لماذا لم يحرّم الله العبودية؟
محمد علي يوسف
طارق خِضْريسأل: لماذا لم يحرّم الله العبودية؟
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة - موضوعات متنوعة -
فكرة محاكمة الإسلام لتصوراتنا الحالية والتي لم تستقر إلا منذ بضعة عقود؛ فكرة خاطئة ابتداءً؛ يا طارق يا صديقي. لماذا افترضنا أساسا أن تحريم الرق مطلقا هو الأصل؟
لحد أقل من 100 سنة فاتوا؛ كان الرق نظام قائم في كل الدنيا؛ ولم تأت شرعة تقننه وتسد أغلب منافذه وتضبط العلاقة مع العبيد والإماء إلا الإسلام، لكن لابد من اعتبار مهم حين ننظر إلى الرق؛ وهو ألاّ ننظر إليه بمنظار واقعنا المعاصر.
يعني احنا دلوقتي أجيال نشأت والنظام ده مش موجود؛ فلن نستطيع أبدا ضبط تصور من عاشوا منذ قرون وتوارثوا عن آبائهم وأجدادهم هذا النظام.
الرق في الوقت اللي نزل فيه الإسلام كان جزءا لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية نفسها؛ والرقيق كانوا مالا حقيقيا والبعض كانت أغلب ثرواتهم من هذا المجال.
تخيل حضرتك كدة النهاردة ظهر قانون فجأة بيأمم السيارات أو الشقق والبيوت؟ ايه هيكون رد فعل أصحاب تلك الأملاك حين تأتي لتجردهم فجأة من أموالهم؟
كمان كان فيه أجيال متتابعة نشأت وترعرت عبيدا وإماء؛ ودول قنبلة اجتماعية واقتصادية موقوتة.
انسان نشأ وترعرع وهو لا يعرف شيئا إلا أنه عبد تابع لا يتصرف ولا تتصرف في أمر نفسه؛ وفجأة قالوا له اتفضل اتصرف واتصرفي. لا لك بيت ولا مهنة ولا نفقة ولا أحد مسؤول عنك. فجأة لقى نفسه في الشارع ولأول مرة؛ وهو الذي كان وأبوه وجده وجد جده عبيدا؛ هيعمل إيه؟
اللي حصل في الواقع لما حرمت الأمم المتحدة الرق إن نسبة كبيرة من هؤلاء توجهوا للجريمة أو البغاء؛ وفيه أحياء كاملة إلى اليوم في بعض البلدان؛ تعاني إلى اليوم من آثار تلك الكتلة البشرية التي وجدت نفسها فجأة مسؤولة عن نفسها؛ وسكنت تلك الأحياء التي صارت منبعا للجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والبغاء؛
وكثير منهم رفضوا أصلا إنهم يسيبوا ملاكهم؛ وظلوا عندهم بصفتهم خدما وليسوا عبيدا؛ الإسلام عمل إيه في المشكلة دي بقى؟
بخلاف تجفيف منابع الرق وقصرها على سبي الحرب مع الكفار؛ والتشجيع الرهيب على عتق الرقاب؛ والذي لم يسبق إليه أي تشريع؛ جعل نظام اسمه المكاتبة {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور:33]، يعني لو العبد عايز يبقى حر؛ ما فيش مشكلة يشتري حريته. يشوف مالكه عايز فيه كام؛ ويبدأ يعمل أو يحترف مهنة ما ويدفع ثمنه لمالكه؛ والشرع أمر المُّلاك إنهم يقبلوا ده بشرط ظهور الخير من العبد؛ بكدة يبقى التحرر بشكل منتج يطلع مواطن صالح ينفع نفسه وينفع المجتمع ولا يكون مجرد حمل إضافي على هذا المجتمع أو قنبلة موقوتة كما حدث في الأنظمة الأخرى.
وطبعا؛ في كلام كمان ممكن يتقال؛ بس الإجابة طوّلت وإيدي وجعتني من الكتابة.