المشهد في السعودية وتركيا
إن تصاعد الهجمات الإرهابية ضد الجنود والمنشآت والمؤسسات التركية؛ يأتي أيضا في ذات السياق من الحرب على تركيا الحاضر، والأهم من ذلك تركيا المستقبل؛ وعلى وجه الدقة والتحديد تركيا 2023م والتي أعلن عنها السيد أردوغان سابقاً في برنامجه الانتخابي وشرح ووضّح ملامحها ومعالمها.
الأعمال الإجرامية من القتل والتفجيرات التي استهدفت أمن المملكة السعودية؛ إنما جاءت استهدافاً للمملكة التي انتفضت، وأبت إلا أن تكون في المكان الذي خرجت منه الهداية والريادة للعالم وللإنسانية.
كما إن تصاعد الهجمات الإرهابية ضد الجنود والمنشآت والمؤسسات التركية؛ يأتي أيضا في ذات السياق من الحرب على تركيا الحاضر، والأهم من ذلك تركيا المستقبل؛ وعلى وجه الدقة والتحديد تركيا 2023م والتي أعلن عنها السيد أردوغان سابقاً في برنامجه الانتخابي وشرح ووضّح ملامحها ومعالمها.
عاصفة الحزم وآثارها
إن البكاء على اللبن المسكوب لن يعيده إلى الكوب؛ وإذا كانت دماء الراكعين الساجدين بالمملكة السعودية تسيل اليوم على يد الذئاب، التي لطالما رضعت من إحسانها، واحتمت بحماها، وبذلت لها المملكة في نظامها السابق الحماية والحصانة، ثم أنشبت أظفارها وأنيابها في جسد المملكة وشعبها، وتقصف حدودها بالصواريخ، وتفجر مساجدها بالمتفجرات؛ لتتناثر أجساد المصلين الشهداء -بإذن الله- أشلاء ؛ فهذا لا ينبغي أن يشغلنا عن حقيقة كبرى، أو يصرفنا عن واجب الوقت ولازم الحال، والذي تجلّى في عزم صاحب عاصفة الحزم، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -وفقه الله لكل ما يحبه ويرضاه- والتي تبعتها عملية إعادة الأمل التي وإن بدا أن المؤتمر العالمي للإغاثة في اليمن الذي عُقد في اسطنبول قد جاء في سياقها؛ لكنني أرى أن عاصفة الحزم ستبقى الولّادة الحقيقية لمثل هذه الإنجازات كلها، ولقد جاء الموقف التركي النظيف لتركيا الكبيرة الداعمة لشقيقتها المملكة السعودية، ولأشواق التوّاقين للحرية من أهل اليمن، موقفاً أحيا في نفوس الكثير من أهل السنة والجماعة الكثير من مآثرهم التي فارقتهم حيناً طويلاً من الدهر، ويالها من سعادة! بُعثت في النفوس حين رأت الأمة السلمان والأردوغان يقودان ويتقدمان ساحة الميدان، والذي يصول ويجول معهما فيه التميم بن حمد من قطر والمحمدان من مهبط الوحي وأرض الرسالة.
لكل شيء ثمن
إن لكل شيء ثمناً ونحن أمة سلام وخير ووئام لجميع الأنام، ولقد قالها عميد الدبلوماسية الدولية وفارس السياسة العربية سليل الكرام، الأمير سعود الفيصل رحمه الله: " لسنا دُعاة حرب لكن إذا قرعت الحرب طبولها فنحن جاهزون لها".
جاء تأكيد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "أن بلاده لم ولن تغير مواقفها التي أعلنتها منذ بداية الأزمة في سوريا" ليبعث برسالة مهمة في معانيها ومغازيها، وقد وشدد على رفض بلاده اشتراط خروج الأسد أو تنحيه في نهاية الفترة الانتقالية حيث قال: "نعلنها صريحة أننا لا نتفق معهم في طريقة الوصول إلى التسوية المنشودة، كما لا نتفق معهم حول مصير الرئيس الشرعي المنتخب للبلاد، فنحن نرى أنه لا يمكن التوصل لحل دون مفاوضات مباشرة مع حكومة الرئيس الأسد، واذا ما أراد أحد شركائنا أن يضع شرط خروج الأسد أو تنحيه في نهاية الفترة الانتقالية فإن ذلك مرفوض تمامًا من روسيا" انتهى كلامه الذي نشرته وكالة الأناضول بتاريخ 7/8/2015م.
من المهم أن نوجه عناية القارئ إلى ما هو أدرى به منا وهو أن الأمور ليست دائماً على ظاهرها بل في عالم السياسة المعاصر قلّ أن تكون على ظاهرها.
كما إنه من الجدير بالذكر أن نشير إلى موقف آخر استرعى انتباهنا وأثار اندهاشنا، ذلك أنه بينما كان الممثل الروسي يطلب ضم بشار الأسد في الحملة الدولية للحرب على داعش كان الطيران الحربي لنظام الأسد يقوم بأبشع وأفظع المجازر منذ انطلاق الحرب السورية القائمة وذلك بقصفه لمنطقة دوما قرب دمشق بما أوقع أكثر من مائة قتيل وقد تزامنت الغارات على دوما مع وجود مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين فى دمشق فى زيارة هي الأولى له منذ تسلمه مهامه فى مايو، حيث قال في مؤتمر صحفي بدمشق: "أُصبت بالذهول من جراء التجاهل التام لحياة المدنيين فى هذا الصراع".
بات الأمر واضحاً بعد قرار مجلس الأمن الأخير الذي تبناه لحل الأزمة السورية؛ أن الفرقاء اجتمعوا وقرروا الخيار الأسدي، أو خيار الإبادة للشعب السوري، وملاعبة تركيا على حدودها، وكسر إرادة المملكة السعودية.
رسالة إلى قائد الانقلاب العسكري بمصر
كنت ولازلت وسأظل بإذن الله أحمل معتقد أهل السنة والجماعة؛ والذي من ثوابته ألا نقنّط الناس من رحمة الله، وأن نكون دعاة خير للناس كافة، ولا نكون عوناً للشياطين على العصاة والمخالفين والظالمين؛ ولما كان الانقلاب العسكري في مصر قد استقر بمصر وشعبها في الحضيض الداخلي، وقسم أهلها فيما بينهم إلى قاتل ومقتول، فإني لأرجو ألا يذهب قائد الانقلاب العسكري الجنرال السيسي بمصر خارجيًا إلى حضيض أكثر عمقاً وسوءًا من الأول.
إنني أقول وبشكل واضح ومباشر، وبصفتي كاتباً مسلماً مصرياً يتوق ليوم يعود فيه إلى موطنه، عزيزاً كريماً غير ذليلٍ ولا سجينٍ ولا مهانٍ، أقول له:
يا أيها الجنرال إن قَدَرَ مصر وقدرها عبر النظيف من عصورها، أن تكون ثالث أو ثاني وقد كانت يوماً أول هذا المثلث فلا مكان لمصر بعيداً عن المملكة السعودية، ولا الدولة التركية شعباً وحكومة، ومهما بلغ الخلاف والنزاع على السلطة بينك وبين جماعة الإخوان المسلمين؛ فلا يحملنّك هذا على أن تتحمل إثم الأولين والآخرين، وتسير في سبيل يكون عليك وزره ووزر من سلكه بعدك من العالمين.
إنك اليوم بالخيار بين معسكر ترى فيه الحماية والدعم والركن الشديد الذي تؤوي إليه من بعد ما أعانك أو ورطك في بحار من الدماء، التي لو طابت لك لحظة صدق وصفاء ضمير لقلت لنفسك: ما حملني على هذا؟؟
هذا المعسكر هو الذي يجهّز اليوم إبادة جماعية لأهل السنة والجماعة، ويريدك أن تكون أداة من أدواته الكبرى فيها، فاربأ بنفسك عن ذلك الوحل الجديد، واجعل للرجوع إلى الحق في حياتك سبيلاً، وإذا لم تستطع أمراً فجاوزه إلى ما تستطيع، ولئن كنت قد وصلت أنت والإخوان المسلمون في مصر-كما يبدو لنا- إلى طريق الله أعلم بنهايته؛ فلا تجمعنّ على نفسك وقومك من الأعداء من أنت عنهم في غناء ، ووالله لئن تعيش ذليلاً بين بني قومك الذين تعود إليهم بعد أن بغيت عليهم، أشرف لك وأقوم سبيلاً من أن تعيش عزيزاً لحين من الدهر في كنف من يعتبرونك أداة يتخلصون منها فور انتهاء دورها، ألا فعُد، وراجع نفسك، واغتنمها فرصة، ترفع بها سهمك، وتقلل بها وزرك، وتكون لك يداً حين نزلت بالأمة النازلة، وألمت بها الملمة، ونكون لك فيها وبها من الشاهدين، فإن أبيت إلا أن تكون خنجراً في صدر وظهر أهل السنة والجماعة؛ فلا تعتذرنّ يوم القيامة أنك لم تجد لك أحداً من الناصحين.
ويزعم كاتب السطور ويدعي؛ ولعلكم أعلم به من غيركم، أن للأمور بإذن الله ومشيئته حلاً داخل البيت الواحد، إذا صدقت النفوس وخلصت النوايا.
ما الذي نراه إزاء المشهد والحدث القائم؟ هذا في القادم بإذن الله.
- التصنيف:
- المصدر: