مع القرآن - تجارة بائرة {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}

منذ 2015-05-19

بعد ذكر الله تعالى لاجتماع قوى النفاق والكفر على عداء الإسلام وأهله، ذكر تعالى أنه يستهزىء بهؤلاء، ثم ذكر تجارتهم الخاسرة وهدايتهم الضائعة، ويا لها من حسرات داخل قبورهم!

بعد ذكر الله تعالى لاجتماع قوى النفاق والكفر على عداء الإسلام وأهله، ذكر تعالى أنه يستهزىء بهؤلاء.. 
ثم ذكر تجارتهم الخاسرة وهدايتهم الضائعة، ويا لها من حسرات داخل قبورهم! 
قال عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:16]

قال ابن كثير
"قال السدي في تفسيره، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مُرّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} قال: أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، وقال محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} أي: الكفر بالإيمان.

وقال مجاهد: آمنوا ثمّ كفروا.
وقال قتادة: استحبوا الضلالة على الهدى -أي: الكفر بالإيمان-، وهذا الذي قاله قتادة يشبهه في المعنى قوله تعالى في ثمود: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت من الآية:17]. 

وحاصل قول المفسرين فيما تقدم: أن المنافقين عَدَلوا عن الهدى إلى الضلال، واعتاضوا عن الهدى بالضلالة، وهو معنى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} أي بذلوا الهدى ثمنًا للضلالة، وسواء في ذلك من كان منهم قد حصل له الإيمان ثم رجع عنه إلى الكفر، كما قال تعالى فيهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المنافقون من الآية:3]، أو أنهم استحبوا الضلالة على الهدى، كما يكون حال فريق آخر منهم، فإنهم أنواع وأقسام؛ ولهذا قال تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} أي: ما ربحت صفقتهم في هذه البيعة، {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} أي: راشدين في صنيعهم ذلك.

قال ابن جرير: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} قد -والله- رأيتموهم خرجوا من الهدى إلى الضلالة، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.. وهكذا" (رواه ابن أبي حاتم، من حديث يزيد بن زُرَيْع، عن سعيد، عن قتادة، بمثله سواء).

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 1
  • 0
  • 5,382
المقال السابق
بين البريق المصطنع والظلمات الحقيقية
المقال التالي
اجتماع أهل الشر {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً