استقبال رمضان
كان السلف يسألون الله أن يبلغهم رمضان قبل أشهر من قدومه، وكانوا يسألون الله أن يتقبله أشهراً بعد رحيله فإلى الله نشكو ما وصل إليه الحال في هذا الزمن؟!
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
مرحباً بضيفٍ طال انتظاره، وانقطعت عنا أخباره.
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام *** يا حبيباً زارنا في كل عام
كيف نستقبل هذا الشهر الكريم؟
هذا الشهر فرضه الله علينا لتطهير النفوس وتزكيتها، والقرب منه عز وجل، وهذا ما ذكره القرآن بلفظ التقوى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة من الآية:183]
فكيف تفعل مع هذا الضيف الزائر؟
ألا تعلم أنه عن قريب سيرحل عنا! وربما لا ندركه عاماً آخر؟! فلا بد من استقباله استقبالاً يُرضي من أتى به إلينا، ومن فرضه علينا، ومن قلّب الأيام وسيَّرها حتى وفد علينا ذلك الضيف؟!
نستقبل رمضان بالآتي:
1. أن نعزم عزماً قوياً على استغلال لحظاته في طاعة الله عز وجل.
2. أن نفرح بقدومه ولا نستثقله، وأن نستشعر فيه القرب من الله، وتزكية النفس، ونماء الإيمان، بعد ضعفه سائر العام؛ بسبب الملهيات والمغريات والعلائق وغير ذلك.
3. أن نحاول تخفيف الأعمال الشاقة فيه، حتى نتمكن من كثرة التعبد والقرب من الله، وذلك بتخفيف أوقات الدوام في العمل.
4. التوبة إلى الله، والعزم على الاستمرار عليها سائر العمر؛ لأن العبادة وقراءة القرآن وترك المعاصي لا تقتصر على شهر رمضان، كما يفعل كثير من الناس! فإذا خرج الشهر عادوا إلى ما كانوا عليه من المعاصي.
5. ألا نكثر من المأكولات والمشروبات في ليالي الشهر؛ لأن كثرة ذلك يثقل البطن، ويتعب الجسد، ولا يعين على القيام والعمل.
وكثير من الناس يستقبلون رمضان بتجهيز الوجبات الكثيرة، وإرهاق النساء في المطابخ من أول النهار، فتضيع أعز الأيام على النساء في مطابخهن، ويظل الرجل طول النهار نائماً ينتظر قدوم الليل، حتى يلتهم كل تلك المأكولات، والمقصود: الاقتصاد وعدم التكلف، وعدم إضاعة أنفس الأوقات، ولحظات العمر، وكان بالإمكان أن نأكل الموجود، كما نأكل في بقية العام.
كان السلف يسألون الله أن يبلغهم رمضان قبل أشهر من قدومه، وكانوا يسألون الله أن يتقبله أشهراً بعد رحيله فإلى الله نشكوا ما وصل إليه الحال في هذا الزمن؟!
فيا معشر المسلمين اتقوا الله! وحافظوا على الأعمال، واغتنموا الفرص والنفحات الإلهية، فإنه يوشك أن لا تبلغوها مرة ثانية، يا ويح من فرط في جنب الله، يا حسرتاه على الأيام كيف تمضي بنا إلى مصيرنا ونحن غافلون؟!
استعدْ لهذا الشهر، وحافظ على أيامه، واعزم على أن تكون بإذن الله من المقبولين، والعتقاء من النار، وذلك بعملك الصالح وإخلاصك لله. قبل أن تقول: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ . أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر:56-57].
اللهم بلغنا رمضان، وأعنا على الصيام والقيام، وتقبل منا ذلك، يا أرحم الراحمين.