خطوات في التربية - (40) العلم قبل الطريق (9)
قال أبو حامد الغزالي: "أكثر الناس شكًا عند الموت أهل الكلام".
الحذر من مخالفة سبيل الأولين، التحذير من المتكلمين..
مما يجب أن يحذره السالك لربه تعالى سبيل المتكلمين، والمناطقة والفلاسفة الذين أوغلوا في هذا الباب؛ حيث وضعوا قوانين صريحة في باب العقائد والإلهيات، وطلب اليقين مخالفة لما كان عليه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ومخالفة للعلم الضروري..
ذلك أنهم زعموا أن مسلك الصحابة والتابعين أسلم، ومذهب المتأخرين أعلم، وهذا خطأ وكذب؛ فقد سبق الأولون بصحة العلم وكمال إرادة الخير، وإرادة البلاغ، والقدرة على البلاغ كذلك، ولن يأتي الآخرون بخير مما جاء به المتقدمون..
وافقوا الفلاسفة والمناطقة، ولم يميزوا بين صوابهم وخطئهم، فأتعبوا أنفسهم في بضاعة مزجاة، والتزموا لوازم فاسدة اضطروا معها إلى جحد بعض الحق، فاستطال عليهم هؤلاء، وبقوا في حيرة واضطراب، واعترفوا أنهم في شك وحيرة حتى قال الرازي:
نهاية إقدام العقول عقال *** وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا *** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وقال أبو حامد الغزالي: "أكثر الناس شكًا عند الموت أهل الكلام".
وتركوا العلم الضروري وبما ركز تعالى في الفطرة من العلوم، واتجهوا إلى منطق (أرسطو وقواعد أفلاطون)، وهم يعترفون أن هذه العلوم لم تكن على عهد الأولين، وأنه يمكن الاستغناء عنها، وهي فرّقت بين الأمة وأكثر الاختلاف، وهؤلاء المتكلمون أكثر الناس اختلافًا وتفرقًا وتشعبًا، وقد عافى الله الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الهدى المتبعين للسنة، لم يختلفوا في الأصول بل تلقوا عن رسول الله والصحابة والتابعين اعتقادهم، وثبتوا عليه فتآلفت قلوبهم وحفظوا الخير للأمة..
يتبع إن شاء الله تعالى..
- التصنيف: