القراءة فرض
مؤمن محمد صلاح
القراءة هي الشيء الوحيد الذي يجعلك غير مضحوك عليك من أي شخص، تجعلك على وعي بما يقول فتغلب حجتك حجته دون عصبية أو تحيز، فقط من الكتاب والسنة كل ذلك لا تستطيع فعله إلا عندما تكون قارىء جيد ومستعد للهجوم من كل مريض نفسي يريد الشهرة، أو أي غرض آخر على حساب التشويه في رموز الإسلام.
- التصنيفات: تزكية النفس -
عندما يخرج علينا بعض أنصاف الرجال يطعنون في رموز الإسلام والصحابة، ويتهمهم اتهامات خطيرة ليجلب حوله بعض الشهرة أو بعض الثناء من أصحاب القلوب المريضة، لا أحزن إلا على أنفسنا ونحن واقفين مكتوفي الأيدي نشاهد في صمت وكأننا مغلوبون على أمرنا، لا نستطيع أن نفعل شيء، ولكن الحقيقة نحن مقصرون جدًا كشباب مسلم نشاهد من يسبون رموز الإسلام ونحن لا نحرك ساكنًا، بل يجب علينا الرد عن بصيرة مقنعه من الكتاب والسنة والتاريخ المؤكد الصحيح، ونصد هؤلاء المرضى ونبين للناس الحق عن علم وعن بصيرة صحيحة.
كيف نصد ونحن أمة لا تقرأ، وهو أول أمر أُمر به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه سيدنا جبريل عليه السلام، فقال له اقرأ وهنا اقرأ فعل أمر، القراءة هي الشيء الوحيد الذي يجعلك غير مضحوك عليك من أي شخص، تجعلك على وعي بما يقول فتغلب حجتك حجته دون عصبية أو تحيز، فقط من الكتاب والسنة كل ذلك لا تستطيع فعله إلا عندما تكون قارىء جيد ومستعد للهجوم من كل مريض نفسي يريد الشهرة، أو أي غرض آخر على حساب التشويه في رموز الإسلام.
قال أحد الفلاسفة: "لا تقرأ فقط لتجادل وتناقش، ولا لتؤمن أو لتجد ما تحكم به، بل لكي تزن الأمور وتميزها".
أسمع كثيرًا من أصدقائي يتحولون ويتشككون في عقائدهم وهوياتهم، ويبدأ الشك يدخل في قلوبهم بمجرد سماع بعض الملحدين وبعض المرتدين، أو حتى بعض العلمانين الذين يريدون شهرة عن طريق التشويه لرموز الإسلام، ولكن أتعجب منهم وأعذرهم لأنهم ببساطة لم يحاولوا حتى التأكد من المسموع، لا يريدون أن يتعبوا في البحث والتأكد بأنفسهم كل هذا لأنهم لا يقرؤون، وللأسف هم محاسبون ليس فقط على سوء ظنهم ولكن على تقصيرهم في البحث عن العلم.
فضلًا على أن خير جليس في الزمان كتاب، وأن القراءة تغذي العقل والقلب، وتقوي الفكر والتأمل وتزيد على التركيز والتوقع، وتزيد الفصاحة والنباهة، كل ذلك وأكثر من فوائد القراءة فالعقل في حد ذاته ينمو بكثرة القراءة، وعندما تواجهك مشكلة القراءة تجعلك تميز وتتبين من المشاكل التي أمامك لكي تعرف تحلها بسهولة، ورحم الله العقاد حينما قال: "أنا أقرأ لأني لدي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة"، وبالقراءة وحدها تستطيع أن تعرف عادات الناس في الشرق والغرب، وتجاور تاجر الهند وحكيم الصين وفيلسوف اليونان وروائي القاهرة، وطبيب لندن، ومفتي السعودية، يكفيك أن تفقه عادات القوم الآخرين دون أن تنتقل من مكانك.
هل تذكر قصة سيدنا زيد بن ثبات الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بتعلم لغة اليهود، فتعلمها في خمسة عشر يومًا؟! هل تخيلت أن إنسان عادي من البشر يتعلم لغة قوم في مدة أسبوعين فقط؟! هل سألت نفسك كيف فعل ذلك؟ كل الحكاية أنه حمل هم أمة فكانت هذه النتيجة، وأنت تستطيع فعل أكثر من ذلك إذا حملت هم الأمة.
وأرى كثيرًا من الشباب يملون القراءة سريعًا ولا يقرؤون إلا القشور، فتجد عقولهم خاليه من العلم والنضج والنصح، وتجدهم مهزومين أمام المجندين لتشويه الإسلام، قليلي العزم ضعيفي الحجة، رافعًا رايته البيضاء سريعًا، فكيف يستيطع هذا الشاب الذي يمل القراءة أن يصل إلى درجة من القراءة الممتعة، وذلك فقط عن طريق حمل هم أمة الإسلام، وعلمه أن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، وأن العلم طريق سهلًا للوصول إلى الجنة، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وكفى بالله عدلًا وكفى به وليًا
كان الشافعي رحمه الله يختم القرآن مرتين في اليوم مرةً بالنهار ومرةً بالليل، هل تخيلت كيف كان يفعل ذلك، في كم يومًا تختم أنت القرآن؟! الأمر الآن أصبح إجباريًا إذا كنت مسلمًا حقًا، تريد نصرة الدين وتريد التصدي لمن يعادي المسلمين ويشوه صورة الإسلام، لا بد من الاستعداد الصحيح على بصيرة لا بد أن ترجع إلى كتاب الله أولًا وتتدبر معانيه وتفهمه جيدًا، ثم تخوض في حفظه، ثم تبدأ بالسنة النبوية ثم التفقه في الدين بصفه عامة، وفي التاريخ الإسلامي وغيره حتى تكون مستعد جيدًا، واعلم طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأن الله يسهل طريق الجنة لمن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا.
وإلى لقاء آخر بإذن الله.