الرنتيسي.. من الجهاد حتى الاستشهاد
مع كل شهيد تجدد فصائل المقاومة الفلسطينية العهد الذي قطعته على نفسها أمام الله وأمام الأمة الإسلامية باستمرار خيار المقاومة والجهاد حتى يندحر العدو الصهيوني...
لا يقف سجل الجرائم الصهيونية عند حد ، فآلة الحرب الصهيونية تضيف كل يوم جديداً لسجلها الإرهابي ، وقد تعدت الجرائم الصهيونية كل الخطوط الحمراء باستشهاد كبار قادة المقاومة الفلسطينية والتي كان آخرها اغتيال شيخ المجاهدين الشهيد أحمد ياسين زعيم حركة المقاومة الإسلامية ومؤسسها في الثاني والعشرين من مارس الماضي عقب أداءه لصلاة الفجر في مسجد بجوار منزل الشيخ الشهيد في غزة .
ومساء اليوم السبت السابع عشر من إبريل أي بعد أقل من شهر من اغتيال شيخ المجاهدين أحمد ياسين يستهدف الصهاينة الزعيم الجديد لحركة حماس داخل الأراضي الفلسطينية في غزة وهو الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فمن هو الرنتيسي وما هي بداياته الجهادية ورحلته مع حماس .
المولد والنشأة
ولد الشهيد عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي والشهير بـ(عبد
العزيز الرنتيسي) في قرية يبنا التي تقع بين عسقلان ويافا.
وقد تجرع الرنتيسي منذ مولده مرارة الاحتلال وعلم جيداً كيف سخرت
الصهيونية كل جهودها لحرب الشعب الفلسطيني منذ تأسيسس الكيان الصهيوني
في 15 مايو 1948، ففي هذا العام لجأت أسرة الرنتيسي إلى قطاع غزة
واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين وكان عمره وقتها ستة شهور.
وكما يعيش الفلسطينيون لاجئون داخل وخارج فلسطين، كان نفس الحال بالنسبة المجاهد الشهيد حيث التحق الرنتيسي وهو في السادسة من عمره بمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين واضطر للعمل أيضا وهو في هذا العمر ليساهم في إعالة أسرته الكبيرة التي كانت تمر بظروف صعبة، وأنهى دراسته الثانوية عام 1965، وتخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقاً درجة الماجستير في طب الأطفال، ثم عمل طبيبا مقيما في مستشفى ناصر (المركز الطبي الرئيسي في خان يونس) عام 1976، والدكتور الرنتيسي متزوج وله من الأبناء ستة أطفال هم ولدان وأربع بنات.
بداية الجهاد
عمل المجاهد الشهيد في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضرا يدرس في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات، وقد اعتقل عام 1983 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال، وفي الخامس من يناير عام 1988 اعتقل مرة أخرى لمدة 21 يوما، ولم يمنعه الاعتقال، أو تمنعه سجون ومعتقلات الاحتلال من مواصلة الجهاد، حيث أسس مع مجموعة من نشطاء الحركة الإسلامية في قطاع غزة تنظيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في القطاع عام 1987.
ومع خروج حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى النور كحركة جهاد
ومقاومة مسلحة ضد الصهاينة المحتلين اعتقل مرة ثالثة في الرابع من
فبراير 1988 حيث ظل محتجزا في سجون الصهاينة لمدة عامين ونصف على
خلفية المشاركة في أنشطة معادية للاحتلال الصهيوني، وأطلق سراحه في
الرابع من سبتمبر عام 1990.
اعتقل المجاهد الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مرة أخرى في الرابع
عشر من ديسمبر عام 1990، وظل رهن الاعتقال الإداري لمدة عام.
الإبعاد إلى مرج الزهور
لم يكن الاحتلال الصهيوني يعي أن إبعاد الفلسطينيين هو وقودهم
للجهاد
ولا يزيدهم ذلك إلا إصراراً على المقاومة والجهاد، فقد أبعد الاحتلال
الشهيد المجاهد في السابع عشر من ديسمبر عام 1992 مع 400 شخص من نشطاء
وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان في المنطقة
المعروفة بمرج الزهور، حيث برز الدكتور الرنتيسي كناطق رسمي باسم
المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة بمنطقة مرج الزهور لإرغام
الصهاينة على إعادتهم، وقد اعتقلت قوات الاحتلال الصهيونية الدكتور
عبد العزيز الرنتيسي فور عودته من مرج الزهور وأصدرت محكمة صهيونية
عسكرية حكما عليه بالسجن حيث ظل محتجزا حتى أواسط عام 1997.
الجدير بالذكر أن الدكتور الرنتيسي شغل عدة مواقع في العمل العام منها: عضوية هيئة إدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني.
نجاة من الاغتيال
كان المجاهد الشهيد من أهم القيادات السياسية في حركة حماس الذين تطاردهم سلطات الاحتلال وتضعهم على قوائم الاغتيال فقد نجى من محاولة اغتيال صهيونية في العاشر من يونيو عام 2003، حيث كانت تحوم في سماء مدينة غزة طائرتان مروحيتان حربيتان من طراز "أباتشي" الأمريكية الصنع، وعند ظهور سيارة الرنتيسي في شارع عز الدين القسام شمال مستشفى الشفاء بالمدينة أطلقت صاروخاً باتجاه الجيب الذي كان يستقله الدكتور الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه وهو السائق وبجانبه مرافق آخر وكان الرنتيسي يجلس في المقعد الخلفي، وأطلقت الطائرات الحربية الصاروخ الأول باتجاه الجيب حيث أصاب مقدمته وعلى الفور تمكن الرنتيسي ومرافقه الذي يجلس بجانب السائق من الخروج من داخل السيارة واتبعته الطائرات بإطلاق صاروخ آخر أصاب وسط الجيب مما أدى إلى استشهاد السائق المرافق.
وتمكن الرنتيسي من الانسحاب مع مرافقه إلى أحد الشوارع الفرعية حيث لاحقته الطائرات الصهيونية بصواريخها إلى الشارع الذي تمكن من الانسحاب إليه وأطلقت باتجاهه أربعة صواريخ أخرى مما أدى إلى إصابته بجروح في ساقه اليسرى وزراعه الأيسر وبعض الإصابات السطحية في صدره.
زعامة حماس
نظراً لكونه من المؤسسين، وكبار المجاهدين، وكبار زعماء حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أختير الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في الثالث والعشرين من مارس 2004 زعيماً لحركة حماس في الداخل الفلسطيني (في غزة) خلفاً لشيخ المجاهدين الشيخ أحمد ياسين الذي اغتاله الصهاينة في الثاني والعشرين من مارس 2004 عقب أداءه لصلاة الفجر وهو على كرسيه المتحرك.
وقد أعلن إسماعيل هنية القيادي الكبير في حركة المقاومة الإسلامية انتخاب الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائداً عاماً لحماس في غزة فيما يرأس الدكتور خالد مشعل حركة حماس، وقال هنية إن "الانتخابات التي جرت داخل مؤسسات حماس في حياة الشيخ ياسين أفرزت الأخ الدكتور القائد عبد العزيز الرنتيسي نائبا للشيخ" أحمد ياسين و"بهذا يقوم الرنتيسي مقام الشيخ بالنسبة للحركة ولشعبنا وأمتنا".
استشهاد بعد رحلة الجهاد
استشهد زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة -عبد العزيز الرنتيسي- وثلاثة آخرون بالحركة من بينهم نجله خلال قصف صهيوني لسيارة كانوا يستقلونها في غزة، حيث قامت طائرة صهيونية باستهدافهم مساء اليوم السبت، السابع عشر من إبريل 2004.
وقد أعلن مسئولون طبيون فلسطينيون أن قائد حركة حماس في قطاع غزة عبد العزيز الرنتيسي استشهد إثر إصابته بجروح خطرة جراء قصف جوي إسرائيلي استهدف السيارة التي كانت تقله كما استشهد اثنان من مرافقيه في القصف نفسه.
وقال الطبيب قادر أبو صفية المسئول عن قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء في غزة إن "عبد العزيز الرنتيسي قد استشهد"، كما قال مصدر أمني فلسطيني إن صاروخين على الأقل أطلقا من مروحية وأصابا بشكل مباشر السيارة التي كان يستقلها الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه اللذين استشهدا كما أصيب ستة من المارة بجروح.
دماء الشهداء وقود المقاومة
مع كل شهيد تجدد فصائل المقاومة الفلسطينية العهد الذي قطعته على نفسها أمام الله وأمام الأمة الإسلامية باستمرار خيار المقاومة والجهاد حتى يندحر العدو الصهيوني، وتتخذ المقاومة من دماء شهداءها وقوداً يزيدها إصراراً وتمسكاً بالمقاومة، لتتحول هذه الدماء إلى جذوة من لهب تحرق الصهاينة وتطهر أرض فلسطين -أرض الأنبياء- من دنس اليهود.
فلم تتوقف المقاومة -ولن تتوقف- بسياسة الاغتيالات الصهيونية فلا اغتيال الشيخ ياسين ولا اغتيال الرنتيسي ولا اغتيال القادة من أي فصيل فلسطيني سيفت من عضد المقاومة لأنه صراع الحق والباطل حتما سينتصر الحق ولكن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب وإن غداً لناظره لقريب والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.
سامح جاد
27/2/1425 هـ
17/04/2004 م
- التصنيف:
saadhamdeh
منذ