التأمين على الحياة والأولاد والممتلكات
فلوس الزكاة والصدقات كدة كدة هتخرج، بادر بإخراجها بطيب نفس وابتغاء رضا الله وأنت على يقين أن هذا المال قد اشتريت به من الله رزقًا من نوع آخر، اشتريت العافية والصحة والسلامة والأمن والإيمان وحسن الخاتمة والجنة..
أنت بتدخر فلوس عشان تأمن على مستقبلك أو مستقبل أولادك، وتقعد تحوش فلوس عشان لو لا قدر الله حصلك حاجة، وتأمن مستقبل أولادك إنك تشتري عقارات وشقة لحمادة قبل الهنا بعشرين سنة، ودهب لغادة عشان جهازها وهي لسه في اللفة، جميل كل ده جميل.. ولكن!
ولكن هنا محتاجة منك شوية خيال وتدبر فيما يحدث حولنا، أنت تدخر (والادخار مطلوب) وإنما الإفراط في تجميد ما تظن احتياجك له بعد سنوات وهناك فقير معدم يحتاجه الآن، بالضبط كأنك بتدخر كميات كبيرة من الأدوية اللي (تظن) إنك (احتمال) تحتاج إليها بعد عمر طويل -ده لو أصلاً عشت وكان لك عمر- ومتجاهل إن فيه دلوقتي حالاً مريض بيعاني من المرض، ومحتاج هذا الدواء الآن.. أنت حرمت المريض من الدواء اللي عندك! وبعد فترة تكتشف إن صلاحية الدواء انتهت، أو إنك أسأت تخزينه وفسد!
وا حسرتاه طبعًا، لا أنت أعطيته لمريض استفاد به ولا أنت استفدت!
يقول صلى الله عليه وسلم: «
حدث بالفعل:
بيحصل أحيانًا لك ولمن حولك أن يخرج المال غصب عنك كخروج القيح من الجرح صح؟
يحصل اللي ما كانش على البال (حادثة، مرض، سرقة) إلخ.. فتلاقي فلوسك خرجت غصب عنك فيما لا تؤجر عليه! عربية غالية تهلك في حادثة، مرض مستشفيات وعمليات، ومصاريف فلوس أو دهب يضيع أو يتسرق، كأن المال كالماء (الراكد) يفسد بركوده، والزكاة والصدقات تطهره يخرج منه أسباب فساده، ويتجدد كالماء الجاري.. أو كتحلية ماء البحر من الملح، تبخره الشمس فيصبح سحابًا في السماء وينزله الله مطرًا، ماءً عذبًا طاهرًا.
لا تحمل هم غد قد لا يأتي فينسيك عبادة اليوم!
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:56-58]، {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ . فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات:22-23].
تخيل! مش لازم ابنك يتخطف فتلاقي نفسك مضطر تدفع فدية للمجرمين عشان تشتري ابنك منهم، افديه بفدية وهو بين يديك، اشتريه من الله واسأل الله الحماية هو خير حافظًا وهو أرحم الراحمين، مش لازم تتسرق عشان تعرف إن الله حق! حصنوا أموالكم بالزكاة، مش لازم تمرض عشان تلاقي نفسك مضطر تدفع آلاف وآلاف، عشان تشتري صحتك اشتري صحتك من الله وأنت سليم معافى، قبل زيارة المرض واشتريها برضه من الله فهو الشافي.
يقول رسول الله صل الله عليه وسلم : « » (صحيح الجامع:3358).
اشتري من الله إيمانك: «الإيمان بالله، اشتري الأمان يوم القيامة، « » (صحيح).
وأخيرًا اشترِ الجنة:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111].
واعلم بعد هذا كله أن: «وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ من الآية:39]، يا سبحان الله!
اللي يجيلك غصب اسبق أنت وخليه "بالجودة"، يعني إيه؟
يعني قبل ما الفلوس تخرج في شر غصب عنك فتفنى ولا تؤجر عليها، أخرجها أنت في الخير واغتنم الأجر، وادخرها مع الله لأنها كدة كدة هتخرج يا معلم! أيوة عن تجربة، فلوس الزكاة والصدقات كدة كدة هتخرج، بادر بإخراجها بطيب نفس وابتغاء رضا الله وأنت على يقين أن هذا المال قد اشتريت به من الله رزقًا من نوع آخر، اشتريت العافية والصحة والسلامة والأمن والإيمان وحسن الخاتمة والجنة..
{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261]، {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة:276].
تخيل! يربي الله الصدقات! أقرض الله قرضًا حسنًا فيضاعفه لك أضعافًا مضاعفه، لا تخش من المستقبل فهو بين يدي الله، واشتري من الله ما عنده فهو بيده خزائن كل شيء.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » فقلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال يا أبا بكر: « » فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا" (صحيح الترمذي:3675).
وتذكروا وصية سيدنا عمر بن عبد العزيز لأبنائه:
قيل لعمر بن عبد العزيز: "هؤلاء بنوك -وكانوا اثني عشر- ألا توصي لهم بشيء; فإنهم فقراء؟"، فقال: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف:196]، والله لا أعطيهم حق أحد وهم بين رجلين، إما صالح فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح فما كنت لأعينه على فسقه"، وفي رواية: "فلا أبالي في أي واد هلك".
وفي رواية: "أفأدع له ما يستعين به على معصية الله، فأكون شريكه فيما يعمل بعد الموت؟ ما كنت لأفعل، ثم استدعى بأولاده فودعهم وعزاهم بهذا، وأوصاهم بهذا الكلام، ثم قال: انصرفوا عصمكم الله، وأحسن الخلافة عليكم"، قال: "فلقد رأينا بعض أولاد عمر بن عبد العزيز يحمل على ثمانين فرسًا في سبيل الله".
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:9].
- التصنيف: