بُشرَى الرحمن لأهل الجهاد والإيمان
أبو فهر المسلم
لا تَشغلوا أنفسَكم بالطاغوت وبَطشه وانتقامه وبأسِه، وخُطَطه ومَكرِه، فسَيفُه ماضٍ ولن يَكلّ أو يَملّ، ولكن اشغلُوا أنفسَكم بما طُلِب منكم، وما شرَطه اللهُ عليكم ليَنصركم، وليُمكّن لكم، واصبِروا وصابِروا ورابِطوا واتقوا الله؛ فحَريٌّ أن يُفتَح لكم ويُهلِك اللهُ عدوّكم ويُذهِب غيظ قلوبكم، ويُمكّن لكم، ويكون الدّينُ كلّه لله..
- التصنيفات: فقه الجهاد -
قال ابن القيّم رحمه الله:
"إن الله سبحانه إذا أراد أن يُهلك أعداءَه ويَمحَقهم؛ قيّض لهم الأسبابَ، التي يَستوجبون بها هلاكَهم ومَحقهم، ومِن أعظمها بعد كُفرهم بَغيُهم وطغيانُهم، ومبالغتُهم في أذى أوليائه، ومحاربتِهم وقتالِهم، والتسلّط عليهم، فيتمحَّص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب مَحقهم وهلاكِهم..
وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَالله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ} [آل عمران:139-141].
فما بالكُم تَهنون وتَضعفون عند القرح والألم؟ فقد أصابهم ذلك في سبيل الشيطان، وأنتم أُصِبتم في سبيلي وابتغاء مرضاتي" (انظر: زاد المعاد).
قلتُ:
وهذه سُنة الله تعالى منذ قامت الدنيا إلى أن تُطوى الأرض، ويُعيدها سبحانه كما بَدأها!
فهُما مرحلتان لهلاك الطُّغاة لا أكثر، ثم يكون أخْذُ القويّ المتين، كما أشار إلى ذلك في قوله:
{الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:11-14].
فلا تَشغلوا أنفسَكم بالطاغوت وبَطشه وانتقامه وبأسِه، وخُطَطه ومَكرِه، فسَيفُه ماضٍ ولن يَكلّ أو يَملّ، ولكن اشغلُوا أنفسَكم بما طُلِب منكم، وما شرَطه اللهُ عليكم ليَنصركم، وليُمكّن لكم، واصبِروا وصابِروا ورابِطوا واتقوا الله؛ فحَريٌّ أن يُفتَح لكم ويُهلِك اللهُ عدوّكم ويُذهِب غيظ قلوبكم، ويُمكّن لكم، ويكون الدّينُ كلّه لله، وإلَّا تفعلوا ففتنةٌ في الأرض، وضياعٌ للحقّ، وفسادٌ كبير، فكُونوا أهلًا لنَصرِه يتنزَّل عليكم من السماء لتَوّه.