الليبروصفوية والوطنية السعودية - من يحرِّك الليبرالية السعودية؟!
الدعم الليبرالي للأقلية الشيعية لا يحتاج كبير عناء في إثباته، فالروابط بين الأقلية الليبرالية السعودية والأقلية الإثني عشرية يؤكدها الخطاب الليبروصفوي ذاته المشاكس بقوة على الوحدة الفكرية المتمثلة بالمنهج السلفي، حيث هذه الوحدة هي الثقافة الأم، وهي في الوقت ذاته هوية الوطن الحقيقية التي وَحَّدته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ خالد الغنامي في مقالات متعددة يؤكد على دور الباطنية الرافضة في تحريك الليبرالية السعودية، كما تكشف مقالاته مع غيره -ممن انكشفت لهم الحقيقة- عن سرِّ الهجوم المُنظَّم على المنهج السلفي ورموزه ومؤسساته[1]، وازدراء هوية الوطن الفكرية، وانتقاصها من قِبل من وضعوا أنفسهم (وطنيون)، فالمنهج هو الهوية الوطنية للوطن السعودي، وحينما يتم تجريد المواطن من هويته الفكرية تَسهُل السيطرة عليه وتوجيهه، كما قال الغنَّامي في مقالاته عن الليبرالية، وكما هي الحقيقة من خلال ما ورد في مقالات المراجعات والتراجعات ممن كانوا ضمن الأقلية الليبرالية التي ما فتئت تعمل على تجريد الوطن والمواطن من عقيدته وهويته الحقيقية.
وإضافةً إلى ما سبق -في مقالنا الأول- من تراجعات ومراجعات ممن كانوا مع هذه الفئة، مما هو صريح في انتهاك السيادة الفكرية للدولة، يقول الغنَّامي عن أبعاد هذا الانتهاك المنظم!: "إنني لا أشك في وجود أيد باطنية تعمل في الخفاء [وراء الليبرالية السعودية]، إنني لا أشك لحظة أننا أمام غزو فارسي استطاع أن يجمع قلوب البعض ممن يختلف مذهبه عن المذهب الأم في المملكة، غزو ثقافي فارسي يدرك بمكر ودهاء شديد أنك عندما تفقد هويتك، تفقد تبعًا لذلك كلَّ شيءٍ، نعم أنا أكرر سؤال الهوية كثير ًا، لكنه يستحق، فهو أهم الأسئلة: من أنت؟ وماذا سيبقى منَّا إن سمحنا لهم أن يُلغُوا هويتنا هكذا؟ عندما تفقد إيمانك واعتزازك بالإسلام كما تعرفه، عندما تفقد محبتك واحترامك للنبي الأكرم كما تعرفه، عندما تفقد محبتك لأبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان كما تعرفهم"[2].
ويكشف الغنَّامي عن محركات وأهداف الليبرالية السعودية المزدوجة في خدمة المشروع الإيراني والمشروع الصهيوأمريكي فيقول وهو الخبير بها في مقال آخر له: "عندما تنظر في المآلات، تجد أن الليبرالية قد تعرَّجت في خطين واستُخدِمت لخدمة أجندتين، فهناك الليبرالية التي تخدم المشروع الصهيوأمريكي، وهناك الليبرالية التي تخدم المطامع الإيرانية في المنطقة العربية، وكلاهما حاضر بقوة"[3].
فالغنامي بمقالاته كشف عن موضوع خطير -في حال تأكيده- حيث الليبرالية السعودية تُعدُّ حسب هذا الكشف مِعْوَل هدمٍ للوطن ووحدته وقوته الدينية والسياسية، حينما أكَّد أن من المحركات الرئيسية لليبراليين في السعودية في مهاجمة الدين ومؤسساته وعلمائه (الصفويون بعقيدتهم العدائية) فقال: "هذا التمجيد المستمر للصفويين، وهذا القَدْحُ المستمر فيما يمثل هويتنا والمذهب السني تحديدًا، مثل (صحيح البخاري، عمر بن الخطاب، السلفية، الوهابية) جعل المشهد يشبه السهم الصاعد والسهم النازل عند مرتادي المواقع الليبرالية على الشبكة العنكبوتية. وهذا ما يجب أن ينتبه له كل غافل، أن هناك من يحاول أن يمسخ هويتك أنت، لكي تكون صيدًا سهلًا له هو"[4].
كما قال عن استخدام (الليبرالية) وأنها مطيَّةً لتحقيق تصفية الخصوم: "لقد أُسقِطَ صدام حسين وحوكم وأُعدِم باسم الليبرالية والتحرير من الطغيان والانتصار لحقوق الإنسان، ليحلَّ محلَّه هؤلاء الصفويون الذين جعلوا الوضع في العراق أسوأ بكثير مما كان في زمن صدام"[5].
والليبرالية السعودية حسب تعبير الغنامي هي عكس الشعار المُعلن تمامًا، فهي العداوة لهوية الوطن، وهي التبعية للغير حيث قال: "سترى أنك في حصن معادٍ لكل ما تعنيه لك هويتك!".
وقال: "مشكلة الليبراليين السعوديين الحقيقية تكمن في أنهم لا يملكون القدرة على الانطلاق من الذات، لا بد أن يكون تابعًا"[6].
وختم مقاله سابق الذكر عن جهات التبعية، وهو ما يتناقض مع الليبرالية المزعومة بقوله: "إذن لا بد أن تكون تابعًا بالكامل للمشروع (الصهيو أمريكي)، وإلا فلن تكون ليبراليًا حقيقيًا"[7].
ويتساءل كثيرٌ من الناس، هل الدعم الليبرالي المعنوي الكبير للأقلية الشيعية (الطائفية) تحت مسميات الحقوق والوطنية! والهجوم المشترك من الطرفين على الفكر السلفي[8] له أثر على تصاعد وتيرة الأحداث في (العوَّامية) بالمنطقة الشرقية بالسعودية؟ كما يتساءل آخرون عن صمت الأقلام الليبرالية المُريب عن ما يجري مثلًا في العوَّامية من أحداث خطيرة خلال الأعوام (1432-1435)هـ -ولا يزال بل يتطور-، قائلين: هل هذا الصمت دليل إضافي عن العلاقة الحميمية بين الطرفين؟ حيث لم تتناول أقلام وبرامج دعاة الليبرالية هذا الإرهاب المنظم -كما هو الإرهاب الآخر- بالتحليل والدراسة والمناقشة كنوعٍ من أخطر أنواع الإرهاب على أمن الوطن ورجاله، لا سيما أنه إرهاب أيديولوجي عقدي سياسي مدعومٌ خارجيًا لتنفيذ مخططات خطيرة بحق رسالة الوطن ووحدته!
فالدعم الليبرالي للأقلية الشيعية لا يحتاج كبير عناء في إثباته، فالروابط بين الأقلية الليبرالية السعودية والأقلية الإثني عشرية يؤكدها الخطاب الليبروصفوي ذاته المشاكس بقوة على الوحدة الفكرية المتمثلة بالمنهج السلفي، حيث هذه الوحدة هي الثقافة الأم، وهي في الوقت ذاته هوية الوطن الحقيقية التي وَحَّدته.
ولعل هذا وحده كافٍ للاستدلال والإثبات على المشتركات بين الأقلية الليبرالية والأقلية الشيعية!
وبعد ما سبق فللقارئ أن يحكم إلى أي مدى يمكن أن يكون حجم خطر (الليبروصفوية) على الوطن والوطنية من الداخل قبل الخارج! خاصة بعد احتفالية الغرب واتفاقه مع إيران على قمع الإسلام السني أواخر عام 2013م/1434هـ بالرغم من برنامجها النووي وبرنامجها التوسعي وصناعة الصراع والإرهاب في أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي السني لتكون إيران بعملائها من الليبراليين في العالم العربي والإسلامي وكيلًا مفوضًا من الغرب لصناعة الصراع الفكري والانقسام السياسي الخطير، وبالتالي تقويض الوحدة الفكرية والسياسية للدول السنِّية خاصة بلاد الحرمين (السعودية).
وبهذا المشهد الأيديولوجي يُولَد المشهد السياسي سواءً شَعَر (الليبراليون السُنَّة) -إن صحَّ التعبير- من بلاد الحرمين، أم لم يشعروا فالنتيجة واحدة، و(الليبروصفوية) بحربها المُعلَنة والشرسة على عقيدة أهل السنة والجماعة وما فيها من مفاهيم المقاومة والجهاد، تُعدُّ من أقوى حملات إضعاف المناعة والحصانة لدى الشعوب والحكومات، وبالتالي فهي مُسهِمة في اجتياح الفكر الشيعي الإيراني في عواصم العالم العربي، والهيمنة السياسية لهذا الفكر وأتباعه.
وأخيرًا..
حينما انكشفت الأقلية (الليبروصفوية) ومخاطر طروحاتها عن الوطنية المستوردة التي استبعدت العقيدة هويةً فكريةً للوطن، وعملت على تطبيع المستورد الذي يُفرِّغ الوطن من قوته، ويُضعف وحدته، كانت الخسارة للوطن هي النتيجة، وهي الجائزة في الوقت ذاته، لكنها لخصوم رسالة الوطن! وبالتالي خسرت بلاد الحرمين تعاطف كثير من شعوب العالم العربي والإسلامي ونصرتهم، بل وخسرت كثيرًا من مكتسبات هويتها ورسالتها!
حينما تم توظيف الوطنية -بشكلٍ مباشر أو غير مباشر- في تمكين أعداء الوطن في الالتفاف الحدودي عليه والنيل منه مع إضعاف هويته ورسالته، حتى تساءل كثير من الغيورين قائلين: ألا يستوجب كل ذلك أو بعضه المبادرة من ولاة الأمر من الساسة والعلماء إلى فتح هذا الملف لمعرفة الأسباب والدوافع والأهداف؟ ثم دراسة الآثار والنتائج والمخاطر الفكرية على الأجيال حيث انحراف هذه الأقلية الفكري وتطرفهم هو ما يصنع التطرف الآخر[9]، مع العمل بدراسات وأبحاث عن هذه الظاهرة، ووضع البرامج الحوارية لاستصلاح هذه الأقلية من خلال مراكز إصلاحية فكرية ولجان توجيهية، فهم أبناء الوطن -وإن أخطأوا بحقه- ولهم حق النصيحة والإصلاح.
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
[1]- (انظر مقال: الليبروصفوية والمنهج السلفي).
[2]- (انظر مقال: سدنة المعبد في المنتديات الليبرالية).
[3]- (انظر مقال: دبابة الليبراليين).
[4]- (انظر مقال: الليبرالية بوابة لكل عدو!).
[5]- (انظر مقال: الليبرالية بوابة لكل عدو!).
[6]- (انظر مقال: الليبرالية بوابة لكل عدو!).
[7]- (انظر مقال: الليبرالية بوابة لكل عدو!).
[8]- (انظر: عن المنهج السلفي، والسلفية في منظور البحث العلمي وحقيقة السلفية مقالات الليبروصفوية والمنهج السلفي).
[9]- (انظر على سبيل المثال ما كتبه الدكتور عدنان الشيحة -من مقترحات ومطالب- بعنوان: لن نلبس ربطة العنق!).
د. محمد بن عبد الله السلومي