ثمانية مؤكدات لأمر واحد!
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
إذا تعددت المؤكدات على أمر إلهي، فاعلم أنه من أكد الأمور وأنفعها في الدنيا والآخرة، وأن الإعراض عنه من أشئم الأمور وأقبحها في الدنيا والآخرة، ومن أكثر الأوامر الإلهية الواردة في النصوص الشرعية التي سبقت بعدة مؤكدات، هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].
أما المؤكدات فهي:
1- الجملة الخبرية التي سبقت الأمر {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}
2- نون التوكيد الثقيلة {إِنَّ}.
3- صيغة المضارعة {يُصَلُّونَ} والتي تفيد الاستمرارية والمداومة.
4- نون التوكيد الخفيفة {يُصَلُّونَ}.
5- صيغة النداء {يَا أَيُّهَا}، لزيادة الانتباه.
6- تكرار الفعل {يُصَلُّونَ}، {صَلُّوا}.
7- تكرار السلام أيضًا {وَسَلِّمُوا}، {تَسْلِيمًا}.
8- وأكد من ذلك كله هو فعل الله وملائكته.
إن أمر بهذه المؤكدات كلها، وزيادة عليه أخبار الله تعالى عن مداومته له هو وملائكته لهو من الأهمية بمكان، بحيث تعجز العقول عن استطراد فوائده ومنافعة في الدنيا والآخرة، فالناس مغرون بتقليد ما يعظم في نفوسهم، ولا أعظم ولا أدعى للتقليد والاتباع ممن لا ينطق عن الهوى، الذي في تقليده واتباع سنته الخير للبشرية جميعها، شهد بها القاصي والداني صلى الله عليه وسلم.
يقول برنارد شو:
"إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًا خلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة -يعني أوروبا-.
إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها".
- التصنيف: