نفي عزاء الكنيسة المرقسية لآل دربالة
كدت أن أنال من أخي الأستاذ عماد الدين حسين. رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية، وأتهمه بالكذب بصفته لا بشخصه؛ لولا مقال معالي المستشار ناجي دربالة الشقيق الأكبر للإمام الدكتور عصام دربالة –رحمه الله- الذي نشرته بالأمس جريدة "المصريون" بعنوان ( عصام دربالة رجل بأمة "مشاهد موحية من جنازته" )، والذي سرد فيها بالتفصيل ما حدث من وفد الكنيسة المرقسية في عزاء الإمام الراحل الدكتور عصام دربالة رحمه الله.
ذلك أنني حين كتبت مقالاتي عن الدكتور عصام دربالة رحمه الله اعتمدت جريدة الشروق-سواء اتفقنا أم اختلفنا معها- مصدراً في أحد الأخبار التي بنيت عليها بعض النقاط الهامة في أحد المقالات، وقد تعمدت أن أنشر رابط الخبر على حسابي الخاص بالفيس بوك، والذي كان من بين العناوين البارزة على موقع الجريدة بتاريخ الثلاثاء 11 أغسطس في الساعة الحادية عشر صباحاً ونصه:
(وفود قبطية في عزاء «دربالة» بالمنيا.. ووفد الكنيسة: حوّل الجماعة الإسلامية لفكر يحترم )
ثم طالعت لاحقاً بين السطور لموضوع الخبر على صحيفة الوطن المصرية الداعمة للانقلاب بنفس التاريخ الساعة الثانية مساء حيث قالت:
" ومن جانبها، نفت مطرانية ملوي والأشمونين، إرسال الأنبا ديمتريوس المطران وفدا رسميا للتعزية في وفاة الدكتور عصام دربالة بقريه بني خالد مسقط رأسه، وقال شنودة عشم، إن الكنيسة لم ترسل أي وفود رسمية للعزاء في دربالة، وإن ما تناقلته بعض المواقع غير صحيح، موضحا أن اثنين من كهنة كنيسة قرية بني خالد قدما واجب العزاء لعائلة دربالة، بشكل شخصي احتراما للعادات والتقاليد بالقرى، وتصرفهما كان فرديا وليس بتكليف من الأسقف."
ثم جاءت رواية المستشار ناجي دربالة التي كان نصها:
" وأنا أجلس بديوان العائلة [ البوابة ] متلقياً العزاء ممن لم يلحق بالجنازة لبعد الشقة ونأى الطريق وبكور التشييع حتى لمحت رجلين يرتديان زيهم الأسود المعلوم يدلفان إلينا ويصعدان درجات سلم الديوان فيقابلهما أهلي ويصاحبهما إلى حيث أجلس فيعزياني ويعرفني بإسميهما عمدتنا [ ابن عمى ] . - إذ هيئتهما دالة عليهما - أنهما من رجال الكنيسة (الموقرة ) الأب ديمتريوس والأب كراس راعيا الكنيسة حضرا لتقديم العزاء فى فقيدنا . والحق أن ما دار فى رأسي فى تلك اللحظة أنها مجرد تعزية روتينية لعائلة كبيرة فى القرية فلا تخرج عن ذلك المعنى البسيط فلا تتعداه إلى معان أكثر عمقاً وأبعد مغزى . فإذا بالأب ديمتريوس بعد أن عرف أن من يتلقى العزاء هو القاضي الشقيق الأكبر للشيخ يبادر فيقول : أنا مبعوث من قبل الأب أثناسيوس اسقف ملوى والأشمونين وبتوجيه من الكنيسة المرقسية لتقديم خالص العزاء فى الشيخ عصام دربالة . ثم يواصل محدثاً الحاضرين : الكنيسة فى بنى خالد لم يمسها سوء فى أثناء الأحداث التي تلت 30 يونيه 2013 ، حتى تكاد تكون نموذجاً منفرداً فى المنطقة وكان هذا بفضل ما بثه الشيخ فى نفوس أهل قريته من واجب فى حماية إخوته المسيحيين وكفالة حقوقهم ورعايتهم عندما حضر إليهم والتقى رعاة الكنيسة وكبار رجالها وألقى محاضرة باهرة فى جمع من مسلمي ومسيحيي القرية فوأد فتنة كانت تلوح فى الأفق." انتهت رواية المستشار ناجي دربالة، الضابط العدل الثبت الثقة. وأنا أدعو القارئ ليمعن النظر في الأسلوب الذي تناول به الحديث عن القسيسين وألفاظه وألقابه لهما ومدى علو الأخلاق وسمو الشمائل في الحديث في مقابل لغة المصدر النافي للخبر.
ترى ما هو الدافع وراء أن يقال للمصريين: إن القسيسين ديمتريوس وكراس كاذبان ولم يكلفا بما قالا في العزاء؟ وما الدافع وراء أن يقال للمصريين إن جريدة الشروق كاذبة حين عنونت الخبر "وفد الكنيسة"؟ ومن هو ذلك الحريص على نزع كل ما هو إنساني عن الكنيسة؟ أو نزع ما يتعلق بكلمة حق لن تضيف شيئاً إلى الإمام الراحل رحمه الله بقدر ما تضيف بعداً إنسانياً أو قيمياً للكنيسة المرقسية التي أرادت لها الجهة التي تقف وراء تكذيب هذين القسيسين وتكذيب جريدة الشروق أن تظل الكنيسة في حالة عداء وشحناء دائمة مع جميع الفصائل الإسلامية؟ وهذا أمر وحال لا يسعد به إلا ذوو المصالح الرخيصة والأغراض الدنيئة.
إنني أتفهم عدم احتفاء جهات معينة، بذل من أجلها الإمام عصام دربالة روحه الغالية نصرة لها، فلم تدشن له بعد استشهاده وسماً يكتسح التويتر خلال ساعات، ليكون الوسم الأول كوسم "مرسي لست وحدك "، رغم أن المصاب به أكبر، ولم نجد مؤتمراً عقد باسمه بل جاء ذكره في وسط مؤتمر تحت عنوان:
"مؤتمر علماء رابطة أهل السنة لمواجهة الاستبداد وسفك الدماء "!
بل إنني أكثر تفهماً لما يُختلق على أعضاء حزبه وجماعته من أكاذيب، وافتراءات، ووشايات دنيئة وقفنا عليها بدقائقها وحقائقها ؛غير إننا لا نحب أن نجلد ظهورهم ونقول لهم: قد نصحكم الناصحون، وحذركم المحذّرون من هذا كله من قبل.
إن العاقبة للمتقين، ولن يخيب سعي من أقبل على ربه صادق العزم، نظيف اليد، طيب البطن ، شريف المقاصد، نبيل الغايات.
حق على كل إنسان؛ يعرف قيمة الانسانية، سواء أكان مصرياً أم غير مصري، أن يحتفي بعصام دربالة الإنسان، الذي تجسدت فيه أسمى معان الصدق والرحمة التي يمكن أن يحوزها إنسان.
عزاء الكنيسة المرقسية لآل دربالة بين الحقيقة والكذب
- التصنيف:
- المصدر: