إحياء - (337) سُنَّة التذكير بيوم القيامة

منذ 2015-05-28

لا تكاد تخلو صفحة من صفحات القرآن الكريم مِن ذِكْرٍ ليوم القيامة، ليس فقط لأنه ركنٌ من أركان الإيمان ولكن لأن الناس كثيرًا ما يغفلون عنه مع إيمانهم به..

لا تكاد تخلو صفحة من صفحات القرآن الكريم مِن ذِكْرٍ ليوم القيامة، ليس فقط لأنه ركنٌ من أركان الإيمان ولكن لأن الناس كثيرًا ما يغفلون عنه مع إيمانهم به، فقد قال تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:7]، ولهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُذَكِّر المسلمين دومًا باليوم الآخر.

ولم يكن يكتفي بما يكون من تذكيرٍ أثناء الخطب والدروس، إنما كان يفعل ذلك في أثناء اليوم والليلة في كل فرصة مناسبة، ومن ذلك ما رواه الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ»".

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتحيَّن الفرص لكي يُذَكِّر الناس بيوم القيامة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ- ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [آل عمران من الآية:180]» الآيَةَ، وروى البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «..وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».

وتَعَلَّم الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم سُّنَّة التذكير بيوم القيامة، فمارسوا ذلك في حياتهم، وانشغلوا بتَذَاكُر الساعة وصفتها، فقد روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: "اطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ -فَذَكَرَ- الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ».

فلننشغل بهذا الأمر الجلل، ولْنُكْثِر من تذاكره والتذكير به، ولْنعلم أن الغفلة الحقيقية هي الغفلة عن يوم القيامة، فقد قال تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم:39].

ولا تنسوا شعارنا قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].

راغب السرجاني

أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.

  • 4
  • 0
  • 3,109
المقال السابق
(336) سُنَّة عدم الاحتجاب عن حاجة الناس
المقال التالي
(338) سُنَّة محاسبة النفس

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً