{قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا}
أبو الهيثم محمد درويش
كلٌ لا يملك الخلاص، إنما هم أدلاء على طريق الخلاص، طريق التوحيد ومن أولهم محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام على ملة إبراهيم حنيفًا ملة التوحيد، لذا لا يملك أقرب المقربين لأنفسهم أو لأهليهم شيئًا من عذاب الله..
- التصنيفات: القرآن وعلومه - ترجمة معاني القرآن الكريم -
التوحيد الخالص هو المخرج الوحيد من أزمة البشرية، فلا راحة بغيره ولا مخلص لبني آدم من عذاب النار إلا الإيمان الكامل وتجريد التوحيد لله رب العالمين، فليس إلا الله وحده يملك للبشرية الخلاص من النار، فلا نبي ولا ملك مقرب ولا عبد صالح من أولياء الله الربانيين العاملين المتقين..
كلٌ لا يملك الخلاص، إنما هم أدلاء على طريق الخلاص، طريق التوحيد ومن أولهم محمد صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام على ملة إبراهيم حنيفًا ملة التوحيد، لذا لا يملك أقرب المقربين لأنفسهم أو لأهليهم شيئًا من عذاب الله..
حتى محمد صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه أبو هريرة، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء من الآية:214]، قَالَ: « » (رواه البخاري:2753، ومسلم:206).
لذا من أهم أسباب وقوع النصارى في الكفر أنهم اعتقدوا أن عيسى عليه السلام سيخلصهم بنفسه من النار؛ لأنه يملكها فهو إله أو شريك للإله، فلم يعتقدوا أنه المخلص لأنه سيهديهم ويدلهم إلى طريق الخلاص، وإنما رأوا فيه إلهًا مخلصًا.
ولما سأل إبراهيم عليه السلام ربه الخير لأهل مكة استثنى الله منهم من كفر:
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126].
قال العلامة السعدي رحمه الله:
أي: وإذ دعا إبراهيم لهذا البيت، أن يجعله الله بلدًا آمنا، ويرزق أهله من أنواع الثمرات، ثم قيد عليه السلام هذا الدعاء للمؤمنين، تأدبًا مع الله، إذ كان دعاؤه الأول، فيه الإطلاق، فجاء الجواب فيه مقيدًا بغير الظالم.
فلما دعا لهم بالرزق، وقيده بالمؤمن، وكان رزق الله شاملاً للمؤمن والكافر، والعاصي والطائع، قال تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ} أي: أرزقهم كلهم، مسلمهم وكافرهم، أما المسلم فيستعين بالرزق على عبادة الله، ثم ينتقل منه إلى نعيم الجنة، وأما الكافر، فيتمتع فيها قليلاً {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} أي: ألجئه وأخرجه مكرها {إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.