حال بعض علماء زماننا
أبو فهر المسلم
الصامتون الساكتون: ليس كلّ سكوتٍ رُخصة، ولا كلّ اعتزالٍ حُجَّة، وفي الجملة: فالصمت والسكوت إنما يكون في مشهدٍ أو موقف أو عارض، أمّا أن يصير حالةً مُستقرّة، وعادةً مُستحكِمة -خاصة مع تكاثر المحرمات الظاهرة، بل وظهور النواقض الصارخة للإيمان-، فهذا ليس من دين المسلمين، ولم يكن هذا حال من سكت من السابقين..
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
* قال ابن تيمية رحمه الله:
"ومَتى ترَك العَالِمُ ما عَلِمَه من كتاب الله وسُنَّةِ رسولِه، واتَّبع حُكمَ الحاكمِ المُخالف لحُكم اللهِ ورسِوله كان مُرتدًّا كافرًا، يَستحقُّ العقوبةَ في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف من الآية:3].
ولو ضُرب وحُبس وأُوذي بأنواع الأذى ليدَع ما عَلِمه من شرع الله ورسوله، الذي يجب اتباعُه، واتبَع حُكمَ غيره؛ كان مُستحقًا لعذاب الله بل عليه أن يَصبر، وإن أوذي في الله؛ فهذه سُنة الله في الأنبياء وأتباعهم، هذا كله باتفاق المسلمين" (انظر: مجموع الفتاوى).
قلتُ:
هذا في حقِّ مَن ألزمَه الحاكمُ كلمةَ الباطل، وكان مما خالفَ حُكمًا واضحًا في الشرع.
فكيف بمَن تنفَّل وتطوَّع وتصدَّر، فضلًا عمَّن نافقَ وداهَن وتحوَّل؟
* وقال ابن عثيمين رحمه الله:
"وعلماء السوء الذين يَدْعُون إلى الضلال والكفر، أو يَدْعُون إلى البدع، وإلى تحليل ما حرَّم الله، أو تحريم ما أحلَّ الله طواغيت، والذين يُزيّنون لولاة الأمر الخروجَ عن شريعة الإسلام طواغيت؛ لأن هؤلاء تجاوزوا حدَّهم..
فإن حدَّ العالِم أن يكون مُتبعًا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن العلماء حقيقةً ورثةُ الأنبياء، يرثونَهم في أمَّتهم علمًا وعملًا، وأخلاقًا، ودعوةً وتعليمًا، فإذا تجاوزوا هذا الحدَّ، وصاروا يُزينون للحُكام الخروجَ عن شريعة الإسلام بمثل هذه النُّظم فهم طواغيت" (انظر: مجموع الفتاوى والرسائل).
قلتُ:
وأما الصامتون الساكتون: فليس كلّ سكوتٍ رُخصة، ولا كلّ اعتزالٍ حُجَّة.
وفي الجملة: فالصمت والسكوت إنما يكون في مشهدٍ أو موقف أو عارض.
أمّا أن يصير حالةً مُستقرّة، وعادةً مُستحكِمة -خاصة مع تكاثر المحرمات الظاهرة، بل وظهور النواقض الصارخة للإيمان-، فهذا ليس من دين المسلمين، ولم يكن هذا حال من سكت من السابقين، فإن صمتهم كان عارضًا في مشهد، وليس وصفًا لازمًا.. فاتقوا الله يا أولي الألباب في أنفسكم ودينكم وأعراضكم.