روسيا وإيران – الاتفاقية لا يتوقف على الصواريخ !
إننا كما يبدو نشهد عودة إلى فيلم قديم يدعى: "المنافسة بين الدول العظمى للسيطرة على الشرق الأوسط". فالاتفاق على بيع صواريخ من طراز S-300 من قبل روسيا لإيران، والذي احتل جميع العناوين، الاسبوع الماضي، كاستمرار للاتفاق بين إيران والدول العظمى، يثير قلقا ليس فقط بسبب تقويضه للاستقرار في المنطقة، كما قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ذلك إن هذه الاتفاقية يمكن أن تشير إلى إعادة تحويل الشرق الأوسط إلى حلبة للصراع السياسي بما في ذلك بين الولايات المتحدة وروسيا.
إننا كما يبدو نشهد عودة إلى فيلم قديم يدعى: "المنافسة بين الدول العظمى للسيطرة على الشرق الأوسط". فالاتفاق على بيع صواريخ من طراز S-300 من قبل روسيا لإيران، والذي احتل جميع العناوين، الاسبوع الماضي، كاستمرار للاتفاق بين إيران والدول العظمى، يثير قلقا ليس فقط بسبب تقويضه للاستقرار في المنطقة، كما قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ذلك إن هذه الاتفاقية يمكن أن تشير إلى إعادة تحويل الشرق الأوسط إلى حلبة للصراع السياسي بما في ذلك بين الولايات المتحدة وروسيا.
صحيح أن هذا الصراع قائم أصلا بدرجة معينة بسبب دعم موسكو للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، والدعم الجزئي للولايات المتحدة للمعارضين لنظام الأسد، لكن هذه المواجهة تعتبر خاضعة للسيطرة، ذلك أن الدعم الروسي للأسد أو دعم الولايات المتحدة للمعارضين يتم بالحجم الذي يمكنهما تقديمه لو شاءتا ذلك فعلا. لكن الصواريخ المضادة للطائرات هي قصة مختلفة، وتشكل دليلا على مواجهة عالمية ستتسع بين الدولتين العظميين في مجالات مختلفة وفي مناطق مختلفة، مثلاً في الشأن الأوكراني، تبدو موسكو وكأنها تقول لواشنطن: "انتم تتدخلون في ساحتنا الخلفية، شرق أوروبا؟ ونحن سنتدخل في ساحتكم الخلفية – الشرق الأوسط".
أما الكيان الصهيوني فغير معني بأن يتحول من جديد إلى مركز في هذه النزاعات. بالنسبة للسوفييت لم ينبع دعمهم للعالم العربي، بما في ذلك الفلسطينيين، عن اعتبارات جيوسياسية فقط، وإنما من كراهية عميقة للصهيونية التي رأى فيها ستالين عدوا للشيوعية. لقد زود السوفييت في حينه الأسلحة والتدريب لمصر وسوريا، بحجم كبير. وفي الوقت نفسه دربوا الفلسطينيين. واستغل تسليح الدول العربية كتمهيد وتعميق للعلاقات الدبلوماسية. ولكن هذا ليس هو الوضع الحالي بين روسيا ما بعد السوفييت و الكيان الصهيوني. هناك منظومة علاقات ايجابية وحيوية في كل المجالات تقريبا – السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والسياحة ويغرها، كما لعبت الهجرة الكبيرة من روسيا دورا ايجابيا.
لكن في ظروف معينة في الجانب السياسي هناك احتمالات أن تتطور الأمور لواقع غير محسوب مسبقا، والصراع بين روسيا وأمريكا في منطقة مليئة بالتقلبات والمصالح المتناقضة، يمكن أن يخلق تحركات غير مرغوب فيها من قبلنا. إدارة اوباما تريد كما يبدو أن تقلل من الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، لكن هذا لا يعني أن تترك مصالحها الإستراتيجية. وعلى كل حال، فان سياستها غير المتتابعة في هذا الجانب تطرح أسئلة كثيرة، والنتيجة: بلبلة وعدم ثقة تجاهها من قبل أصدقائها القدامى واستغلال الفرص من قبل بعض الأطراف، وعلى رأسها إيران، وكما أكد هنري كسينجر وجورج شولتس في مقالتها الهامة التي نشراها الأسبوع الماضي، ليس هناك أي تضارب ملموس بين المصالح الإيرانية والمصالح الحقيقية لأمريكا.
إيران تستغل الصراع الناشئ كي تحصل على امتيازات من قبل الجانبين: من جهة صفقة الصواريخ مع روسيا، والتي تتم قبل إزالة العقوبات المفروضة عليها، وبالتالي فهي تستخف بالتصريحات الأمريكية بشأن الانجازات في الاتفاق الذي تجري صياغته بشأن السلاح النووي؛ ومن جهة أخرى تتعزز العلاقات، بما في ذلك الوعود بإزالة العقوبات، مع الولايات المتحدة. ويتضح في النهاية انه على الرغم من أن التاريخ لا يكرر نفسه بالضرورة، فان هناك ظواهر تكرر نفسها، والنزاع بين روسيا والغرب في الشرق الأوسط هو إحدى هذه الظواهر.
مجلة البيان
- التصنيف: