تعظيم الأهلّة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}، قال بن كثير رحمه الله تعالى : قال العوفي عن ابن عباس : سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة، فنزلت هذه الآية : {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس} [الحج]، يعلمون بها حل دينهم، وعدة نسائهم، ووقت حجهم.
- التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد: فيقول الله تبارك وتعالى {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}.
قال بن كثير رحمه الله تعالى : قال العوفي عن ابن عباس : سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة، فنزلت هذه الآية : {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس} [الحج]، يعلمون بها حل دينهم، وعدة نسائهم، ووقت حجهم.
وقال أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: بلغنا أنهم قالوا: يا رسول الله، لم خلقت الأهلة ؟ فأنزل الله {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس} يقول : جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم، وعدة نسائهم، ومحل دينهم.
وكذا روي عن عطاء، والضحاك، وقتادة، والسدي، والربيع بن أنس، نحو ذلك.
وقال عبد الرزاق، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ».
ورواه الحاكم في مستدركه، من حديث ابن أبي رواد، به. وقال : كان ثقة عابدا مجتهدا شريف النسب، فهو صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال محمد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ». وكذا روي من حديث أبي هريرة، ومن كلام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
وسئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى عن معنى الآية فقال : (يسألون عن الحكمة فيها، يسأل الناس عن الحكمة لماذا وجدت الأهلة؟ فأخبرهم جل وعلا أنها مواقيت للناس والحج، مواقيت يعرف بها الناس السنين والأعوام والحج هذه من الحكمة في خلقها، إذا هل الهلال عرف الناس دخول الشهر وخروج الشهر فإذا كمل اثنا عشر شهراً مضت السنة، وهكذا، ويعرف الناس بذلك حجهم وصومهم ومواقيت ديونهم وعدد نسائهم وغير ذلك من مصالحهم.) - مجموع فتاوى و مقالات متنوعة الجزء الخامس عشر.
فيظهر أن تعظيم الأهلة كونها مواقيت وأن الله تعالى حين خلقها جعل لها هذه المنزلة الرفيعة مكاناً وقدراً.
غير خاف على الجميع أن دخول الشهر وخروجه متعلق به أمر شرعي ليس لأحد فيه اجتهاد أو رأي خصوصاً ونحن في بلد قائم على الشريعة منذ القدم قال تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا} وقد قال صلى الله عليه وسلم « » فالترائي والرصد سواء بالعين المجردة أو عبر الأجهزة والتأكد من ذلك وإثباته، أمر أوكله ولي الأمر للثقات العدول وجهات مختصة، من لمزهم أو غمزهم أو استنقص من قدرهم والذي قد يصل به الأمر حدود السخرية من الشعائر فإنه لن يضر إلا نفسه وهو كمن يبصق على الثريا فما يلبث أن يعود بصاقه على أنفه وجبهته !!
ومما يشار إليه في هذا الموضوع مايتداوله كثير من الناس قبيل رؤية الهلال في أول الشهر أو نهايته من رسائل وتعليقات ساذجة سخيفة.
قاتل الله الجهل وأهله ، هل أصبحت شعائر ديننا محل استهزاء واستخفاف ، كمن يصف لجان الترائي سواء الإخوة الذين يرصدون بالعين المجردة أو الإخوة الذين يرصدون عبر الأجهزة من علماء الفلك والاستعداد لها كمن يستعد لمباراة كرة وغيرها، بل تداول وكتب الجهلة رسومات وتصاميم على هيئة تنافس كروي ودوريات وغيرها ..
ألا فليتق الله كل من كتب أو رسم أو ساهم بأي جزء في نشر مثل هذا وليخشوا على دينهم وليتوبوا إلى الله ويستغفروه.
وهكذا فشعائر ديننا وثوابتنا خط أحمر يجب الوقوف دونه وعدم تجاوزه وأن نقول (سمعنا وأطعنا) ولانجادل عندما يتضح لنا الحق من الباطل وننتصر لأهوائنا.
فلا يجوز لأي أحد أن يستهزيء بهذا الأمر سواء كان جاداً أو مازحاً {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لا تَعْتَذِرُواقَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ولايجوز أن يتناقل ذلك حتى للتحذير من أراد أن يحذر فلايرسل بل يكتب التحذير والتخويف من مغبة الانجراف في هذا المنزلق الخطير نسأل الله تعالى للجميع الهداية .. وإن الواجب علينا جميعا التعاون والتكاتف والتواصل للقضاء على مثل هذه الظواهر الغريبة على مجتمعنا، وكذلك ينبغي التواصل مع أهل العلم لإيضاح الموقف الشرعي بحزم ووضوح لئلا يقع الناس في مايخل بدينهم وهم لايشعرون.
وقد أوضح سماحة مفتي عام المملكة فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ هذا الأمر في مقابلة مع صحيفة الجزيرة هذا نصه : بعد تفشي المزاح برؤية الهلال عبر النقال المفتي لـ« الجزيرة»:رؤية الهلال من شعائر الدين ولا يجوز الاستهزاء بها.
* الرياض - وهيب الوهيبي: استنكر سماحة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء انتشار رسائل الهاتف النقال التي تحمل رسائل فيها استخفاف بثبوت دخول شهر رمضان المبارك.وقال سماحته في حديثه ل«الجزيرة» إنه غير خاف على الجميع ان تحري رؤية الهلال وإثبات دخول الشهر به هو أمر شرعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته).. الحديث.وشدد سماحته ان الاستخفاف بعبادة التحري لرؤية الهلال وإثبات دخول الشهر برؤيته أمر خطير جداً والواجب حفظ اللسان والبنان من الدخول في هذه الأمور ولا يقل أحد أني أمزح فهذا أمر شرعي لا يسوغ المزاح به ولا الاستهزاء منه {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} مشيراً سماحته إلى ان شعائر الدين لا يجوز الاستهزاء بها لا جاداً ولا مازحاً ولما كان هذا الأمر ظاهراً رأينا التحذير منه.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى من صالح الأقوال والأعمال ويصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان.
عبد الله بن سليمان الوكيّل