أي بشر يتحمل حصار غزة؟!

منذ 2008-12-14

تزداد معاناة المحاصرين في قطاع غزة في فلسطين المحتلة يوما بعد يوم وسط سكوت عالمي.. وصمت غربي.. وتفرج عربي.. وشماتة مدعي التقدمية.. ووجوم منظمة التحرير ....

تزداد معاناة المحاصرين في قطاع غزة في فلسطين المحتلة يوما بعد يوم وسط سكوت عالمي.. وصمت غربي.. وتفرج عربي.. وشماتة مدعي التقدمية.. ووجوم منظمة التحرير، والضحية شعب فلسطين الأعزل المحاصر اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وغذائيا وصحيا، وأكثر الضحايا هم «الأطفال»!

ان المطلع على حقائق ذلك الحصار وآثاره ليتفطر قلبه من النتائج، وبنظرة أولية فقد خلف الحصار خسائر مالية مباشرة فاقت 750 مليون دولار، وأكثر من 140 ألف عامل تعطلوا عن العمل جراء اغلاق المعابر، و%80 يعيشون تحت خط الفقر، و%60 من أطفال غزة مصابون بأمراض سوء التغذية وفقر الدم، وأكثر من ثلث ضحايا الحصار هم من الأطفال!

ليس ذاك فقط، فقد بلغ عدد آبار المياه المتوقفة في غزة عشرة آبار، والباقي مهدد بالتوقف، واجمالي آبار المياه تعمل بستين بالمائة من الوقت ومتوقفة أربعين بالمائة. أما محطة توليد الكهرباء فهي متوقفة بشكل كامل، ولنقص الوقود أغلق ثلاثون مخبزاً أبوابه، فضلا عن مخزون الدقيق الذي لن يكفي القطاع سوى أيام معدودة! والأسوأ من ذلك أن %40 من الأدوية الأساسية رصيدها صفر، والمستهلكات الطبية %80 رصيدها صفر!

انها ليست أزمة واحدة بل سلسلة أزمات انسانية بسبب الحصار القائم، وقبلها اجرامية الكيان الصهيوني، فالمعابر التجارية ومنذ الحصار المشدد الذي فرض على غزة منذ 2007/6/14م مغلقة بشكل عام، وما يدخل منها من احتياجات المواطنين تتراوح نسبته من %10 الى %15 من احتياجات قطاع غزة والتي تقدر ب 600 شاحنة يومية، ومنذ 2008/11/4م أغلقت المعابر تماما!

ومع اغلاق المعابر توقف دخول الوقود الذي كان يورد عبر معبر «ناحال عوز» لمحطة توليد الكهرباء والاستخدامات المنزلية والصناعية والعامة، حتى نفد المخزون!

ومع نفاد الوقود توقف عمل محطة كهرباء غزة، والتي كانت تعمل بـ %50 من طاقتها الانتاجية بسبب القصف الذي تعرضت له المحطة ومنع دخول محولات بديلة منذ عامين حتى الآن.

أما القطاع الصحي فالأدوية الأساسية تعاني من نقص أكثر من %40 من الأصناف، وخاصة لمرضى ارتفاع ضغط الدم والقلب والربو والسكري والأمراض المزمنة الأخرى، الى جانب نقص الأدوية المكملة وخاصة لمرض السرطان والفشل الكلوي والكبدي. فضلا عن تعطل الأجهزة الفنية وغرف العناية المركزة!

ويبقى الغذاء ومشكلة البقاء أو الفناء، فأزمة الدقيق والمخابز تتفاقم حيث يعمل في غزة 47 مخبزا لانتاج الخبز، أغلق30 مخبزا منها أبوابه لعدم توفر الكهرباء أو الوقود.علما بأن غزة تحتاج الى 450 طن دقيق للمخابز للمنازل.

أما نقص السلع فهي أزمة قادمة، فأهم السلع التي توشك على النفاد من الأسواق: حليب الأطفال والدقيق والأرز والبقوليات والزيوت والمجمدات والألبان واللحوم الطازجة والمواد الخام للصناعات المعدنية والبلاستيكية والكيمائية والانشائية والورقية ومواد التغليف، الى جانب الأدوات الكهربائية وأدوات الصرف الصحي وقطع غيار سيارات وزيوت سيارات.

وهنالك نقص خطير في كمية الأعلاف نتيجة لاغلاق المعابر، حيث تقدر كمية الاحتياجات اليومية من الأعلاف بـ 150 طناً، لم يدخل منها أي كمية تذكر منذ عدة أسابيع مما أدى الى اعدام مابين 700 ألف الى مليون فرخ دجاج (صوص)، وخسائر %10 الى %20 من الثروة الحيوانية نتيجة نقص اللقاحات والأمصال وانتشار بعض الامراض ونقص الأعلاف.

ولم يسلم قطاع المياه والصرف الصحي من آثار الحصار، فمادة الكلور التي تستخدم في تعقيم مياه الشرب شبه مفقودة، وعدم ضخ مادة الكلور في آبار المياه يعني زيادة التلوث البكتيري في مياه الشرب وهذا يحدث مشاكل صحية كبيرة، علما بأن عدد آبار المياه في غزة تصل الى 145بئرا، ويبلغ استهلاك قطاع غزة يومياً 220 ألف لتر مكعب من المياه.

أما محطات معالجة الصرف الصحي فهي متوقفة تماما عن العمل بسبب قطع الكهرباء وعدم توفر الديزل، حيث تضخ يوميا 77 مليون لتر من مياه الصرف الصحي في البحر، دون معالجة مما يسبب كوارث بيئية وتلوثاً خطيراً للبحر.

والأخطر من ذلك عندما تتوقف محطات ضخ المجاري عن العمل بسبب عدم توفر كميات الديزل اللازمة سينتج عنها حدوث طفح في الشوارع وستغرق مناطق بأكملها في مياه المجاري!

ونتيجة لاغلاق المعابر توقف كل المساعدات سواء لوكالة الغوث أو لمنظمات انسانية فلسطينية وعربية واسلامية ودولية، ويبلغ عدد المتضررين مليون شخص، من ضمنهم 750 ألفاً من اللاجئين يتلقون المساعدات من وكالة الغوث ويعيشون عليها فقط، بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، وقد توقفت هذه المساعدات الغذائية منذ نوفمبر الماضي!

فهل بعد ذلك تفكير في حجم المأساة أو تردد في تقديم المساعدة ؟! بل قد آن الأوان للمسارعة باغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج كما أوصانا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتجاوز الشخصانية والهوى والارتقاء فوق الجراح، فانها والله لعمري هي الرجولة والمروءة والعقل الراشد ما دام همنا رضا الله عز وجل.

 

من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه.

 

د . عصام الفليج

المصدر: الوطن الكويتية
  • 0
  • 0
  • 5,214

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً