيقة بل في كل لحظة؟!!
إن زعماء الغرب، وكل مفكريه، وكل ساسته يتكلمون جهارًا وعلنًا عن الإسلام الخطر، والإسلام الخوف، والإسلام الذي يتحفز للانقضاض على الحضارة، وعلى أوربا، وعلى الولايات المتحدة، بل على العالم كله.
إن حلف (الأطلسي) لن يذهب، وأوربا الموحدة ستنشئ قوة خاصة بها للانقضاض على الإسلام في أي وقت مناسب، وفي أية بلد.
والذي يحدث في (البوسنة والهرسك) إنما هو اختبار وتجربة لما سوف يحدث في المستقبل -كتب هذا الكتاب قبل أحداث 11 سبتمبر2001 - والأقليات الإسلامية في العالم كله مهددة بهذا المصير الظالم مالم يثبت العالم الإسلامي أنه موحد حي لم يمت!!
هل سمعت يا أخت مرجريت بالمرحوم -بإذن الله- محمد أسد؟ أو (ليوبلد فايس) كما كان يعرف بذلك قبل أن يسلم؟
يقول في كتاب له اسمه (الإسلام على مفترق الطرق): "إن الإسلام يعامل من وجهة نظر الغرب كمتهم أو مجرم، وإذا تعذر عليهم العثور على شهود قبل إصدار الحكم -المحدد سلفًا- بالنسبة لهذا البريء المتهم، عمدوا إلى خطف كلمة من هنا، وعبارة من هناك (على طريقة ويل للمصلين) ثم جمعوها بعد ذلك في نسق محدد. ثم أصدروا بعد ذلك -أي الحكم المتفق عليه أصلا- وتكون النتيجة صورة مشوهة للإسلام، والمسلمين، زورًا وزيفًا".
*****
إن القانون الدولي لم يكن يعترف بالمسلمين كبشر!! و (جروسيوس) الذي أطلق عليه اسم (أبو القانون الدولي) طالب بعدم معاملة غير المسيحيين، كمعاملة المسيحيين، في ساحة القضاء والعدل!!
وكان هناك قانوني آخر اسمه (جينتيلس) أعلن أنه لا يجوز لدولة مسيحية كفرنسا، أن تعقد معاهدة مع دولة كافرة اسمها تركيا. [حافظ غانم - المجتمعات الدولية].
والناس أعداء ما جهلوا، وقد كنت أعتقد أن شعوب الغرب على درجة من الوعي، وأنهم أهل فطنة يميزون بها بين الحقيقة والزيف. حتى قرأت هذا الكتاب الذي ألفه السياسي (بيتر مانسفيلد)، وإن ما كتبه هذا الرجل يستحيل تصوره في أي عقل، يقول هذا الكاتب: "في الأسبوع الأول لتدريسنا في مدرسة (أرامكو) -في دولته- وجهنا بعض الأسئلة إلى الدارسين في هذه المدرسة، كان السؤال الأول: ماذا تعرف عن محمد؟
وكان السؤال الثاني: ماذا تعرف عن الإسلام؟
أتدرين ماذا كانت الإجابة؟
قال أحدهم: إن النبي محمد هو مؤلف (ألف ليلة وليلة)!!
أما بالنسبة للإجابة عن السؤال الثاني فقال أحدهم: إن الإسلام لعبة حظ أشبه بلعبة البريدج!!
وقال آخر: الإسلام أنشأته عصابة (كوكلوكس كلان) -هي عصابة إجرامية تخصصت في اغتيال السود وغير المسيحيين-
وقال ثالث: الإسلام أنشأته منظمة ماسونية أمريكية!!
*****
هذه الأكاذيب والخرافات والإفتراءات صناعة أوربية منذ عرفت أوربا، وقد صاغت الكنيسة هذه الخرافات في صورة (لاهوتية) حتى يكتسب الكذب والغش قداسة يصبح الخروج عليها كفرًا.
هل سمعت بقصة الراهب الذي ألف كتابًا سماه (المصيبة الإسلامية)، يقول الراهب: "إن المسلمين كانوا في غاية الدهاء والمكر، ففي البلاد التي فتحوها لم يرغموا أحدًا على اعتناق الإسلام، ولم يحاولوا نشر دينهم بالعنف أوالقوة.
فدفع ذلك الناس إلى التقرب منهم للتعرف على دينهم، ومن هنا جاءت المصيبة الكبرى، فما يكاد يقترب أحد منهم ويسألهم عن دينهم حتى يعود مسلمًا ويترك دينه الذي كان عليه سابقًا!!".
الإخاء والتسامح، وترك الناس أحرارًا في اختيار ما يشاؤون (غير المسلمين) من مذاهب، وفي الاعتقاد والإيمان بالإله الواحد، كل هذه القيم النبيلة تحولت في نظر هذا الراهب إلى مصيبة.
أما حروب الإبادة لكل شعب يرفض عقيدة هذا الراهب أو عند من يستحيل في رأيه تصور أن يكون الإله ثلاثة في واحد فإن القتل والحرق والصلب يصبح في نظر هذا (الملتاث) قمة الرحمة والعدل، وغاية الغايات لأي إنسان يبتغي الخلاص والنجاة فوق هذه الأرض!!
لقد كان الكونت هنري كاستري -حاكمًا للجزائر- وكان ممن أعمت الكنيسة أبصارهم وبصائرهم عن الإسلام حتى لا يروا نوره الباهر.
إلا أنه درس الإسلام دراسة متأنية عميقة، وكتب عنه كتابا قيمًا يتسم بالصدق والحقيقة، وقصة تفكيره في دراسته للإسلام قصة طريفة: كان من كبار الموظفين بالجزائر، رغم سنه المبكرة، وكان يسير ممتطيًا صهوة جواده، ويسير خلفه ثلاثون من فرسان العرب الأقوياء، فخورًا بمركزه، وكان يملؤه الغرور للمدح الذي يزجيه إليه هؤلاء الذين تحت إمرته، وفجأة وجدهم يقولون له في شيء من الخشونة، وفي كثير من الإعتداد بالنفس: (لقد حان موعد صلاة العصر).
ودون أن يستأذنوه في الوقوف ترجلوا واصطفوا للصلاة متجهين إلى القبلة ودوت في أرجاء الصحراء كلمة الإسلام الخالدة: (الله أكبر).
شعر الكونت في هذه اللحظة بشيء من المهانة في نفسه وبكثير من الإكبار والإعجاب بهؤلاء الذين لا يبالون به، ذلك لأنهم اتجهوا إلى الله وحده، بكل كيانهم، وبدأ يتساءل:
ما الإسلام؟ أهو ذلك الدين الذي تصوره الكنيسة في صورة بشعة تنفر منها النفس، ولا يطمئن إليها الوجدان؟
وبدأ يدرس الإسلام، فتغيرت فكرته عنه ورأى من واجبه أن يعلن ما اهتدى إليه، فكان كتاب (الإسلام خواطر وسوانح) ترجمة الأستاذ فتحي زغلول.
وفي هذا الكتاب الطريف تحدث عن الكثير من جوانب الإسلام سواء أكان ذلك فيما يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم، أم فيما يتعلق بالتعاليم الإسلامية، وقد تحدث عن أراء مواطنيه، خصوصًا القدماء منهم في صورة من السخرية والتهكم.
فقد قالوا: "إن محمدًا وضع بادعئه الألوهية".
وقالوا: "إن محمدًا الذي هو عدوالأصنام ومبيد الأوثان، كان يدعوا الناس لعبادته في صورة وثن من ذهب".
وقد بدأ الكونت يسائل نفسه: "لماذا هذا التضليل والزيف، ولحساب من تلجأ الكنيسة إلى هذه الأكاذيب التي لا يقبل بها عقل؟!!"
يتبع في الأيام القادمة إن شاء الله ...
نقله محمد الحجي
المصدر: من كتاب أبو جهل يخرج من الغرب
- التصنيف: