رهان نصر الله الفاشل على الأسد
"لو كان الأمر ممكنا، لعاد الأمين العام لحزب الله 15 عامًا إلى الوراء، إلى لحظات المجد، عندما أضفى عليه العالم العربي مجد المنتصرين وسجد لبنان كله أمامه. آنذاك، حين انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، تحول نصر الله، بين ليلة وضحاها، تقريبا، إلى بطل في العالم العربي- وبالتأكيد في لبنان.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
آفي سخاروف/ موقع "واللا"
"لو كان الأمر ممكنا، لعاد الأمين العام لحزب الله 15 عامًا إلى الوراء، إلى لحظات المجد، عندما أضفى عليه العالم العربي مجد المنتصرين وسجد لبنان كله أمامه. آنذاك، حين انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، تحول نصر الله، بين ليلة وضحاها، تقريبا، إلى بطل في العالم العربي- وبالتأكيد في لبنان.
لكن أمور كثيرة حدثت منذ ذلك الوقت، فحرب لبنان الثانية انتهت بفشله (رغم ادعاءات حزب الله في البداية بأنه انتصر)، والربيع العربي حمل معه الحرب الأهلية في سوريا، والتي تدخل فيها حزب الله، ومثلما جرى في مايو عاممايو عام 2000، تحوّل نصر الله بين ليلة وضحاها من عزيز الأمة إلى عدو الشعب العربي. إلى جانب ذلك، تحوّل الأمين العام لحزب الله إلى أداة في أيدي الإيرانيين في حربهم ضد السنة – وبعد مرور 15 عامًا على "الانتصار" على العدو الصهيوني، يجد نصر الله نفسه يحارب عدو آخر، مختلف تمامًا، سني، فيما بقيت الحكومة الصهيونية، مجرد خلفية للصراع بين السنة والشيعة، والأسوأ بالنسبة لنصر الله، أن بقاء حليفه الأهم في الحرب ضد الكيان الصهيوني وضد السنة، الرئيس السوري بشار الأسد، أصبح محل شك أكثر من أي وقت مضى.
أزمة الثرثرة الأخيرة التي يمر بها نصر الله يجب أن لا تفاجئ أحد. فقد شهدنا في أكثر من مرة، خلال السنوات الأخيرة، موجات خطابات زعيم التنظيم الشيعي، وبالأساس في ساعات ضائقته أمام الساحة الداخلية العربية واللبنانية. وهذا الأسبوع لم تختلف اللهجة، ففي كلا خطابيه خلال 48 ساعة ("يوم الجريح", والذكرى السنوية لانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان)، كرر نصر الله أقواله التي قيلت في عدد لا يحصى من المرات، في السنوات الأخيرة:" إسرائيل تعرف قوتنا، ويمكننا ضربها والخ..."
لكن المضمون الحقيقي لتصريحات نصر الله، (حتى إذا أخذنا بعين الاعتبار التقرير الذي نشرته صحيفة السفير حول شبكة الأنفاق التابعة لحزب الله في جنوب لبنان)، تطرق إلى الحرب في سوريا، حيثُ قام نصر الله بتوجيه أكثر من تلميح واضح إلى اللبنانيين، وبالأساس إلى الشيعة في لبنان، بأن التنظيم ينوي تعزيز تدخله خلال الفترة القريبة في سوريا. "إنها حرب وجود"، أوضح وأشار إلى أنّ حزب الله سيعلن حالة التجنيد العام، رغم أنه من غير الواضح أين وفي صفوف من (التنظيم الشيعي لا يستطيع أن يلزم أحد بالتجنيد الإلزامي في لبنان).
وفي السطر الأخير، فإنّ مراهنة حزب الله على الأسد (كنتيجة للضغط الإيراني الموجه إلى النائب العام لحزب الله)، لا تجني ثمارها، بل على العكس. فالحرب في سوريا تتزايد تعقيدا، ونظام الأسد يتأرجح، ولا يجري الحديث فقط عن احتلال داعش لتدمر، رغم أن الصحافة الغربية انجرفت في أعقاب هذا النجاح المحلي، وفي أعقاب الإعلان المدوي لإحدى منظمات حقوق الإنسان بأنّ 50% من مساحة سوريا باتت تحت سيطرة داعش. هذا عنوان مُفجر، مخيف، وتمّ تضخيمه بهدف الضغط على التحالف الدولي كي يعمل بقوة اكبر ضد داعش. فالجزء الأكبر من هذه المساحة هو أصلاً صحراء، ليس فيها أي قوّة عسكرية.
المشكلة الحقيقية بالنسبة لحزب الله والأسد هي التنظيمات والقوى التي تحالفت مؤخرًا، عدا داعش، لمحاربة قوات الرئيس السوري في جسر الشاغور، وادلب وحمص، وهي الأماكن التي نجح فيها الأسد بالصمود، على الأقل حتى الآن. وفي المقابل نجحت داعش أيضًا بقصف دمشق وضواحيها، بل تعرّض قصر الرئاسة أيضا إلى النار. وفي الجولان، تسيطر المعارضة السورية (العلمانية وجبهة النصرة – بدون داعش)، منذ أشهر طويلة، ومن غير الواضح كم من الوقت سينجح الجيش السوري بالصمود.
وبدون أي مفر، يضطر نصر الله إلى إرسال الآلاف من رجاله إلى سوريا "لإنقاذ العريف بشار"، وسيكون لمثل هذه الخطوة تأثير على المنطقة الداخلية اللبنانية – وعلى عدد أبناء الطائفة الشيعية الذين سيعودون بالتوابيت إلى بيوتهم، وعلى مكانة التنظيم في الدولة. وفي المقابل، سيضطر نصر الله، وبصورة جزئية إلى المس باستعداداته لمواجهة محتملة مع الكيان الصهيوني. لكن مع كل الاحترام لليهود (وليس هناك كثير من هذا الاحترام في حالة نصر الله)، فإنهم يستطيعون الانتظار. أولاً، لأنّه سيضطر إلى معالجة ضوائقه الحقيقية– السنة المتطرفين في تنظيم داعش، وجبهة النصرة.
مجلة البيان