لا تتوهموا غلبة الباطل!
إن كانت طبيعة الدنيا الامتحان، وكان النصر والهزيمة كلاهما سؤالان عصيبان في هذا الامتحان، فالنصر ابتلاء ربما أشد من الهزيمة! ومعظم الناس يهلكون بالنصر أكثر من هلاكهم بالهزيمة!
سألتني إحدى الكريمات:
"ما يحدث في مصر من إعدامات لخيرة الشباب، وتغول الباطل على الحق حاجة تقهر، فأنا تعبانة جدًا من الأحداث الأخيرة، رغم يقيني بأن الله يمهل ولا يهمل سبحانه، هل من نصيحة لي؟".
والإجابة:
نصيحتي لك ألا يدب في روحك الإحباط ولا اليأس، وأن تعلمي وتوقني أن الله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، إلا أننا لا نعبد الله في الدنيا لنفرح بما نتوهمه نصرًا، أو نحزن على ما نتوهمه هزيمة، وحقيقة الأمر ليست بالضرورة أبدًا هي ظاهره، فرُبَّ ما نتوهمه نصرًا هو عين الهزيمة، ورُبَّ ما نتوهمه هزيمة هو عين النصر!
لكننا نحن معشر الإنس ضحلو النظرة ضعيفو البصيرة، لا نرى إلا ما هو تحت أقدامنا، بل ربما لا نرى ما هو تحت أقدامنا! وغلبة الله ليست هي حالة مُنتَظَرَة، بل هي حالة قائمة لا محالة، فهو القاهر فوق عباده ليس فقط في المآل ولكن أيضًا في الحال!
الدنيا غرضها هو امتحاننا، هل نستحق فعلاً الخلود في الجنة أم لا؟
فمنا من سيجتاز الامتحان ويثبت أن مكانه الجنة -أحسن تقويم-، ومنا من سيخفق في الامتحان ويثبت أنه استحق جهنم -أسفل سافلين-، ومنا من هو بين هذا وذاك فيطهره الله من ذنوبه قبل أن يُخلَّد في الجنة.
لكن إن كانت طبيعة الدنيا الامتحان، وكان النصر والهزيمة كلاهما سؤالين عصيبين في هذا الامتحان، فالنصر ابتلاء ربما أشد من الهزيمة! ومعظم الناس يهلكون بالنصر أكثر من هلاكهم بالهزيمة!
والسؤال هو: هل ما يهم هو أي السؤالين العصيبين نلقى في حيواتنا القصيرة الآماد، أم المهم هو أن نحسن الإجابة -بالثبات على الشكر في النصر والثبات على الصبر في الهزيمة-، نحسن الإجابة على أسئلة الامتحان بغض النظر عن ماهية هذه الأسئلة، نصر أم هزيمة؟!
صدقيني لو ركزنا على فهم طبيعة امتحان الدنيا لما أصابنا الوهن من هزيمة، ولا أصابنا الانتشاء والغرور من نصر.
أسأل الله أن يرزقنا رضاه والجنة ونعوذ به من سخطه والنار.
- التصنيف: