لا مزاح بآيات الله - كلام السيوطي صاحب تفسير الجلالين
إياد قنيبي
لاحظوا أن هذا موضوعنا، فالذين يمزحون بعبارات من القرآن إذا راجعتهم يقولون: "نحن لم نقصد تلاوة آية من القرآن"، نعلم ذلك، إذن أنتم تقتبسون، فتعالوا نرى ماذا قال العلماء في الاقتباس
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
من أقوال العلماء في المزاح بآيات الله
أيها الأحبة، متابعة لموضوع ذِكر القرآن في المزاح، ننقل لكم كلام الإمام السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن- فصل في الاقتباس وما جرى مجراه)، وسننقل المواضع المتعلقة بالموضوع للاختصار، قال رحمه الله:
"الاقتباس تضمين الشعر أو النثر بعض القرآن لا على أنه منه".
لاحظوا أن هذا موضوعنا، فالذين يمزحون بعبارات من القرآن إذا راجعتهم يقولون: "نحن لم نقصد تلاوة آية من القرآن"، نعلم ذلك، إذن أنتم تقتبسون، فتعالوا نرى ماذا قال العلماء في الاقتباس:
قال السيوطي: "وقد اشتهر عن المالكية تحريمه وتشديد النكير على فاعله"، أي أن المالكية حرموه جملةً، في المزاح وفي الجد!
وقبل أن نتابع، أود إعلامكم بأن الأحناف تشددوا جداً في المزاح بالقرآن حتى كفر بعض فقهائهم على ألفاظ أهون مما نراه من إخواننا هذه الأيام!
إذن المالكية حرموا الاقتباس، والأحناف حرموا اقتباس المزاح، السيوطي شافعي، فما الرأي الذي تبناه؟ قال: "الاقتباس ثلاثة أقسام: مقبول ومباح ومردود -أي: غير مباح-، فالأول ما كان في الخطب والمواعظ والعهود، والثاني ما كان في القول والرسائل والقصص، والثالث على ضربين أحدهما ما نسبه الله إلى نفسه ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه، كما قيل عن أحد بني مروان أنه وقع على مطالعة فيها شكاية عماله إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم، والآخر تضمين آية في معنى هزل ونعوذ بالله من ذلك".
إذا من أشكال الاقتباس التي حرمها السيوطي أن يتحدث المتكلم عن نفسه بما جاء في القرآن متحدثاً عن الله تعالى، كأن يقول صاحب سلطان جاءته شكوى بحق أحد رعيته: "إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم"، أي سيعود هذا الفرد من الرعية إلي فأحاسبه، وهذه إنما هي آية في الله تعالى، فلا يجوز لأحد أن يصف نفسه بمثلها، يشبهه في أيامنا ما يقوله البعض: "فلان لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون"، فهذا الوصف إنما هو في الله تعالى.
الشكل الآخر الذي حرمه السيوطي: "تضمين آية في معنى هزل"، لاحظوا: لم يقل: الاستهزاء بالآية، فهذا حكمه واضح، وإنما قال: تضمين آية في معنى هزل، أي في سياق تافهٍ لا يناسبها، قال: "ونعوذ بالله من ذلك".
فهذا كلام إمام عُرف بأنه من أهل بالقرآن، فهو أحد مؤلفَي تفسير الجلالين، ولنا وقفات مع علماء آخرين بإذن الله.
والسلام عليكم.