الخطر الأعظم
أعطى الله أمّته كلّ ما وعدها! وما سَلب أعداؤها شيئًا من بلادها، ولا سُلِّطوا على شعب من شعوبها؛ إلا بمساعدة المسلمين أنفسهم إياهم على أنفسهم، كما يعلمه كل واقف على تاريخ الاستعمار!
الخطر الأعظم على الأُمّة؛ خَونة ساستها وحُكّامها وعلمائها! وبجهادهم أولًا؛ يبدأ التطهير، ويظهر صلاح الدين!
قال محمد رشيد رضا رحمه الله: "ربما يتوهّم بعضكم أن المشقّة؛ أن الأُمّة العربية لا تملك ما يملك المعتدون عليها، والجادّون في السعي لاستعبادها، من المدافع والدبابات والطيارات والأساطيل، فتقاتلهم بمثل سلاحهم كما أوجب الشرع عليها! كلا.. إن هذا أهون الخطرين!
وإنما الخطر الأكبر الذي يندفع باندفاعه كل ما دونه؛ هو قتال العرب بالعرب، وتخريب بيوتهم بأيديهم؛ بما يبذله هؤلاء المستعمرون لهم من مال، يستأجرونهم به لقتل أنفسهم، وما هو إلا مما يسلبونه من بلادهم في الحال أو المآل، وبما يستخدمون به طلاب الإمارة والوزارة وما دونهما من المناصب لخيانة أمتهم، وهدم معاقل استقلالها!
وإنما هو ألقاب باطلة لا يخرجون بها عن كونهم خدمًا أذلة للمستعمر السالب لسلطانهم الصحيح، ومجدهم التليد!
فلعنة الله على أمثال هذه الإمارات والوزارات والمناصب الصورية المدنسة برجس الخيانة.. وعلى هذا السّحت الذي يبيعون به أوطانهم لأعدائهم!
وإن أُمّة يعيش فيها أمثال هؤلاء الخونة، مكرمين مخدومين مزينين بألقاب الجلالة والعظمة، والسمو والفخامة والسعادة؛ لا يمكن أن تكون أمة عزيزة مستقلة! بل لا بد أن يُسلب منها ما بقي لها من استقلال ومال وشرف وحرية، إلا أن تتوب إلى ربها، وتجتث شجرة الخيانة من بلادها كلها!
فالأُمّة العربية مُستمدة للحياة، ولا تلبث بعد تطهيرها من هؤلاء الأنذال؛ أن يظهر فيها صلاح الدين فيقودها إلى الوحدة ومجد الاستقلال.
فقد أعطى الله أمّته كلّ ما وعدها! وما سَلب أعداؤها شيئًا من بلادها، ولا سُلِّطوا على شعب من شعوبها؛ إلا بمساعدة المسلمين أنفسهم إياهم على أنفسهم، كما يعلمه كل واقف على تاريخ الاستعمار! وآخره .. استيلاؤهم على هذه البلاد العربية من فلسطين إلى العراق!
فإلى متى تَسكت الأمة للخونة، الذين رضوا أن يكونوا شرّ سلاح للأجانب، تَفتح بهم بقية بلادها، لتقضي على البقية القليلة من مُلكها؟" (مجلة المنار).
- التصنيف:
- المصدر: