وضوح الرؤية في الحياة وقود النجاح
تساعدنا الرؤية الواضحة من معرفة طبيعة المرحلة التي نحن فيها، والأولويات التي ينبغي البدء بها، وإلى أين نريد أن ننتهي، وحدود المجال الذي سنعمل فيه، فبفضلها أيضًا ندرك حجم التحديات التي نواجهها وبذلك نتمكن من استبصار الحاضر واستشراف المستقبل، هنا تظهر أهمية معرفة الذات واكتشاف الطاقات والأهداف عن طريق بناء هذه الرؤية التي تجعل الإنسان فاعلًا وقادرًا على برمجة ذاته وخَطِّ طريقه.
كثير من الناس تقوم حياتهم على الفوضى والعشوائية في كل شيء؛ في عملهم، في علاقتهم الاجتماعية، وكذلك ممارساتهم السياسية والمالية، بل حتى في نومهم وطعامهم.. وذلك لعدم امتلاكهم منهجية محددة في الحياة، وغالبًا ما تكون الأهداف التي يُسعى إليها غير واضحة المعالم، أي تكون الرؤية ضبابية تمنع من التعرف على حقيقة ما يُراد في هذه الحياة، وتَحُولُ بينهم وبين تحقيق النجاح المُراد.
من هنا تنبع مجموعة من الإشكالات الجوهرية التي تحتاج للمعالجة والتدقيق فيها وتتجلى في:
ما هي الآثار السلبية والنتائج التي تترتب عن فقدان النظرة الواضحة المعالم التي تَحُول دون تحقيق النجاح؟
وما هي أهم المهارات المعتمدة لامتلاك الرؤية الواضحة في الحياة؟
وكيف يمكن للفرد من خلالها أن يحقق النجاح ويجذبه إلى حياته؟
إننا اليوم في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في طريقة تفكيرنا وإعطاء الأمور ما تستحقه من وقت وجهد، فالرؤية الواضحة في الحياة وراء تحقيق كل نجاح باعتبارها منظومة متكاملة من المهارات المكتسبة والمرغوبة، ونظرا لكون النجاح من أسباب السعادة ومطلب يبتغيه الجميع دون استثناء بطرق متعددة وأساليب مختلفة، فهو لا يأتي صدفة بل إنه ثمرة جهد مبذول ومثابرة تعتمد على العمل الجاد والتخطيط الدقيق.
إن الحياة بلا رؤية واضحة ليست إلا محض عبث ومجرد أنشطة غير منظمة لا تثمر شيئا، بحيث يكون الفرد عرضة لكل شيء بإضطراب تفكيره فينعكس ذلك على سلوكاته ويظهر ذلك جليا من خلال حالة الفوضى واللامبالاة الواقعة في ممارساته اليومية.
عندما تغيب الرؤية الواضحة والنظر الاستراتيجي العميق للواقع تظهر لنا مجموعة من الأثار السلبية والتي تتمثل في:
التخبط في الأعمال وعدم الثبات.
طول الطريق وعدم سلامته.
عدم إدراك مآلات الأفعال وتشوش الذهن.
كثرة العقبات المؤدية للفشل في الحياة.
عدم حدوث التغير.
جلب الفساد أكثر من الإصلاح.
مما يؤدي إلى ظهور مجموعة من النتائج حين تغيب هذه الرؤية المنتظمة:
الابتعاد عن الأعمال المنتجة التي تحتاج إلى الوقت والجهد للقيام بها.
الشعور بالملل والفتور لعدم تحقيق أي شيء يذكر.
الهروب أكثر إلى الأعمال السريعة التي لا تحتاج للوقت والجهد.
التسرع في الحكم على الجهود وتقويمها.
عدم القدرة على مواجهة العراقيل.
الحرمان من التوقع المسبق للمشكلات.
تساعدنا الرؤية الواضحة من معرفة طبيعة المرحلة التي نحن فيها، والأولويات التي ينبغي البدء بها، وإلى أين نريد أن ننتهي، وحدود المجال الذي سنعمل فيه، فبفضلها أيضًا ندرك حجم التحديات التي نواجهها وبذلك نتمكن من استبصار الحاضر واستشراف المستقبل، هنا تظهر أهمية معرفة الذات واكتشاف الطاقات والأهداف عن طريق بناء هذه الرؤية التي تجعل الإنسان فاعلًا وقادرًا على برمجة ذاته وخَطِّ طريقه.
لا يمكن للرؤية الواضحة أن تتحقق إلا بفعل نسج مجموعة من المهارات المكتسبة، والتي يمكن أن تُجْمَلُ في أربعة نقط محورية..
هي:
- التنظيم الجيد في كسب الجهد وحسن إدارة الوقت.
- تحديد الأهداف والتخطيط لها بدقة من خلال التعامل معها بالحكمة.
- وضع الأولويات والبدائل.
التحلي بالثقة في النفس في مواجهة المعيقات وحل المشكلات.
لا بد أن تكون أهدافنا واضحة أمامنا حتى لا نفتقد بوصلة السير في خضم سعي الإنسان لتحقيق رسالته والدور الذي يعيش من أجله في الحياة على أكمل وجه، فقيمة الإنسان تتحدد بعمله وإنجازه وعطاءه وسعيه في تطوير ذاته وفق تفكير سليم، من هنا يثبت الإنسان إنسانيته ودوره في الوجود، وبقيامه بواجباته نحو نفسه يتطور ذهنيا وفكريا بالعلم والمعرفة، وكذلك نحو أسرته ومجتمعه بالحب والمشاركة والإنتاج، فيختار واجباته حسب أولويتها والمهم أن يكون هناك توازن بينها، فيحقق الفرد النجاح والسعادة في كل ما يقدمه وينجزه ويظهر بذلك الإبداع.
إن وضوح الرؤية يقوي القدرة على جذب ما يريده الفرد في حياته من نجاح، ويمكن تسريع حدوث ذلك عن طريق التركيز على النقاط الثلاث الجوهرية الآتية: التصالح مع الماضي للتقدم إلى الأمام، بمعرفة المراحل، والحالات التي أوصلت الفرد إلى ما هو عليه اليوم أي الأمور الإيجابية والسلبية.
استكشاف الطاقات الكامنة في الشخص وتحديدها.
الوضوح مع النفس وكتابة الأفكار لكي ترى بشكل واضح، وبذلك يتم معرفة ما يراد تحقيقه في الحياة من نجاحات، المهم هو السير على الطرق الصحيح في الحياة والثبات أمام التحديات، فلا فراغ يستطيع أن يقتلنا، ولا سلبية الأخرين أن تتحكم بنا، ولا أهواء النفس أن تسيطر علينا. يحقق الإنسان توازنا وراحة، ويعيش في سعادة، ويستمتع بأوقاته المنتظمة، وكذا ووصوله لنجاح تلو أخر، بإستنارته بوعيه ونضجه المعرفي في الحياة.
وخلاصة القول أنه من جعل الله أولى أولوياته رتب له فوضويات الحياة ليسير في سبيل النجاح وفق رؤية منتظمة تمتاز بالحكمة في التعامل مع الأمور بعيدًا عن الشك والغموض وكل القيود التي تكون حاجزًا أمام تحقيق النجاح.
أمين أمكاح
كاتب و باحث إسلامي: كاتب مهتم بالشأن التربوي، وبالمواضيع ذات الصلة بكل ما يتعلق بتطوير الذات والبنية الفكرية. باحث في القيم والتواصل؛ متخصص في دراسة سلوك المراهق.
- التصنيف: