تُبْ فلَستَ بأوحَد في هذا الطريق!
أبو فهر المسلم
التَّوبة قَصّار المذنبين، وغسّال المجرمين، وقائد المحسنين، وعَطَّار المريدين، وأَنيس المشتاقين، وسائق إِلى ربّ العالمين.
- التصنيفات: التوبة -
قال الفيروز آبادي رحمه الله:
"لا تَنظر أنّك فريد في طريق التَّوبة؛ فإِنَّ أَباك آدم كان مقدَّم التَّائبين: {فتلقىءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة من الآية:37].
* والكليم موسى لم يكن له لمّا عَلاَ على الطُّور تحفةٌ غير التَّوبة: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأعراف من الآية:143].
* ثمّ إِنَّه بشَّر النَّاس بالتَّمتع من الأَعمار، واستحقاق فضل الرّءؤوف الغفَّار: {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} [هود من الآية:3].
* وأَشار صالح على قومه بالتَّوبة، وبشَّرهم بالقُرْبة والإِجابة: {ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود من الآية:61].
* وسيّد المرسلين مع الأَنصار والمهاجرين سلكوا طريق الناس: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} [التوبة من الآية:117].
* والصّدّيق الأَكبر اقتدى في التَّوبة بسائر النَّبيّين: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف من الآية:15].
* ومن توقَّف عن سلوك طريق الناس وُسِمَ جبين حاله بميسم الخائبين: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات من الآية:11].
* الرّجال لا يُقعدهم على سرير السّرور إِلاَّ التَّوبة: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} [التوبة من الآية:112].
* ولا يظنّ التوَّاب اختصاص النَّعت به؛ فهذا الوصف من جملة صفات العَلِيّ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا} [النساء من الآية:16].
* وإِذا وفَّقنا العبد للتَّوبة تارة قربناه بالحكمة: {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور من الآية:10].
* وإِذا قبلنا منه التَّوبة قرّبناه بالرّحمة: {وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة من الآية:160].
* والمؤمن إِذا تاب أَقبلنا عليه بالقبول، وتكفَّلنا له بنيل المأْمول: {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب من الآية:73].
* ومن تاب وقصد الباب، حصل له الفرج بأَفضل الأَسباب: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة من الآية:5].
*ومن أَثار غبار المعاصي، وأَتبعه برشاش النَّدم غلَّبت حكمتنا الطَّاعة على المعصية، وسُترت الزَّلَّة بالرّحمة: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة من الآية:102].
* وإِذا أَردت التَّوبة فأَنا المريد لتوبتك قبلُ: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء من الآية:27].
* وإِذا تبت بتوبتي عليك، وتوفيقي لك، جازيتك بالمحبّة: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة من الآية:222].
* وإِنا لا نقبل توبةَ مَن يؤخِّر توبتَه إِلى آخر الوقت: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء من الآية:18].
* وإِنَّما يتقبّل توبة مَن تتَّصل توبتُه بزَلَّته، وتقترن بمعصيته: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء من الآية:17].
لا تفرّ من التوبة؛ فإِنها خير لك فى الدّارين: {فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ} [التوبة من الآية:74].
* أَيظنون أَنا لا نقبل توبة المخلص من عبادنا: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [التوبة من الآية:104].
* نحن نأْخذ بيد المذنب، ونقبل باللُّطف توبته: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر من الآية:3]، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى من الآية:25].
ولهذا قيل: "التَّوبة قَصّار المذنبين، وغسّال المجرمين، وقائد المحسنين، وعَطَّار المريدين، وأَنيس المشتاقين، وسائق إِلى ربّ العالمين" (انظر: بصائر ذوي التمييز).