(43) قواعد في طلب العلم (1)
مدحت القصراوي
قال الحسن البصري رحمه الله: العلم علمان: علم في القلب فذلك العلم النافع، وعلم على اللسان فذلك حجة الله على عباده.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - تربية النفس - طلب العلم -
يجب أن يكون معلومًا لمن يريد طريق ربه تعالى أن يعلم دور العلم قبل طلبه حتى لا يكون العلم حجة عليه بل يكون له.. فإن الحسن البصري رحمه الله قال: "العلم علمان: علم في القلب فذلك العلم النافع، وعلم على اللسان فذلك حجة الله على عباده".
فالمقصود بالعلم أصلًا أن يُعبد الله تعالى به، ومعرفة مواقع رضاه للقيام بها ومعرفة مواقع سخطه تعالى لاجتنابها، ومعرفة ذرائع الخير وفتحها ومعرفة ذرائع الشر لسدها وتوقّيها، ومعرفة مداخل الشيطان للحذر منها، معرفة مغبّة الطاعة والترغيب فيها، ومعرفة مغبّة المعصية ومرارتها، ومعرفة كيف تصلح الحياة كطريق موصّل للآخرة فيحافظ على مصالحها ضمن طريق الآخرة ومن حيث توصل إليها.
إن العلم جاء لمعرفة الله وعبادته وإقامة الحياتين، الأولى والآخرة، ولهذا جاءت الرسل.
ومن هذا حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلب العلم لأغراض أخرى، فقال: « » رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي شيبة واللفظ له.
ولهذا قرر أهل العلم هذا كقاعدة ونقلوا عن السلف هذا المأخذ.. وننقل عن الإمام الشاطبي بعض ما قاله: "كل علم شرعي فطلب الشارع له إنما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبد به لله تعالى، لا من جهة أخرى، فإن ظهر فيه اعتبار جهة أخرى؛ فبالتبع والقصد الثاني، لا بالقصد الأول..".
"كل علم لا يفيد عملًا؛ فليس في الشرع ما يدل على استحسانه، ولو كان له غاية أخرى شرعية؛ لكان مستحسنًا شرعًا، ولو كان مستحسنًا شرعًا؛ لبحث عنه الأولون من الصحابة والتابعين..".
"والثاني: أن الشرع إنما جاء بالتعبد، وهو المقصود من بعثة الأنبياء عليهم السلام كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} [النساء من الآية:1]، {الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ . أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ} [هود من الآيتين:1-2]، {الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]..".
"وروي عن أبي جعفر محمد بن علي في قول الله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء:94]؛ قال: "قوم وصفوا الحق والعدل بألسنتهم، وخالفوه إلى غيره".
وعن أبي هريرة؛ قال: "إن في جهنم أرحاء تدور بعلماء السوء، فيشرف عليهم بعض من كان يعرفهم في الدنيا، فيقول: ما صيركم في هذا، وإنما كنا نتعلم منكم؟ قالوا: إنا كنا نأمركم بالأمر، ونخالفكم إلى غيره..".
وقال سفيان الثوري: "إنما يُتَعلم العلم ليُتقى به الله، وإنما فضل العلم على غيره؛ لأنه يُتقى الله به..".
وعن أبي الدرداء: "إنما أخاف أن يقال لي يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فأقول: علمت. فلا تبقى آية من كتاب الله آمرة أو زاجرة إلا جاءتني تسألني فريضتها، فتسألني الآمرة: هل ائتمرت؟ والزاجرة: هل ازدجرت؟ فأعوذ بالله من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع".
وحديث أبي هريرة في الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، قال فيه: « » (صحيح مسلم؛ برقم: [1905]).
وقال: « » (ضعيف الجامع؛ برقم: [868])". (الموافقات: [1/73]).
يتبع إن شاء الله تعالى..