عوامل النجاح في العمل المؤسسي

منذ 2009-02-21

إن مجرد ممارسة العمل من خلال مجلس إدارة، أو من خلال جمعية ومؤسسة خيرية لا ينقل العمل من كونه عملًا فرديًا إلى العمل المؤسسي؛ فكثير من المنظمات والجمعيات الخيرية الإسلامية التي لها لوائح وأنظمة، ومجالس إدارة وجمعيات عمومية- إنما تمارس العمل الفردي، فالمنظمة أو الجمعية تعني فلانًا من الناس فهو صاحب القرار.

وحتى يؤتي العمل المؤسسي ثماره المرجوة، وحتى يتجنب آثار العمل الفردي كان لابد له من مقومات لتسهم في إنجاحه، ومن أهم هذه المقومات:

1- أن يكون مصدر القرارات مجالس الإدارة، أو اللجان المخولة، لا أن يكون القائد أو الفرد هو مصدر القرار، بل إن القائد يستمد صلاحياته من المجلس، لا العكس، وأن تملك هذه اللجان مراجعة ونقض قرارات القادة.

2- أن تكون لغة الحوار هي اللغة السائدة، وأن يكون التنازل عن الرأي الشخصي حين يعارض رأي المجموعة أسلوب العاملين بما فيهم القادة.
أما حين يتمسك الفرد برأيه بحجة اقتناعه به فسوف يفقد العمل المؤسسي قيمته. ومن أعظم الشواهد على ذلك موقف النبي صلى الله عليه و سلم حين استشار أصحابه في أحد، وكان رأيه صلى الله عليه و سلم البقاء في المدينة، بل قد رأى رؤيا تؤيد رأيه، لكنه تنازل عن رأيه لرأي جمهور أصحابه، وحين انتهت الوقعة وتحققت رؤياه صلى الله عليه و سلم لم يلم أولئك الذي كان رأيهم الخروج.

3- التركيز في جداول الأعمال على المنطلقات والأسس، وعلى الخطوط العامة، دون المسائل الإجرائية والتي يكثر الجدل حولها والخلاف، والمسائل الإجرائية التي تحتاج لمجرد قرارات إدارية بحتة يجب أن تترك للأفراد.

4- وجود أرضية ومنطلقات مشتركة لدى العاملين، ومن ثم فلابد للمؤسسات والجمعيات الإسلامية من تحديد ثوابت ومنطلقات أساسية في عملها تكون بمثابة إطار مرجعي للعاملين في هذه القطاعات، وتشكل أصول أهل السنة والجماعة أهم هذه القواعد والأسس.
ثم تكون هناك بعد ذلك منطلقات، ومعالم عامة توجه سير خط العمل تتناسب مع المرحلة والظروف التي تعيشها المؤسسة، كل ذلك يجب أن يمثل الإطار الذي ينطلق منه الجميع.
أما حين لا تحسم هذه القضايا، أو حين تختلف المنطلقات فقد لا ينجح العمل المؤسسي في أداء رسالته.

5- الاعتدال في النظرة للأشخاص؛ إذ تسيطر على كثير من مجتمعات المسلمين نظرة مبالغ فيها للأفراد، وقد تصل الصورة إلى حد الغلو لدى بعض الفئات المنحرفة، وحتى أهل السنة الذين سلموا من الغلو والتقديس للأشخاص قد لا يسلم بعضهم من إعطاء هالة لبعض الأشخاص، وتترك هذه الهالة أثرها في مدى استعداد هؤلاء لمناقشة رأيهم، أو احتمال رفضه مع بقاء الاحترام والتقدير الشخصي.

فحين يوجد أمثال هؤلاء في ميادين العمل، فقد يشكلون ضغطًا وتوجيهًا للآراء غير مباشر.

ولعل عمر رضي الله عنه فطن لهذا المعنى حين عزل زياد بن أبي سفيان، فقال زياد في ذلك: "لم عزلتني يا أمير المؤمنين؟ ألعجز أم خيانة؟!.
فقال عمر: لم أعزلك لواحدة منهما، ولكني كرهت أن أحمل فضل عقلك على الناس" (*).


---------------

(*) مقدمة ابن خلدون [164].








المصدر: موقع المربي

محمد بن عبد الله الدويش

بكالريوس في الاقتصاد الإسلامي وماجستير في التربية وطرق التدريس

  • 5
  • 0
  • 18,745
  • أحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] انا ارى ان من اعظم اسباب تأخر المسلمين في العلوم التطبيقية هو 1- غياب المنظومة الادارية 2- غياب مفهوم العمل الجماعي

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً