[8] غيرة الأنبياء
وموقف آخر لا يقل غرابة في الحرص على الخير يرويه أبو صالح الغفاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيستسقي لها، ويقوم بأمرها، وكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة، فلا يسبق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها وهو خليفة.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
قال صلى الله عليه وسلم وهو يحكي قصة المعراج إلى السماء: «» (صحيح مسلم [164]).
قال العلماء: "لم يكن بكاء موسى حسداً معاذ الله، فان الحسد في ذلك العالم منزوع عن آحاد المؤمنين، فكيف بمن اصطفاه الله تعالى؟! بل كان أسفاً على ما فاته من الأجر الذي يترتب عليه رفع الدرجة بسبب ما وقع من أمّته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم المستلزم لتنقيص أجره، لأن لكل نبي مثل أجر كل من اتبعه، ولهذا كان من اتبعه من أمّته في العدد دون من اتبع نبينا صلى الله عليه وسلم مع طول مدتهم بالنسبة لهذه الأمّة، وأما قوله «» فليس على سبيل النقص بل على سبيل التنويه بقدرة الله وعظيم كرمه؛ إذ أعطى لمن كان في ذلك السن ما لم يعطه أحداً قبله ممن هو أسن منه".
وانظروا مثلاً إلى حياة قلبي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهل أشد حياة من قلبي أقرب وأحب صحابيين إلى رسول الله؟! وتأمَّل أثر ذلك على تنافسهما في الخيرات، وليس ذلك في ميدان العبادات فحسب بل تعدَّاها إلى العادات والذوقيات، وعن ذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنا سهرنا ليلة في بيت عند أبي بكر في بعض ما يكون من حاجة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرجنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بيني وبين أبي بكر، فلما انتهينا إلى المسجد إذا رجل يقرأ فقام النبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليه، ثم قال: «» (مسند أحمد [1/97])، فعلمت أنا وصاحبي أنه عبد الله بن مسعود، فلما أصبحت غدوت إليه لأبشِّره، فقال: سبقك بها أبو بكر!!".
وموقف آخر لا يقل غرابة في الحرص على الخير يرويه أبو صالح الغفاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيستسقي لها، ويقوم بأمرها، وكان إذا جاءها وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة، فلا يسبق إليها، فرصده عمر فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها وهو خليفة.
لذا اعترف عمر رضي الله عنه بفضل أبي بكر وأقرَّ له قائلاً: "ما سبقتُ أبا بكر قطُّ إلى خير إِلاَّ سبقني إليه، ولودِدْتُ أنِّي شعرة في صدر أبي بكر".