رسائل من غزة - (4) تظهر المقاومة بطولة فذة وتلاحمًا مثاليًا

منذ 2015-06-04

إن المقاومة لن تنهي وحدها مشروعها، ولن تنجز منفردة المهمة، إنها طليعة ورافعة، لكنها قضية أمة، لن تنجزها فئة دون بقية الأمة، فلو تركنا المقاومة فسوف تخنقها الأنظمة وتتآمر عليها وتطاردها، وتكرر تجارب الخروج من الأردن ومن لبنان، الحراك كله يسير في اتجاه واحد..

مقاومة باسلة ومتطورة ومبدعة، سياسيون يدينون لها بالفضل ويعترفون لها بالجميل، ويتحركون وفق قدراتها، والمقاومة خادمة للخط السياسي؛ فلا تورطه ولا تتقدم عليه ولا تعلم بلا حساب، شعب مقاوم يتبنى مقاومته ويعمل لها ويدفعها، الوفد المفاوض في القاهرة، بينما المقاومة تسنده وتشد من أزره، والشعب متلاحم في الشوارع ردءًا للمقاومين والمفاوضين، إعلام مشحوذ ومتلاحم وخادم، الجميع على قلب رجل واحد، هذا أمر مثالي!

لكن المشكلة ليست في هؤلاء الأبطال فقد قاموا بما عليهم -فيما نحسب-، المشكلة في البيئة المحيطة التي تمثل وعاء سياسيًا تصب فيه هذه المقاومة جهدها وتفرغها فيه، قد يحصل الفلسطينيون في هذه الجولة على مكاسب جيدة، لكن البيئة المعادية من الأنظمة والشعوب المغيبة، ستنتقل بالمقاومة إلى حصار جديد قد تخسر فيها خسائر أكبر، أو تدخل في مواجهات أشد.

إسرائيل تعمل على خطين: امتلاك القوة، وخلق بيئة قابلة لها. 
استغلت في الثانية الأنظمة الموالية للغرب والفاسدة، فتتعامل معها وتشتريها بالمال والمصالح، هذه الأنظمة تمتلك الإعلام والتعليم ومراكز الثقافة والتوجيه، ومعها نخبة من العلمانيين والملحدين والإباحيين والمتغربين، ونخبة من الفاسدين الذين وصل بهم الفساد إلى سقوط الانتماء لا إلى دين أو وطن أو قومية، أو إلى الحظيرة الإنسانية والأخلاق والمشاعر البشرية.

ومع هذه النخبة شعوب بلا مفهوم واضح محدد وصحيح عن الإسلام، وقد أفسدها الذل والاستبداد، وأصبحت مستخفة في وعيها وعقلها وشخصياتها الناتجة من الاستبداد؛ يوجهها أي طاغية أو إعلامي أو دجال إلى حيث يريد، فيمكن في لحظة أن تعادي دينها أو قومها أو مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي من أجل أغنية! بل قد تعادي نفسها وأبناءها من أجل كذبة متناقضة لا تروج على طفل..

هذه البيئة هي حاضنة إسرائيل التي تتمدد فيها وتعيش وتترعرع كالجراثيم التي تنمو على الميتات والمزابل..
لكن ثمة شرفاء في هذه الشعوب هم الذين يمسكون بها ويمنعونها من الانهيار، يبقى عليهم وعلى كاهلهم واجب التوعية والتوجيه لهذه الشعوب، التي يجب أن تفرز الأنظمة التي تمثلها وتمثل هويتها ومستقبلها ومصالحها.

إن كل رجل أو امرأة أيد الانقلاب العلماني العسكري المعادي للأمة والموالي لإسرائيل وأمريكا، كل منهم هو بيئة لإسرائيل وحربة ضد دينه، وسهم ضد بلاده ومعاون للفساد وخانق للمقاومة.

إن المقاومة لن تنهي وحدها مشروعها، ولن تنجز منفردة المهمة، إنها طليعة ورافعة، لكنها قضية أمة، لن تنجزها فئة دون بقية الأمة، فلو تركنا المقاومة فسوف تخنقها الأنظمة وتتآمر عليها وتطاردها، وتكرر تجارب الخروج من الأردن ومن لبنان، الحراك كله يسير في اتجاه واحد.. 

التحرر في بلادنا هو نجاح للمقاومة في مجالات التماس المباشر مع العدو، الحرية هنا والتخلص من حكم العسكر، وإقام الدين واحترام الهوية الإسلامية، والإصلاح الاقتصادي وامتلاك القوة والتكنولوجيا، وتقدم بلادنا هو نجاح للمقاومة حيث كانت، وإفشال للمشروع الصليبي الصهيوني الاستعماري منذ قرنين..

خطوات شرفاء الميادين في مصر، وخطوات المقاومة في فلسطين، وجهاد الثورة في سوريا والعراق وليبيا، كل في نفس الاتجاه. فاللهم انصر دينك وكتابك وعبادك المؤمنين.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 1,592
المقال السابق
(3) ظاهرة أبي عبيدة
المقال التالي
(5) الوحدة أساس العمل المقاوم والنضالي في الإسلام

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً