قتلوا الدكتور عصام دربالة والتقرير: نزيف بالأنف!

منذ 2015-08-17

فور سماعي لنبأ استشهاد الإمام الراحل رحمه الله والذي كان بمثابة الصدمة التي أصابت جميع الأحرار من محبي السلام ودعاة السلمية وأنصارها في شتى بقاع العالم الإسلامي؛ توقّعت أن ثمة سيناريو أسودًا قد دبّرته اليد التي اغتالت الشهيد وأنها قد تقوم بتنفيذه عقب اغتياله

قضى الشهيد بإذن الله الراحل الدكتور عصام دربالة رحمه الله خمسة وعشرين سنة في سجون المخلوع مبارك فلم يصبه نزيف في المخ ينهي حياته، لكنه في سجون السيسي وخلال شهرين أصابه نزيف في الأنف أنهى حياته في أقل من خمسة وعشرين ساعة.

هذا النزيف تبدو الإصابة به حصرية وقصرية على أمثال الدكتور عصام دربالة! ذلك أن المخلوع مبارك المريض بالداء العضال، والمصاب بجميع أمراض الشيخوخة، وهو الآن على أعتاب التسعين من العمر، والذي كان من الحين إلى الآخر طوال فترة نزهته واستجمامه في جناحه بمستشفى المعادي العسكري؛ يقوم بإصدار الأوامر للأذرع الإعلامية والصحفية بأن تُشيع وتعلن أنه مات إكلينيكيًا، وكذلك رموز نظامه سواء الذي بلغ منهم من الكبر عتيًا، أما جمال مبارك الذي ذهب فور خروجه من السجن ليتجوّل في الأهرامات من فرط حيويته وقوته وطاقاته التي خرج بها من فترة الرعاية والاستجمام في ملحق مزرعة طرة، هؤلاء كلهم جميعًا محصّنون من الإصابة بنزيف الأنف الذي ينهي الحياة خلال ساعات!

فور سماعي لنبأ استشهاد الإمام الراحل رحمه الله والذي كان بمثابة الصدمة التي أصابت جميع الأحرار من محبي السلام ودعاة السلمية وأنصارها في شتى بقاع العالم الإسلامي؛ توقّعت أن ثمة سيناريو أسودًا قد دبّرته اليد التي اغتالت الشهيد وأنها قد تقوم بتنفيذه عقب اغتياله؛ مثل ارتكاب جرائم قتل، وحرق للكنائس، أو اعتداءات على مقرات الشرطة، والتي شاهدت بنفسي في مدينة القوصية أعضاء الجماعة الإسلامية يقومون بتأمينها عند خروجهم للمظاهرات بعد الانقلاب، وقد شاهدت بعيني القيادي بالجماعة الإسلامية الشيخ حمدي العمدة ورفاقه بالقوصية وهم يقومون بعمل كردون أمني عند شارع وهبي الطريق المؤدي إلى مركز الشرطة لمنع المتظاهرين من المرور إليه، وقد كانت تعليمات الشهيد رحمه الله لأعضاء الجماعة صارمة وواضحة في الحفاظ على أمن الكنائس والمؤسسات بالدولة تحت أي ظروف، غير أن ما جعلني أتوقع هذا السيناريو الأسود الذي يمكن أن تدبّره السلطة الغاشمة؛ هو الغدر والخيانة التي ذهب إليها أولئك الذين لم يجدوا بأسًا في قتل الشهيد رحمه الله بمنع الدواء عنه، فكان هاجس خلط الأوراق ماثلاً أمامي، وانتظرت بيان وزارة الداخلية والذي في ضوئه يمكنني قراءة المشهد بصورة أكثر وضوحًا.

جاء البيان واضحًا جليًا في ألفاظه ومفرداته إلى الأسياد وحلفائهم الذين ربما رتبوا معهم الأمر: لقد قتلناه وها هو التقرير المسبق الذي أعددناه: نزيف بالأنف! ناهيك عن الوقاحة والابتذال اللفظي المقتبس من قاموس (أنتم مش عارفين إنكم نور عنينا ولا إيه).

كان نص بيان وزارة الداخلية:

(مساء أمس السبت توفى المتهم محمد عصام الدين حسن أحمد دربالة المودع بسجن شديد الحراسة بطرة على ذمة القضية 408 لسنة 2015 بتهمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، كان المتوفى قد شعر بحالة إعياء عقب عودته من إحدى جلسات المحاكمة بالأمس، وبتوقيع الكشف الطبي عليه تبين أنه كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، وانخفاض بضغط الدم، وارتفاع بضغط السكر بالدم، على الفور تم عمل الإسعافات الأولية اللازمة، وأثناء نقله للمستشفى لتلقي العلاج حدث نزيف من الأنف وهبوط في الدورة الدموية والتنفسية أدى إلى وفاته. يُشار إلى أن المتوفى له تاريخ مرضي سابق (جلطات سابقة- مرض السكر))- انتهى البيان.

رغم أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته؛ وفي طور التحقيقات يعتبر مدَّعىً عليه إلا أن الإمام الشهيد بإذن الله رحمه الله عند الذين قتلوه متهم حتى بعد مماته، وكلمة (المتهم) لا شك أنها مقصودة المعنى والمغزى، ولها دلالتها المرادة بما فيها من كناية عن الاحتقار والازدراء، ولو شاء الذي طمس الله على بصيرته، وأعمى عن الرشاد بصره كاتب ذلك البيان لقال: القيادي أو ذكر لفظًا آخر أو الاسم مجردًا.

مما لا ينبغي إغفاله ومن الأهمية بمكان الإشارة إليه؛ لما فيه من رسالة أراد أصحابه إرسالها: هو ذلك الوفد الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية، الذي ذهب إلى عزاء الإمام الشهيد بمنزل العائلة آل دربالة بالمنيا وأدى أمرين في آن واحد:

واجب العزاء في الراحل الذي عقدت الجماعة الإسلامية تحت رئاسته لأول مرة في تاريخها؛ وذراعها السياسي حزب البناء والتنمية حين كان في أوج قوته، وكان له خمسة عشر نائبًا في البرلمان مؤتمرًا خاصًا بإخماد نار الفتنة الطائفية في مصر إلى الأبد، وإطلاق مبادرة (وطن واحد وعيش مشترك) لمعالجة كافة مشاكل الأقباط في مصر، والذي جاء موجزه في كلمة الدكتور نصر عبد السلام -فك الله أسره- الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية، حيث قال:

"إن المسيحيين هم شركاء في هذا الوطن، ويجب أن يتمتعوا بكافة حقوقهم، وإن التاريخ صنع بأيدي المسلمين والمسيحيين، وإن الوطن لن يُبنى إلا بالاتحاد ".

الأمر الثاني: ما أدلى به الوفد الكنسي من القساوسة الممثلين لرئيس كنيسة ملوي من شهادة في حق الإمام الشهيد من أنه: "حوّل فكر الجماعة الإسلامية إلى فكر يُحترم".

عن غيض من فيض الجانب الإنساني الذي عاشه كاتب السطور في كنف الإمام الشهيد؛ ذلك هو موضوع مقالاتنا القادمة بإذن الله.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

حسن الخليفة عثمان

كاتب إسلامي

  • 0
  • 7
  • 3,580

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً