أصحاب يـوسـف
ترى هل أنت من أصحاب يوسف؟
نعم، إنه نبى الله الكريم عليه السلام.
سبحان الله!
تخيلوا معى؛ شاب جميل الوجه؛ وسيم الطلعة؛ فاتن الملامح؛ ذكى جدا؛ ورائع فى كل شىء؛ وبالإضافه إلى كل شىء؛ فهو حييى؛ تقي. نعم فقد تمنى السجن والانعزال عن الدنيا ومتاعها؛ بل وكان هذا أحب إليه من أن يفعل شيئا يغضب الله.
أى قلب ذهبي يملك؟ وأي روح شفافة هه؟؟ وأى عقل راجح يفكر؟
يا الله؛ كم تتمناه كل فتاة تحب الله؛ وكم هو مثال رائع لشباب يفتقر إليهم هذا الزمان.
ولكن! ألا يوجد له أصحاب؟ ألا نشاهد له ظلال؟ ألا يتشبّه به الغلمان؟
بلى، وهم حولنا، دعونا نحاول أن نراهم، وهيا معى ننظف غبارا تراكم فوق عيوننا؛ فجعل الغشاوة حجابا أسودا منعنا من رؤيتهم.
الوتد الحي: إنه ينام و هو لا يريد أن ينام! إنه يرتاح و باله غير مرتاح! إنه قلق، ربما يفوته الميعاد؛ خائف أن يتأخر عليها؛ ورغم كل الترتيبات والتبيهات؛ لم يستفد من أي منها؛ لأنه بكل بساطة؛ استيقظ قبل الموعد بلحظات، ليست قليلة. أسرع و قفز من الفراش الدافىء؛ تهيأ للخروج؛ وأسرع يهرول.
الآن؛ الآن الموعد؛ تسارعت دقات قلبه؛ وتلاحقت أنفاسه وهى تختطف الهواء البارد؛ الذى أسعده أن يجول بصدره؛ وأخيرا؛ وصل قبل انطلاق الآذان؛ (آذان الفجر).
احتضنه المسجد؛ وابتسمت له الاركان؛ وضحكت له القبلة؛ وسعد بوجوده الجيران؛ فهو من أوتاد المساجد؛ ثابت على الإيمان؛ إنه دائما أول من يصل؛ وأول من يراه المؤذن عندما يرفع يديه لينادي بصوته الرنان؛ "الصلاة خير من النوم؛ الصلاة خير من النوم". شغل قلبه بانتظار حبيبته؛ ولم يحب إلا الصلاة؛ إنه من أصحاب يوسف. فهل لا زلتم نائمين؟
الأعمى: آه أيها الاعمى؛ إنه لا يراهم؛ ولا يستطيع أن يرى ما يفعلون؛ إنه لا يعرف ما يشاهدونه على تلك الشاشة؛ إنه لم يفتن بالنساء العاريات؛ إنه لم يشغل بعيون الفتيات؛ إنه لم يسر فى وادى الذكريات مع الحبيبات،
إن تكلمتم معه تعجبتم؛ وإن سمعتم له تأثرتم، كيف يعلم وهو أعمى؟ وكيف أصبح حكيما بلا خبره؟
ما لم تعرفوه؛ أنه؛ أنه؛ أنه… الأعمى البصير، فهو أعمى بارادته؛ أعمى برغبته؛ أعمى بهدف نبيل. لا تتعجبوا؛ فهو يملك زمام جفنه؛ يرخيه على مقلتيه فى الوقت المناسب؛ فتحترق كل محاولات إبليس؛ إنه يعرف كيف يصرف نظره، إنه يرى كل شىء إلا الحرام، ولم يفلح الشيطان فى أن يسرق منه نظره؛ لأنه مشغول بذكر الله.
ستعرفونه عندما ترونه يسير فى الطريق؛ مرفوع الرأس بعزة الاسلام؛ تبتسم عيناه وهو لا ينظر إليك؛ يعرف طريقه؛ ولا يرفع نظره؛ لا لذل؛ ولكن... لأنه الأعمى البصير؛ ولأنه من أصحاب يوسف.
العندليب يغني: هل هو يغنى؟ كل يوم يذهب إلى الجامعة؛ ليس وحيدا؛ لكن الجميع يراه أحيانا وحيدا؛ يقف ينتظر القطار ويهز رأسه؛ وهو مستمتع و سعيد؛ وأحيانا حزين! وكان الفضول يجر أصحابه إليه والكل يود أن يعلم بأى أغنية يتمتم ذلك الشاب الحزين؟ إن الأمر محيّر إخوانى؟ لمن يغنى القلب الحزين؟ بل لماذا تتوقف شفتاه عن التغني، ولماذا يخفى الحنين؟ هل هو يغنى للحبيبه؟ أم يغنى للمحبين؟ ولماذا لا تشركنا معك؟ ربما يخف الأنين.
وأخيرا نجح زميل له، وتسلل من خلفه ليسمع غناءه ويكشف سره، إنه يقترب خطوة؛ خطوة؛ بهدوووء؛ وفجأة، أحس أن جسده يرتجف؛ وأطرافه تتجمد؛ وجف حلقه؛ وتخشب لسانه؛ ووقف كالتمثال يسمع؛ والكل يترقب عودته بالخبر اليقين. طال انتظارهم؛ فالتفت إليهم وعاد بخطى خجولة ليحكى لهم نتيجة تجسسه؛ أن العندليب يتغنى بالقران.
كم هو جميل صوته؛ وكم هى رقيقة همساته؛ كانت نبراته تتهلل بذكر الجنة ورحمة الله؛ فتستبشر ملامح وجهه ويظن الكل أنه يغنى. بينما يعتصر ألماعند وصف جهنم وأهل النار، فيرتجف العندليب خوفا، أن يحرم من رؤية وجه الله.
عاد الاصحاب كلهم من خلفه؛ والكل مشتاق ليسمع صوت قلبه؛ وساروا على أطراف أصابعهم الواحد تلو الآخر واستمعوا لمحب يناجى حبيبه بكلامه، فانتهى و التفت إليهم وتسارعت العبرات لتطل من أعينهم التى كانت تحتاج إلى صوته لتصبرعلى زمن الفتن وتغسل ذنوبها بالندم؛ وناجته فى حياء أيا صاحب يوسف لماذا لا تجهر بالقران؟
هل أنت من أصحاب يوسف؟ سؤال لابد أن تسأله لنفسك؛ وإليك الاجابة:
إن كنت تسرع بإدارة وجهك أمام الشاشة عندما تقفز منها الفتنة متجسدة فى أغنيه خليعة؛ فأنت من أصحاب يوسف.
إن كنت تفضل أن تنتظر أو تصعد السلم بدلا من مصعد بيتك، لأن فيه جارتك وحدها، فأنت من أصحاب يوسف.
إن كنت تسرع بغلق سماعة الهاتف حين تهتز بصوت خليع ليس له هم إلا التلاعب بدقائق تمضى لتقربنا نحو القبر، فأنت من أصحاب يوسف.
إن كنت طبيبا يفتح عينه فيرى الله بقلبه قبل أن يرى جسد مريضته، فأنت من أصحاب يوسف.
ان كنت لا تسرع بالخطوات خلف الفتيات وتلاحقهن بالنظرات وتلاطفهن فى الـ chat وتخدعهن بالكلمات؛ إن كنت تعرض عن هذا، فأنت من أصحاب يوسف.
ترى هل أنت من أصحاب يوسف؟
- التصنيف:
- المصدر: