ما هي أسباب قسوة القلب؟
اعلم أنه كما أن تضحيتك ببعض ما أنعم الله بك عليك ليس معناه فقدانها، بل معناه الزيادة فيها، اعلم أنه كذلك يجب عليك ألا تحزن على ما ضاع منك بسبب لا يد لتقصيرك فيه، ذلك أن الذي رزقك سيرزقك، مجددًا فهو الحي الذي لا يموت، وهو الغني الكريم.
القلب القاسي هل له علاج يشفيه؟
قد ذكرها الله صريحة في القرآن الكريم، ذكر المرض والسبب، وأحيا الأمل في الشفاء، ثم ذكر العلاج.
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ . اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ . وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ . اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ . سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ . مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ . الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد : 16-24]
المرض: قسوة القلب.
السبب: {طَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ}.
ألفوا نعمة ربهم، فأصبحوا لا يرون أنهم من المُكرمين، وألفوا العبادة فلم تعد لهم إلا طقوسًا تأديتها كعدم تأديتها.
إحياؤه الأمل في الشفاء: أن الله يفعل ذلك كل لحظة فهو محيي الأرض الميتة مهما انغمرت في قسوتها بل في موتها.
العلاج:
1- التيقن أن الحل هو: {ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ}، فلا تبحثن في مكان الآخر، فلا تسمعن لمن يقول لك أن غذاء روحك في غير ما أنزل الله.
2- التصدق على المسكين والفقير، التصدق من كل ما آتاك الله من نعمة، من مالك، وجهدك، ووقتك، وعلمك، هذا سيشعرك بقيمة ما لديك من نعم جليلة أنت غافل عنها، وسيبث الحياة في هذه النعمة فتنمو وتزدهر.
3- التصدق على نفسك بوقتك وجهدك وعقلك في التفكر في كون الله من حولك وهجران التوهم أن الشيء قائم بذاته ونسيان يد الحكمة التي تدبر له قيامه، ذلك النسيان الذي ينسيك حقيقة الدنيا من أنها عارضة مؤقتة، أنها ليست إلا نعمة أمسكها الله أن تزول إلى حين، ذلك ليبلونا أينا أحسن عملًا، فلا تتوهمن دوام الحياة الدنيا فضلاً عن قيامها بذاتها ولا تتوهمن أنها حق مكفول لن يزول!
4- وكذا التصدق على نفسك بالتدبر في كتاب الله وهجر القراءة الآلية الخالية من الروح إلى قراءة منتعشة غضة ملؤها الاندهاش والتعجب من روعة ونفاسة ما أنزل الله في كتابه.
5- وكذا تصدق على نفسك بإتقان العبادة والسعي إلى الخشوع فيها، وذلك سيتيسر كثيرًا عندما تتفكر في كون الله وتتدبر كتابه.
6- عليك ليس فقط بطلب المعالي من رضوان ومغفرة وجنات بل عدم الرضا بالأدنى، والتنافس مع النفس قبل الغير في الوصول إلى قمة رضا الله السامقة، تلك القمة التي هي أقرب من كل قريب وأبعد من كل بعيد! فكلما حصدت من الخير كي تصل لآخره تضاعف ذلك الخير أضعافًا مضاعفة فلا تصل، كرمًا من الله لك ورحمة بك.
7- اعلم أنه كما أن تضحيتك ببعض ما أنعم الله بك عليك ليس معناه فقدانها، بل معناه الزيادة فيها، اعلم أنه كذلك يجب عليك ألا تحزن على ما ضاع منك بسبب لا يد لتقصيرك فيه، ذلك أن الذي رزقك سيرزقك، مجددًا فهو الحي الذي لا يموت، وهو الغني الكريم.
لكن تذكر ألا تتوهم أنك أوتيته على علم عندك، فتفرح وتفخر بذلك وتنسى أن أصل كل نعمة هو الله، ذلك النسيان الذي كان هو أساس بخلك ببذل ما أنعمه عليك وأساس قسوة القلب من الأصل.
اللهم أحييِ قلوبنا إن كانت قد ماتت، وألنها إن كانت قد قست، واشفها إن كانت قد مرضت، ثم بارك فيها وأنعم عليها بروح ذكرك.
جزاكم الله خيرًا
- التصنيف: