كيف تكون أخًا للنبي صلى الله عليه وسلم؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أشدِّ أُمتي لي حُبًا؛ ناسٌ يكونون بعدي يودُّ أحدهم لو رآني بأهله وماله».
وأيُّ شرف أكرم من أن تكون تابعًا مطيعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
إن المتتبع لسيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرى بعين المعجب كيف شرفهم الله بصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فهم قوم اختارهم الله بعلمه لمصاحبة رسوله، لِما عَلِمه سبحانه من صفاء ونقاء قلوبهم، فهم أبرُ هذه الأمة قلوبًا، وأكثرها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأطوعهم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فحازوا ذلك الشرف، ونالوا تلك المرتبة، وأصابوا ذلك الحظ الوافر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وكم نتمنى أن نكون منهم، ولو أن الأمر بيد أحدنا لتمنى أن يكون ممن ناصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتل دونه، ونابذ عنه، وكان من جنده المخلصين، وأتباعه الصادقين، فقاتل بين يديه وناظل عنه، وفداه بنفسه وماله وأهله والناس أجمعين.
والحقيقة أنها فتنة لا ندري ماذا كنا سنصنع فيها لو كنا من أهلها، فإن أشد ما يخشاه العبد أن يكون من أهل الزيغ والانحراف والمنابذة له ولدينه، وتلك فتنة لا نطيق التفكير بها فكيف بنا لو عشنا فيها؟
وعلى العموم فقد رضينا بما كتب الله لنا، وفي تقديره سبحانه الخير كله، فأقدار الله تدور بين الرحمة والحكمة، والعدل والفضل، وخيرة الله لنا خير من خيرتنا لأنفسنا، فهو أرحم بنا من أنفسنا، وألطف بنا من ذوي قرابتنا.
فإذا فاتنا شرف الصحبة، فهل يمكن أن يفوتنا شرف الأخوة؟!
ولسائلٍ أن يسأل: هل يمكن أن أكون أخًا لخير من وطأ الثرى ومشى على الأرض بقدم؟
وللإجابة على هذا السؤال الذي يدل على هِمةٍ عالية وعزيمة غالية في زمن ضعف الهِمم وفتور العزائم والركون للعرض الفاني والالتفات لِلعاع الأرض الزائل، حتى أنك ترى من إذا رأى غنيًا ذا مال، أو وجيهًا ذا منصب، أو مشهورًا ذا مكانة اجتماعية عالية، أو حتى سفيهًا معروفًا، تعلَّق بأذياله، وتمسك بحباله، ونسب نفسه إليه، وألصق اسمه به، وتفاخر بمعرفته، وتباهى بقرابته، وودَّ لو كان أخًاله!
فكيف لا تتمنى -أنت- أن تكون أخًا لصاحب المقام المحمود والحوض المورود؟!
وإليك الإجابة من فيِّ من لا ينطق عن الهوى، حيث جلس يومًا بين أصحابه، فتمنى أن يراك!
فأي شرف لك -أيها المؤمن به والمتبع له- أن يتمنى خير خلق الله صلى الله عليه وسلم أن يراك بعينه؟! وبينك وبينه مئين من السنين، ومفاوز من القفار.
فهل تحنّ أنت لرؤيته؟ إن هذا لدليل أكيد على صدق محبته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه مسلم: [4/2178] [2832]).
فهل أنت على استعداد أن تخسر الأهل والمال لتفوز برؤية خير المرسلين؟! إن كان ذلك كذلك، فيا لك من فائز! وإن كانت الأخرى، فيا لها من خسارةٍ كبرى، والأماني رؤوس أموال المفاليس، فلا تدّعي المحبة أو تتمنى شرف الصحبة، فلستَ من أهلها!
- التصنيف: