(5) هاملت والدعوة إلى الله!
غادة النادي
نعم أنا أتغير.. كلما اكتشفت أدواء نفسي -هواها، وعيوبها، وضعفها- فواجهتها، خالفتها وأرغمتها كرهًا على الانصياع للحق، ولأوامر الله، وكلما عرفت أن الوصول إلى الله (إلى الحق، إلى الفلاح) لن يكون إلا حينما أصارع أمواج البحر العتي! بحر نفسي أولًا، ثم بحر الحياة والناس!
- التصنيفات: الدعوة إلى الله -
- في رحلتك إلى الله: القراءة، في كل شيء مُباح، تقطع عنك مسافات وحُجب، وأستار وأسرار..
- قافلتنا الدعوية طريقها طويل، لا مانع من أن يصحبني نص مسرحية (هاملت) لشكسبير..!
أليس المصحف، بعض الأوراد بعض كتب السيرة، أو التاريخ أفضل؟!
يقينا هم أفضل، بل الأفضل على الإطلاق.. فلماذا هاملت؟!
- في طريق الدعوة -تمامًا كما في طريقك أنت نحو الهداية وتزكية النفس- لا بد أن تُتقن الغوص في أغوار نفسك أولاً، ثم النفوس البشرية، وبقدر إتقانك لأنماط النفس المختلفة وتقلباتها، وأسئلتها وصراعها، بقدر سهولة وصولك للهدف..
(هاملت) هو النموذج المسرحي الفريد الذي قدم لنا صورة: "النفس المُترددة" في أوج صراعها، وفشلها (أكون، أو لا أكون، هذه هي المتاهة، هل أصارع أمواج البحر العتي، أم أقف آمنا على الشاطىء الهادىء؟ هل أموت؟ هل أنام؟ هل أواجه؟).
في أبحاثي عن شكسبير أكرر دومًا أن شهرته لم تنبع سوى من هذا (المشرط الدقيق جدًا)، الذي (يُشرح به النفس البشرية تشريحا مُتقنًا) فيكشف ما بها من خلل وضعف، وصراع وزلل..
نفسية هاملت هي: "النفس" التي تعرف دورها، هدفها، إلا أنها اختارت (التكاسل، والتردد، والصراع)، فخسر كل شيء! الأم، والحبيبة، والصديق المُقرب، ثم قُتل هو في النهاية! تمامًا كالإنسان الذي يعرف بفطرته وضميره: إنه ما خُلق في هذا الكون سُدى، وأن لهذا الكون إله واحد، إلا أن نفسه التي أستعبدها (التكاسل، والتردد، والصراع، والهروب) أهلكته!
نعم أنا أتغير.. كلما اكتشفت أدواء نفسي -هواها، وعيوبها، وضعفها- فواجهتها، خالفتها وأرغمتها كرهًا على الانصياع للحق، ولأوامر الله، وكلما عرفت أن الوصول إلى الله (إلى الحق، إلى الفلاح) لن يكون إلا حينما أصارع أمواج البحر العتي! بحر نفسي أولًا، ثم بحر الحياة والناس!