ابن الزبّال من قائمة المستبعدين إلى سوق المستعبدين

منذ 2015-05-21

القصة ليست أكثر من عصفورة من العصافير التي تمتلئ بها سماء مصر لأخذ شعبها بعيدًا عما يحاك في الغرف المظلمة بليل بهيم، غير أن الإشكال الحقيقي الذي قد يصل في صورته إلى درجة المأزق الأخلاقي الجديد الذي يضاف إلى أزمات صانع القرار في السلطة، هو أنه بدا كالذي يخرج لسانه للجميع بدون استثناء في هذا الأمر بما سيكلف الأذرع الإعلامية، مزيدًا من الإسفاف في التبرير والشرح والإبداع في الكذب، وليس ذلك بالطبع حين يواجههم الكثيرون بسؤال قد يبدو محيرًا لهم وهو: كيف يؤتي بخصم وعدو للإخوان ليحكم في دماء وأموال ومقدرات الإخوان بالقانون والدستور الذي أهدره على مرآى ومسمع من العالم كله بتصريحاته التي أسلفنا ذكرها؟

"ضربًا بضرب، وحرقًا بحرق، وسحقًا بسحق، نحن هنا على أرض هذا الوطن أسياد، وغيرنا هم العبيد، اللي هيحرق صورة قاضي هيتحرق قلبه، وهيتحرق ذاكرته، وهيتحرق خياله من على أرض مصر عشان مينجسهاش".

ما سلف من كلمات وعبارات وجمل لم تصدر من أحد الخارجين على القانون والدستور أو محترفي الإجرام، الذين تلحقهم المؤسسات العقابية بدورات إصلاح وتهذيب يتعلمون فيها أن يفيئوا إلى قوانين المجتمعات، وأن يلجأوا إلى السلطات الشرعية لأخذ حقوقهم حين يتعرضون لظلم ما يقع عليهم، أيًا كان هذا الظلم ونوعه ففي كيان الدولة ومؤسساتها ما يكفل لهم استيفاء حقوقهم، وأنه لا مكان على الإطلاق لمن يطلق العنان لفوضى الثأر والبلطجة لانتزاع الحقوق عن طريق استخدام القوة غير المشروعة.

لم يكن الكلام لأحد من هولاء المارقين أو الخارجين على القانون، وإنما هذا الكلام هو النص الحرفي لكلام المستشار أحمد الزند الذي أقسم اليمين الدستورية! على احترام الدستور والقانون ليتولى تطبيق القانون والدستور في وزارة العدل في مصر، التي يتربع على حكمها الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي قال: "إنه لن يكبل يد المصريين عن الثأر لشهداء الجيش".

وقد جاءت هذه الكلمات في مداخلة تلفزيونية للمستشار الزند مع الإعلامي توفيق عكاشة، أثناء الإعداد ليوم الاستفتاء على دستور ما بعد الانقلاب في يناير من سنة ألفين وأربعة عشر ميلادية، ذلك اليوم الذي وصفه المستشار بنص قوله أنه سيكون يوم: "نقف بأحذيتنا فيه على رؤوس الأعداء؛ شفت بتوع الشرطة الفرنسية كده اللي رقعوا الإخوان العلقة في باريس كانوا واقفين على رقابهم بالجزمة إزاي! سيقف الشعب المصري بجزمته على رقبة ورأس كل عدو وخائن له في هذا اليوم إن شاء الله".

ربما لم يجف بعد مداد المقالات والتويتات والتعليقات التي كُتبت في شأن ابن الزبال الذي أقيل لأجله وزير العدل المصري المستشار محفوظ صابر، بسبب تصريحاته التي اعتبرت تمثل نوعًا من العنصرية التي تجرمها وتحظرها الدساتير والقوانين والأعراف، وانطلقت الأذرع الإعلامية في تغطية الحدث بصورة وقفنا منها موقفًا حذرًا، ورأينا فيها أنها تخفي شيئًا وراءها يبدو أنه قد تم الإعداد له سلفًا، وأنها لها ما بعدها، وقد لخصنا ذلك فيما أوجزناه في مقالتنا: "عاشت مصر عاش اللص!".

وقد قلنا إن القصة ليست أكثر من عصفورة من العصافير التي تمتلئ بها سماء مصر لأخذ شعبها بعيدًا عما يحاك في الغرف المظلمة بليل بهيم، غير أن الإشكال الحقيقي الذي قد يصل في صورته إلى درجة المأزق الأخلاقي الجديد الذي يضاف إلى أزمات صانع القرار في السلطة، هو أنه بدا كالذي يخرج لسانه للجميع بدون استثناء في هذا الأمر بما سيكلف الأذرع  الإعلامية، مزيدًا من الإسفاف في التبرير والشرح والإبداع في الكذب، وليس ذلك بالطبع حين يواجههم الكثيرون بسؤال قد يبدو محيرًا لهم وهو: كيف يؤتي بخصم وعدو للإخوان ليحكم في دماء وأموال ومقدرات الإخوان بالقانون والدستور الذي أهدره على مرآى ومسمع من العالم كله بتصريحاته التي أسلفنا ذكرها؟

وإنما سيواجهونهم بالسؤال الأكثر أهمية وإلحاحًا، وهو أنهم ادعوا إقالة وزير العدل السابق لأنه استبعد ابن الزبال من وظيفة القضاء وجعله من قائمة المستبعدين، فكيف تأتون بوزير يرى أنه هو وأتباعه فقط الأسياد على أرض مصر، وغيرهم هم العبيد؟ كيف تعزلون من جعل ابن الزبال في قائمة المستبعدين، وتأتون بوزير يجعله في قائمة المستعبدين؟

كلمة التحرير: يومًا بعد يوم يظهر عوار الدساتير والقوانين الوضعية التي يتخذها صانعوها كصنم عجوة إذا جاعوا أكلوه، وما أعظم القوانين الإلهية قوانين الشريعة الربانية.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي

  • 2
  • 0
  • 1,450

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً