طلبة العلم وتحمل المسئولية الدعوية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضوا وأضلوا» (رواه البخاري:99).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله تعالى الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم
ثم أما بعد
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «البخاري:99).
» (رواهوعن عبد الله بن عمرو أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «
» (مسند الأمام أحمد:6857).فمن ينظر إلى أحوال المسلمين الآن فإن العلم يرفع رويدًا رويدًا فرفع جزء بموت كبار العلماء ولكن يتبقى جزء كبير من العلم مع باقي العلماء.
ولكن السؤال أين العلماء الآن؟
ففي ظل الفتنة الكبرى التي تمر ببلاد المسلمين فنجد العلماء أصبحوا كالشجرة التي تتساقط أوراقها فهذه ورقة عالم مات وهذه ورقة عالم زلت قدمه في الفتن وهذه ورقة عالم باع دينه بعَرَضٍ من الدنيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « » (رواه مسلم:118).
وهذه ورقة عالم يُسافر خارج البلاد خوفًا من الفتنة ويعتزل الدعوة إلى الله تعالى بل ولا يُفكر ولو بالدعوة عبر الإنترنت.
وهذه ورقة عالم يكتفي بالصلاة والصيام ولا يقدم ولو كلمة أو موعظة بعد الصلاة.
والأعظم من ذلك هي حالة الاستسلام الظاهرة من طلبة العلم والاكتفاء بتذكر الماضي وأيام الهمم العالية والبحث في ذكريات الماضي والترحم على أيام حضور دروس العلم والتنقل خلف العالم فلان وفلان.
وأصبح تساقط بعض طلبة العلم وخاصة المذبذبين منهم فمنهم من حلق لحيته وعاد لسماع الأغاني ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي وإضاعة الأوقات ومنهم من يكتفي بالالتزام الظاهر ومنهم من ترك الالتزام بالكلية بداعي هجران بعض العلماء للدعوة في هذه الآونة والبعض القليل من المتمسكين ببعض الهمم أصبح من المتخلفين عن صلاة الجماعة والمتأخرين عن الصف الأول ولعلهم لا يتذكرون الحرص على تكبيرة الأحرام فضلاً عن هجران قيام الليل والنوافل والسواك والدعاء.
وأصبحت المساجد تشتكي إلى الله تعالى من هجران جلسة الضحى ولا يتبقى إلا القليل المتمسك بطلب العلم والدعوة إلى الله تعالى.
وكأن الدين ما هو إلا مجموعة علماء فقط فإذا ماتوا أو اعتزلوا الدعوة انهار الدين وهذا ما استشعره بعض الصحابة فور سماع خبر وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكن ثبات أبو بكر الصديق رضي الله عنه المتدبر لكتاب الله تعالى فأمرهم بتدبر قول الله عز وجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144].
فعلم جيدًا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما هو إلا رسول ورجل في دين الله تعالى فإن مات فعلى من تبقى من المسلمين تحمل المسئولية فتحملها أبو بكر الصديق رضي الله عنه بنفسه وأعلن في ثبات: "من كان يعبد محمداً فان محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فالله حي لا يموت".
فأهِب بطلبة العلم أننا لا نعبد علماء ولكن نعبد الله تعالى ونتعبد بدينه الحنيف فعلى جميع طلبة العلم العودة من جديد للمنابر المهجورة واعتلاؤها والجلوس على كرسي العلماء بزي طلبة العلم لنبدأ في تصدر المجالس للدعوة إلى الله تعالى لتحقيق قول الله تعالى: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: من الآية 164]. ولا يتحقق فينا قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم:59].
ويجب علينا عدم الاستماع لقول إبليس اللعين بأن انتظر التمكين قبل التصدر؛ والمناخ الدعوي الآن غير مناسب وانتظر الفترة القادمة.
فاعلم رحمك الله تعالى بأنه في وقت غياب العلماء أصبح واجب على طلبة العلم التصدر وتحمل المسئولية لننجو من التحذير المذكور في قول الله تعالى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد: من الآية 38].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
- التصنيف:
- المصدر: