المنطقة رقم 23

منذ 2009-02-01

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي ال22 منطقة التي قبلها، وما هي المناطق التي تليها؟!!...


ترددت كثيرا قبل أن أكتب هذه الكلمات، كانت تراودني نفسي وتقول وبماذا ستفيد هذه الكلمات والجميع يعلم ويرى ما يحدث، هل ستقدمين جديدًا، ولكنني وجدت خوف من داخلي، خوف من المشاكل التي يمكن أن تسببها هذه الكلمات، فعلمت أن ترددي هذا ناشىء عن خوف من أي أحد غير الله، فقررت أن أروضها حتى لا أكون ساكتة عن الحق، كاتمة للشهادة...

من يقرأ عنوان المقال قد يعتقد أنه لغزًا بوليسًا يدور حول جريمة قام بها أحد الأشخاص تجاه فرد أو مجموعة الأفراد ونحاول فيه أن نبحث عن الجاني محاكاة بما يحدث في الروايات والأفلام البوليسية، والحقيقة أنه بالفعل يتحدث عن جريمة حدثت بل وتحدث يوميا، والحقيقة المُرة أيضًا أن الجاني معروف للجميع، والحقيقة الأمرّ من ذلك أننا قد نكون رأينا أو كُنا شهودًا على بعضها ولكننا لزمنا الصمت وكتمنا الشهادة، والواقع المرير يقول أن المسؤولين عن القبض عن الجناة قد يكونوا أحد الشهود على الجريمة ولكنهم التزموا الصمت كغيرهم إما لمصلحة وإما خوفًا على مستقبلهم وأنفسهم!!!...

وإليكم القصة...

على نيل القاهرة يقبع مبنى ضخم يبدو للناظر من بعيد أنه مستشفى حكومي معروف للجميع نظرًا لكمية الدعاية التي نالها خلال السنوات الماضية لأنهم كانوا يجمعون تبرعات لبناء مستشفي جديد وهو، وأيضًا لأن المنطقة المحيطة به أغلبها مستشفيات تابعة للحكومة وهي منطقة القصر العيني بالقاهرة...

من يقترب من المبنى أكثر ويحاول أن يدخل ليزور المرضى يجد أن الفقر هو العامل الرئيسي هناك ويبدو ذلك من شكل وملبس وهيئة أغلبية المرضى هناك... وهذه الأسباب جعلتهم هدف لكل من يريد أن يدعو لأي فكر وأي عقيدة، فهناك تجد الفكر الماسوني النابذ للأديان موجودًا تحت اسم نوادي الروتاري والروتر آكت، واللوينز، والمدعومين بكبار الشخصيات من الحكومة المصرية ومنها زوجة الرئيس شخصيا، وهم مسؤولون عن مستشفى سرطان الأطفال الجديد، ولطيبة وسذاجة بعض الدعاة يستجيب لدعوتهم بعمل بعض دعاية عن المستشفى ليتم استخدامه كوسيلة لجمع الأموال، ثم يأتي هؤلاء الماسونيين في إعلان آخر بأحد رجال الكنيسة ليدعو الناس لجمع التبرعات الخيرية، وبهذا في تفكيرهم يكونوا قد ارضوا الجميع!!!، بل في بعض الأحيان يضعون من يمثل الدين الإسلامي وأحد من يمثل الكنيسة في إعلان واحد ليوضحوا فكرة وحدة الأديان!!!، ويندفع بعض الدعاة بطيب نية وراء هذه المهاترات والسخافات التي يريدون الترويج لها، وإن دقق أحدهم النظر لعلم عمق القضية، بل لقد سمعت من أحد الأطباء المسؤولون عن جمعية أصدقاء معهد الأورام مرة بنفسي يقول: "أنهم قد تلقوا تبرعات بمبلغ مليون جنيه مصري من مطاعم ماكدونالدز"، ثم يعقب ساخرا قائلا: "بالتأكيد ستقولون لي أن هذه المطاعم أمريكية، وما يهمني أنا إن كان أمريكيا أو حتى إسرائيليًا، فكل ما يهمني هو أن يعطيني المال!!!"... وهذه الكلمات سمعتها بنفسي عندما كنت ما أزال طالبة في الجامعة وأذهب إلى هناك لرعاية المرضى، وكانوا من فترة لأخرى يقومون بعمل اجتماعات لنا للدعاية عن المشروع الجديد ويستغلون طيبة وحسن نية المتطوعين، ومنذ سمعت هذه الكلمات، وفهمت عمقها، وعلمت فتوى تكفير من يتبع لهذه المنظمات، علمت مدى المؤامرة على الإسلام....

ونعود إلى موضوعنا الرئيسي من جديد...

ولنصعد سويا درج المبنى حتى نصل إلى عنابر المرضى... نبدأ بمرضى من نوعٍ خاص... مرضى تتعجب من وجودهم في هذا المكان نظرًا لأن أقرانهم في النوادي والحدائق والمتنزهات يلعبون، ولكن قَدر الله لهم أن يبتليهم بهذا المرض الخطير الذي يَهُد عزيمة الكبار فما بالنا بالصغار؟!... ترى الطفل منهم وقد بدت علامات الكهولة على وجهه وهو ما يزال لم يكمل عامه الثالث بعد، وترى الطفلة منهم فتكاد بصعوبة تميزها عن الطفل الذكر لأن العلاج الكيميائي قد أتى على شعرها الذي هو زينة الأنثى وبه تتميز...

ندخل العنابر لنجد ثمان أسرة في عنبر واحد، وعلى كل سرير منهم طفل ومعه أمه التي تركت بيتها وأولادها لتجلس بجوار هذا المسكين تراعيه وتقوم على شؤونه، وغالبهم بل يكاد يكونوا كلهم من الطبقة البسيطة جدا من الشعب، طبقة بسيطة الحال في هيئتها وتعليمها وطريقة كلامها، طبقة أظن أنهم بالكاد يتحملون مصاريف مأكل ومشرب أبنائهم... وعندما تراهم تستشعر بمدى نعم الله عليك من صحة وعلم وغيره الكثير، هذه النعم نكاد نكون قد نسيناها في ظل واقعنا المادي المرير القائم على التنافس فكان عاقبة هذا التنافس على الدنيا أن عاقبنا الله بعدم استشعار أي نعمة في يدينا لأننا دائما ننظر لما في يد غيرنا...

كنا نذهب يوم الجمعة صباحًا في بعض الأحيان لنقص بعض من قصص الأنبياء التي فيها ابتلاءات لنشعرهم أنهم ليسوا وحدهم المبتلين - وليس لأن رب محمد لا ينفعهم كما سمعنا عن بعض ما يقوله لهم المنصرين الذين يذهبون إلى هناك-، بل هناك من هو أحب إلى الله منا جميعا وقد ابتلاهم الله ليطهرهم ويعزهم ويكرمهم...

وكنا في بعض الأحيان نجد زوارًا لهم من نوعٍ آخر غيرنا... زوار جاؤوا بعدتهم وعتادهم... زوار جاؤوا ليصدوهم عن سبيل الله... وهؤلاء الزوار هم زوار من الكنيسة وكانوا يتعمدون أن يأتوا وقت صلاة الجمعة والأغلبية مشغولون ولا يوجد سوى النساء؛ حتى لا يشعر بهم أحد!!!

كان عددنا قليل لا نكاد نعدد على أصابع اليد الواحدة، ولكنهم لا يقلون عن العشرين شابًا وفتاة، منهم المصريين ومنهم الأجانب، أتوا ومعهم من الهدايا واللعب ما يساوي قيمته الآلاف، فكنا نتحير ماذا نفعل معهم لأننا نعرف أنهم قد يكونوا مدعومين من الحكومة نفسها، وإن تكلمنا فلربما ينقلب الوضع علينا نحن ونمنع من القدوم مرة أخرى...

كنا نراقب الوضع من بعيد ونشاهد ماذا يحدث... يكاد قلبنا ينفطر لما نراه، ولكن ليس بيدنا أي شيء...

وجدت مرة معهم صندوقا ضخما، طوله حوالي مترين وعرضه لا يقل من متر أو متر ونصف ويبدو وكأنه قد تم شحنه لهم كما هو من جهة خارجية، ووجدت مكتوبًا على الصندوق "منطقة رقم 23"... لم استطع أن ألفت وجهي للحظات عندما قرأت هذه العبارة... شعرت وكأن أحدًا قد صفعني على وجهي من شدة الصدمة، وأخذت أدقق "منطقة رقم 23"!!!، أي أن قبلها 22 منطقة!!!، وتُرى كم بعدها من المناطق؟!!...

كانوا يوزعون على كل طفل صندوقا صغيرًا، فطلبنا مرة من أحد الأهالي أن يرينا ما بالصندوق بعد أن مضى هؤلاء المنصرين، فوجدنا الصندوق مليء باللعب والملابس، والأدوات المدرسية، والألوان وكتب التلوين، أشياء لا يقل ثمنها عن 60 جنيهًا مصريًا إن لم يكن مائة أو أكثر، أي ما يوازي من 12 إلى 20 دولار تقريبًا... هذا ونحن نتحدث عن أن العنبر الواحد به ثمان أسرة والدور الواحد به حوالي خمس أو ست عنابر فتُرى من أين يأتي هؤلاء بكل هذه الأموال؟!!، وكيف تتركهم الحكومة في حين تضيق على أي تحويل يأتي من الخارج لأي جمعية إسلامية؟!... سؤال نطرحه ونكمل القصة....

كنت في زيارة هناك من فترة وسألت عن هؤلاء الزوار هل مازالوا يأتون؟، فأجابوني أنه قد وقعت واقعة منعتهم من معاودة المجيء وهي أنهم أتوا في يوم وبالمصادفة كان هناك إحدى الجمعيات الخيرية في نفس الوقت، وقاموا بتوزيع هدايا على المرضى ومن ضمنها نسخًا صغيرة من الأناجيل، فجرى الدم في عروق أحد المرضى وذهب ليبلغ الممرضة المسؤولة بما حدث وأعطاها الإنجيل الذي وزعوه عليهم، فما كان من الممرضة إلا أن أبلغت أحد الأطباء الشرفاء... وانتهى الموضوع بأنهم منعوهم من الدخول إلى هناك مرة أخرى...

القصة بفضل الله انتهت نهاية سعيدة لأن هذا المكان يلقى اهتمام واسع من الجمعيات الخيرية الإسلامية، والدعاة، وحتى الأفراد، لكن ما بالنا بباقي المناطق التي لا يعلم أحد عنها شيئًا...

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما هي ال22 منطقة التي قبلها، وما هي المناطق التي تليها؟!!...

صيحة إنذار لنا جميعا، وسؤال أتمنى أن أجد إجابته...

مروة يحيى

المصدر: طريق الإسلام
  • 116
  • 3
  • 36,279
  • عبد الحي

      منذ
    كما يسعى المنصرون واصحاب الدعوى الماسونية وغيرهم . يجب أن يسعى المسلمون واصحاب الدعوى الإسلامية وذلك ابسط المنطق ......!!!!! أم ماذا يرى الأخوة الغيورين على الدين .
  • فريدة

      منذ
    [[أعجبني:]] كلّ ما فيها
  • فريدة

      منذ
    [[أعجبني:]] كلّ ما جاء فيها تنبيه لخير أمّة أخرجت للناس
  • ahmedhsm

      منذ
    [[أعجبني:]] الجرأه والصراحه وهى من العناصر المفقوده فى عصرنا هذا قال (ص)جاء الاسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء صدق رسول الله (ص) [[لم يعجبني:]] كيف تم السماح لهؤلاء الاشخاص بالدخول... يجب التحرى عن كل شخص والتحقق من هويته والتحرى عن ما معه دون استثناء لاى شخص والله ولى التوفيق
  • ابو عمر السلفى

      منذ
    [[أعجبني:]] تدور على الذين كفروا الدوائر وينتهى الامر بهم الى علو كلمة الله مهما حاولوا اطفائها"يريدون ان يطفئوا نور الله بافاههم والله متم نورة ولو كرة الكافرون". والله ان ديننا لهو الدين الغالب باذن الله مهم حقد الحاقدون ودبر المدبرون اللهم انصر دينك دين الاسلام واجعل تدبيرهم تدميرهم انك على كل شئ قدير اللهم اميييييين [[لم يعجبني:]] نرجوا توضيح كيف تمنع ادخال المساعدات الخارجية للجمعيات الخيرية اكثر وجزاكم الله خيرا
  • د0شكرى

      منذ
    [[أعجبني:]] كل امرىء من يقف على ثغر من ثغور اللإسلام فليحذر أحدناأن يؤتى الإسلام من جانبه [[لم يعجبني:]] الموضوع كله طيب
  • أبا زيد المصرى

      منذ
    [[أعجبني:]] جزى الله خيرا الأخت خير الجزاء [[لم يعجبني:]] أن التعتيم على مثل هذا من وسائل الإعلام لا أدرى لمصلحة من حتى أصبح الإسلام كلأ مستباح ياصاحبى وعرض ليس عنه أحديزود
  • جلال معوض

      منذ
    [[أعجبني:]] حقا مسلمه . ارجو قراءة كتاب اباطيل واسمار وكتاب الطريق الى ثقافتتنا للكاتب محمود شاكر ابو فهر. يتبن لك من هذه الكتب ماذا فعلو هؤلاء بهذه الامه وماذا يريدون [[لم يعجبني:]] قلة السالكين
  • Mohaned20

      منذ
    [[أعجبني:]] جزاك الله خيرا . هذا فى مصر اما فى السودان ودارفور خصوصا فهنالك العجب العجاب لحملات التنصير
  • بنوتة

      منذ
    [[أعجبني:]] 1-شجاعتك وأن كل واحد مسلم داعية إلى الله من موقعه ومجال عمله وتركيزة،، 2- لا تترك شيئا لأن اله جعلك تلاحظه ولم يلاحظه غيرك أو لاحظه ولم يتكلم ، أما أنت تكلمت وبلغت عدد أكبر من الناس فلربما رزق الله هذا المنكر من يغيره ويحترس منه ممن بلغتهم أنت فيكون ف ميزان حسناتك 3-طريقة وأسلوب تحذيرك وذكر قصة نجاح فشل خطتهم 4-مهما عملوا النصارى فالمسلمون معتزين بدينهم وعقيدتهم وربما لم يفهموا مغزى هذه الهدايا فتفشل خطتهم أو فهموا فيقوى دينهم أكثر ويمكرون ويمكر الله [[لم يعجبني:]] 1_عدم التدقيق من جانب بعض الدعاة ف الأهداف الخفية!! 2_الحكام وعدم حرصهم من تلك الدعاوى بل متابعتها وتشجيع أسماؤها 3_أرجو أن يتحسن عرض الموضوع بأسلوب إيجابى أكثر بذكر شئ إيجابى نفع فعلا فى ردع وصد هذه الدعاوى(أو ف أى موضوع سلبىأو منكر عامة) حتى لا يشعر بعض الناس ببعض باليأس أو الإحباط ويصدهم ذلك عن فعل القليل الشئ الايجابى مثل الأحاديث التى فيها تبشير وفرحة بعودة الإسلامأو قصة نجاح فعلا مثل التى وردت ف آخرالمقالة فتعطى بذلك طاقة عالية لكل فرد من المسلمين لفعل أي شئ ولو صغير 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً