ترويحات الامتحانات ...!
فترة زمنية مقلقة، وكابوس شبابي، وتهمم أسري، يتصدّع لأجلها المنزل، ويستنفر قواه، ويشيع الخوف والتجييش، لكأنهم مقبلون على خطر، أو سيلجون حرباً موجعة...!
- التصنيفات: التصنيف العام -
فترة زمنية مقلقة، وكابوس شبابي، وتهمم أسري، يتصدّع لأجلها المنزل، ويستنفر قواه، ويشيع الخوف والتجييش، لكأنهم مقبلون على خطر، أو سيلجون حرباً موجعة...!
وإذا حضرتِ فأنت اكبرُ غمةٍ// شتان بين مرفّهٍ ومُعاني
روحي إليك حمامةٌ مضيومة// مما اعتراها وما لها من حانِ !
إنها الامتحانات، نهاية الحصاد، وموسم الجذاذ، ومعيار الإنجاز، ومنتهى التعب والجد والاجتهاد...!
ولكربها كرب يلف بخاطري// حتى ابيت الجائع الظمآنا..!
وكثير من الطلاب لا تنشرح نفوسهم للطعام قبل لجان الامتحانات ...؟
والحق يقال، انها باتت من هواجس المجتمعات واستنفاراتها، يُعبأ الجميع، وتشحذ لها النفوس...!
ولكنها ومع محاسنها، يسقم بها كثيرون، ويتعب بها طيبون، فيشتد القلق، ويتصاعد الاكتئاب، وتشحَب الوجوه،،،،!
وللمخرج من ذلك ثمة ترويحات وردية، وتنفيسات زهرية، من الضروري تربية ابنائنا وبناتنا عليها، ليتجاوزوا ذلك القلق الدائم، وذلك الكدر الواصب...! لأن في النهاية تبقى الامتحانات قضية دنيوية، لا يصح رفعها فوق حجمها، وأن يكون تهممنا الحقيقي بالامتحان الحقيقي، والذي هو أصعب امتحان وأخطره، يوم القيامة والقارعة والتغابن والتباين...!(( ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيها )) سورة ال عمران.
والله يحسن ختامنا اجمعين....
ومن تلك الترويحات :
١/ الاعتدال النفسي : تهمما واستقبالا واعتناء، بحيث لا تجعل القضية الكبرى، ولا العنوان المصيري، لكيلا تلتهب المشاعر، وتشتد الأعصاب، وتبيت الروح في كرب ورعب، قد تورثها المواجع، وتحملها المتاعب...!
مما ينعكس سلبا على حسن التهيؤ، وطيب الاستذكار .
٢/ الانضباط الشرعي: عبادة وتذللا وحسن تدين للواحد الأحد، حيث ان مثل تلكم العبادات سلوة النفوس، وشارحة الخواطر، ومورثة المسرّات،،،.!
وهي كافية في توسيع القلب، وزحزحة الغموم والأحزان عنه، من نحو:
- قراءة القران وانشراح الصدر بالتلاوة.(( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) سورة يونس.
- الصلاة وما فيها من تكفير وتطهير، وتزكية وتنشيط.
- الدعاء وما يحمله من طاقة وعزم واصرار، تحل العوائق، وتدفع الحواجز.(( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )) سورة غافر.
- الاحسان للآخرين، وما يتضمنه من عون ومساعدة تسعد الروح، وتقوي اللحمة، وتشعرك بالمرحمة والمكرمة .(( ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة )).
- التباعد عن المعاصي، لأنها حائل دون التوفيق، وتنزع البركة من الوقت والجهد، ويحس معها المرء بالضيق والكآبة، مصداق قوله تعالى(( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا )) سورة طه .
وصح في الحديث في المسند(( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )).
٣/ النظام المقنن : استذكارا وحفظا وكتابة، وديانة وعملا وخدمة، فان الله قد أعطى كل ذي حق حقه...!
فتنظيم الوقت شكل من الوعي والحكمة، بحيث يتحقق التوازن، ويطيب العمل.
فجدول للمذاكرة قبل الدخول في اول مقرر، وجدول يومي في كل مقرر، ما بين حفظ وتلخيص وسرد عام، ومواظبة على الصلوات، وساعة طعام وارتياح.
وانتظام الصلوات اليومي، كاف في تعليمنا الجدولة والتنسيق، وترتيب الأمور، وهو من نعمة الله ورحمته.
٤/ الزميل المعين : إرفادا وأنسا ومذاكرة، بحيث يطيب الأجواء، ويخفف المعاناة، ويسهل مصاعب المقررات، ويفتح شهية الوعي والبطن، فيتم الاعتدال، ويطمس القلق..!
وكم من صديق مخلص خفف لأواء، وأزال من جفاء، وسكب بسمة وهناء، وأعلا همما، وشحذ عزائم، وفي الحديث الصحيح(( المرء على دين خليله )).
٥/ الوعي الأسري : الحاضن لكل تلك المشكلات، من خلال أبوين ناضجين كريمين، يمدان العون، ويبسطان المساعدة، ويصبّان منابع البهجة والفرح، دون ان يعكرها قلق، او يزاحمها حزن...!
فيقدران ظرفا قلقيا، وحالة كئيبة، تعكر صفو المشاعر لدى الأبناء، ولذلك ليس من الحكمة إرهاقهم بالعمل المنزلي، او التغريد خارج سربهم، بل الواجب حملان قضيتهم، والدخول معهم في جو الهم والاهتمام، وتشجيعهم التشجيع المطلق، والحفز الأكبر، ليبلغوا المعالي، ويصيبوا المراقي...
ودائما ما كنا نسمع قديما :
بقدر الكد تُكتسب المعالي...
من جد وجد ومن زرع حصد..
عند الامتحان يكرم المرء او يهان...!
وإذا ما طرأ الغم والقلق، داواهما الأبوان بعاطفة منسابة، ودعوات راويات، وكلمات مشفقات، حتى يبيت الأبناء في حديقة أسرية سارة، تنسيهم الغم والقلق..!
٦/ الخطاب الاعلامي التربوي: والذي اضحى مفقودا في بعض المجتمعات، اما بسبب مضادته لها، وسلبية رسالته الترفيهية، او بطرحه المرعب المرجف، بحيث يشحن الطلاب ويرعبهم، ولا يعزف على الوتر التربوي السديد...!
وبهذا الصدد نتمنى من وزارات الاعلام العربية، تقدير شان الامتحانات، وبث رسائل تربوية ماتعة، وتخصيص برامج او قنوات مستقلة، رسالتها التعليم، وتفهيم الطالب، والارتقاء به علما وفكرا وسلوكا وصحة...!
وليس ذلك بشاق عليهم، ان تخصص قنوات تعليمية لكل المراحل، تهتم بالبناء التربوي الصحيح، وتكف الاخرى عن مسارها المناوئ للعلم والإنسان والعقل، والله الموفق...!
د.حمزة بن فايع الفتحي