إعلام الأكياس بمناقب شيخنا عباس
ترجمة شيخنا المقريء الدكتور عباس المصري رحمه الله
- التصنيفات: تراجم العلماء -
الحمد لله على ما قضى وقدر والشكر له على ما أمضى ودبر، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى ونبيه المجتبى وعلى آله وصحبه وسلم؛ وبعد:
فقد قدر الله -وقدر الله نافذ- أن يفارق أبصارنا ويغيب عن عيوننا ويرحل عن دنيانا شيخنا وأستاذنا وحبيبنا وبهجة نفوسنا الشيخ المقرئ الفاضل الجليل الوالد الدكتور عباس المصري رحمه الله وذلك يوم الإثنين 16 شوال 1425هـ 29 نوفمبر2004م.
وهو وإن فارق الأبصار لكنه والله ما فارق البصائر، وإن غاب عن العيون لكنه في قلب القلب حاضر، وإن رحل جسده عن دنيانا لكن علمه في الأرض سائر، وإن فارق نعيم الدنيا لكنه بإذن الله في نعيم الجنان طائر. نحسبه والله حسيبه.
خلا منك طرفي وامتلا منك خاطري *** كأنك من عيني نقلت إلى قلبي
والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإناعلى فراقك يا شيخنا لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها.
التعريف بالشيخ:
هو الشيخ ذو الصوت الرقيق والقلب الخاشع واللسان الذاكر والوجه البشوش والتواضع الجم والأدب الرفيع شيخنا ووالدنا المقرئ الدكتور: أبو محمد عباس بن مصطفى أنور بن إبراهيم المصري.
ولد شيخنا رحمه الله في يوم الجمعة الموافق 18 من شهر شعبان لعام ألف وثلاثمائة وأربع وستين من الهجرة الموافق 27 من شهر يوليو لعام ألف وتسعمائة وخمس وأربعين من الميلاد بمستشفى الجلاء بالقاهرة.
عاش الشيخ رحمه الله معظم أيام صباه في محافظتي القاهرة والزقازيق. وبعد انتهاء الثانوية العامة التحق بكلية الشرطة وتخرج منها عام 1966م وكان الثاني على الدفعة وعين بعد تخرجه بهيئة التدريس بأكاديمية الشرطة وحصل على الماجستير من كلية الحقوق جامعة عين شمس ثم سافر إلى فرنسا في فرقة تدريبية تابعة لكلية الشرطة وبعد عودته إلى مصر استقال من كلية الشرطة بسبب رغبته الشديدة في إطلاق لحيته رغم رفض والدته لتلك الاستقالة لكنه قدم مراد الله وآثر رضاه.
وعين بعد ذلك كمدرس مساعد في كلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم ثم حصل على الدكتوراه من كلية الحقوق جامعة عين شمس عام 1980م واستمر يدرس بجامعة القاهرة فرع الخرطوم حتى قدم استقالته عام 1982م ثم عين أستاذًا مساعدًا بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض عام 1983م وظل بها حتى عام 1997م حيث قدم استقالته وعاد إلى مصر مفرغاً نفسه للإقراء.
توجه الشيخ نحو حفظ القرآن:
لقد اتجه شيخنا رحمه الله لحفظ القرآن في سن لم تجر عادة غالب الناس للحفظ فيه ولا ندري بالضبط متى ابتدأ الشيخ في حفظ القرآن لكنه أتم حفظه بعد الثلاثين من عمره ثم اتجه بعد ذلك إلى تجويد القرآن وتعلم القراءات.
أولاده:
رزق شيخنا بخمسة أولاد: ثلاثة من الذكور وبنتان وهم:
1. محمد وقد قرأ ختمة كاملة على الشيخ بقراءة عاصم من طريقي الشاطيبة والطيبة.
2. عبد الله وقد قرأ على أخته الكبرى ختمة كاملة برواية حفص من طريق الشاطبية.
3. عبد الرحمن وقد قرأ ختمة كاملة على الشيخ بقراءة عاصم من طريق الشاطبية وكان آخر من ختم على الشيخ وكان ذلك في نهاية شهر رمضان الماضي لعام 1425للهجرة.
4. وله ابنتان قرأت الكبرى منهما على الشيخ ختمة كاملة برواية حفص. نسأل الله أن يجعلهم خير خلف له.
شيوخه:
1. فضيلة الشيخ: أحمد مصطفى أبو الحسن
قرأ عليه القراءات العشر الصغرى عدا رواية قالون عن نافع. ثم قرأ عليه زيادات شعبة من طريق الطيبة وكان ذلك آخر ما قرأه شيخنا رحمه الله قبل وفاته.
2. فضيلة الشيخ: أحمد عبد العزيز الزيات
قرأ عليه رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية.
3. فضيلة الشيخ: عبد الحكيم عبداللطيف
قرأ عليه روايتي قالون عن نافع من طريق الشاطبية و حفص عن عاصم بقصر المنفصل من طريق طيبة النشر.
4. فضيلة الشيخ: محمد عبد الحميد عبد الله
قرأ عليه القراءات الثلاث المتممة للعشر، ومن طيبة النشرقرأ بروايتي حفص بقصر المنفصل وورش من طريق الأصبهاني.
5. فضيلة الشيخ: بكري الطرابيشي
وهو أعلى من يقرؤون الشاطبية سندًا في العالم
قرأ عليه القراءات السبع عدا قراءتي ابن عامر وحمزة.
6. فضيلة الشيخ محمد عيد عابدين:
قرأ عليه أبيات متن الدرة كاملة وأجازه الشيخ بها
تلامذته:
تلاميذ الشيخ كثيرون من أشهرهم: الشيخ طارق عوض الله، الشيخ صابر عبد الحكم، والشيخ وليد إدريس، والدكتور توفيق العبقري المغربي وغيرهم.
أهم ما تميز به شيخنا رحمه الله:
من لازم الشيخ رحمه الله وعاش معه لا يستطيع حصر ما تميز به من صفات حميدة وخصال جميلة من أبرزها:
السمت الحسن:
كان سمت الصالحين الحسن بادياً على شيخنا جدًا وكل من رآه أبصر هذا فيه بدون تكلف من الشيخ ولا تصنع بل هكذا كانت سجيته فقد كان يمشي خافضًا رأسه ذاكراً لله، متواضعًا. تبدو عليه أمارات الصلاح والتقى.
ذكره لله:
وكان هذا من أبرز سمات الشيخ فقد كانت حياة الشيخ عامرة بذكر الله، وكان حاله في الذكر عجيباً جدًا لا يدع ذكر الله بحال
فقد كان ذاكرا لله في بيته وفي مسجده وفي سيارته وفي سفره وإقامته.
ولقد كان الشيخ يظل بعد فراغه من الصلاة يذكر الله ما يزيد على الربع ساعة ثم يقوم بعد ذلك لإقراء طلبته، وكان ملازماً لأذكار الصباح والمساء لا يدعها أبداً بل ربما كان الواحد من طلبته يقرأ عليه فيقول له الشيخ: "حسبك" ثم يظل يذكر الله.
وكان إذا سافر يظل يذكر الله من حين ركوبه سيارته حتى يصل وربما اصطحب معه بعض طلبته للقراءة عليه في سفره.
صبره وجَلَده:
كان شيخنا رحمه الله صبورًا جدًا يعرف ذلك كل من قرأ عليه ولازمه
ولقد كان الواحد منا يخطئ أثناء القراءة فلا يصوب له الشيخ مباشرة بل ينبهه لخطئه مرتين أوثلاث فإن لم ينتبه لخطئه بينه له الشيخ.
ولقد كان يجلس للإقراء من بعد صلاة الصبح حتى التاسعة صباحًا ثم يقرئ من بعد الظهر حتى بعد العشاء.
ولقد كنا نقرأ عليه مرة فغلبته عيناه لحظات فأحس بذلك فقلنا له: "يا شيخ اذهب فاسترح" فقال: "لا" ثم قال: "ائتوا لي بماء" فظننا أنه سيشرب فإذا بالشيخ يغسل وجهه بالماء وكان هذا في الشتاء البارد.
ومرة كنا نقرأ عليه، وكان بالشيخ ألم شديد في بطنه حتى أنه كان يتلوى من شدة الألم، ورغم ذلك رفض أن يذهب إلى بيته ليستريح رغم إلحاحنا عليه في ذلك فرفض وقال: "لا، أنتم أتيتم إلى هنا لتقرءوا فلا بد أن تقرءوا مهما حدث!!" فلله دره.
همته العالية:
إن الناظر لمراحل حياة الشيخ وتطوراتها يدرك جيداً أنه كان لا يرضى بالدون بل كان دائمًا طالباً لمعالي الأمور خصوصًا في طلب العلم.
فقد أتم شيخنا حفظ القرآن بعد الثلاثين من عمره، وهو سن تنصرف فيه همم كثير من الناس عن مثل هذا لكنه كابد وجاهد حتى أتم حفظ القرآن، ويحدث عنه أولاده أنه كان بعد حفظه للقرآن يفرغ من يومه الأوقات الكثيرة لتثبيت الحفظ حتى صار شيخنا من الحفاظ المتقنين لكتاب الله.
ولقد حدث عنه تلميذه الشيخ وليد إدريس فقال: "كان يختم القرآن كل أسبوع، وكان سريع القراءة جداً كان يقرأ أمامنا من حفظه المتقن الجزء في نحو 18 دقيقة، وقرأ ختمة كاملة من حفظه على شيخنا الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله فلم يخطئ في القرآن كله إلا في كلمة واحدة سها فيها (وهي: قدرناها بدل قدرنا إنها أو العكس)" ا. هـ
وقد قرأ شيخنا على الشيخ أحمد مصطفى، والشيخ الزيات، والشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، والشيخ محمد عبد الحميد وأجيز منهم لكنه علم أن الشيخ بكري الطرابيشي وهو من مدينة دمشق بسوريا أعلى سندًا فسافر إلى سوريا مرتين وقرأ على الشيخ وأجازه.
وكان شيخنا رحمه الله ينفق الأموال الطائلة في سبيل تحصيل العلم ويبذل من ماله الكثير للقراءة على هذا الشيخ مرة وعلى غيره أخرى.هذا بالإضافه إلى شرائه للكتب وإنفاقه الكثير من أجل تصوير المخطوطات المهمة حتى لقد صورنا من مكتبته المخطوطات الكثيرة.
وكان الشيخ باذلاً نفسه لطلاب العلم لا يقطعه عن الإقراء والتعليم إلا المرض الشديد جدًا، وكان الشيخ يقرئ في مسجده وفي بيته وفي سيارته وفي مزرعته.
يقول تلميذه الشيخ وليد إدريس: "ولم أر على كثرة من رأيت من المقرئين مقرئاً يبذل نفسه ووقته للإقراء كما كان الشيخ عباس يفعل، وأخشى أن يكون هذا هو الذي قضى عليه فقد كان يتحامل على نفسه مهما كان به من تعب أو مرض ليقرئ الناس".
زهده في الدنيا:
كان رحمه الله زاهداً في الدنيا راغباً عنها متطلعًا إلى الآخرة، أتته الدنيا فرفضها، وتزينت له فأعرض عنها،
فقد كان ضابطًا مدرسًا بكلية الشرطة لكنه آثر ما عند الله فترك التدريس بها، وقدم استقالته من أجل رغبته الشديدة في إطلاق لحيته، فقدم استقالته ضارباً بكل ما ينتظره من مناصب وزخارف عرض الحائط مقدماً مراد الله على مراد نفسه وهواه، فكانت مكأفأة الله له كبيرة يوم حوله من مدرس شرطة إلى مدرس لخير كلام وأشرف منهج، فصارشيخاً مقرئاً للقرآن بقراءاته.
ومن زهده رحمه الله أنه كان لا يأخذ مليمًا واحدًا ممن يقرأ عليه بل كان يقرئ الطلاب محتسبًا أجره عند الله لا يأخذ على القرآن أجرًا ويرفض حتى مجرد الهدية في الوقت الذي كان غيره يطلب الآلاف، بل كان بعضهم يطلب أجره بالدولار.
ومن زهده رحمه الله أنه كان يمتلك مزرعة وكان بالمزرعة فيلا جميلة فكان يرفض النوم فيها، وكان ينام في كوخ من الطين ويجد راحته فيه ويجلس فيه يصلي ويذكر ويسبح الله. فتحقق فيه قول من قال: "ليس الزهد أن تزهد فيما لا تملك إنما الزهد أن تزهد فيما تملك".
كرمه:
لقد كان الشيخ غاية في الكرم والجود فقد كان يكرم الناس وخصوصاً طلبته ومن يقرؤون عليه كرمًا كبيرًا.
فقد سمح لنا بدخول مكتبته وجلسنا فيها كأنها مكتبتنا وما أخفى علينا منها شيئاً بل أمرنا بتصوير ما نحتاج منها.
ولقد كنا نقرأ عليه فما كان يتركنا مرة بدون أن يأخذنا إلى بيته ويكرمنا ولا يقدم لنا إلا أطيب الطعام.
وفي مرة وكان ذلك في العشر الأول من ذي الحجة، وكنا صائمين وكان الشيخ مسافرًا إلى مزرعته القريبة من بلدنا فحملنا في سيارته وسافرنا بعد العصر وإذ بنا نفاجأ بالشيخ عند أذان المغرب يخرج لنا هو وزوجته المصونة التمر ووجبة الإفطار مغلفة لكل واحد منا فيا لله كم أرهقناه وأرهقنا زوجته!! نسأل الله أن يجزيهما خيرًا.
وكنا نذهب إليه في مزرعته لكي نقرأ عليه وبين المزرعة والطريق الرئيسي الموصل لها ثلاثة من الكيلو مترات، فكان الشيخ يوصلنا بسيارته في الغدوة والروحة رافضًا أشد الرفض أن نمشي هذه المسافة على أقدامنا.
وكان الشيخ يصطحب معه الكثير من طلبة العلم في سيارته ويوصلهم إلى منازلهم أو قريبًا منها!! فرحمه الله.
خلقه الحسن ولسانه العفيف:
كان الشيخ ذا خلق دمث وأدب جم وذوق رفيع وأخلاق عالية ولسان عفيف رفيقًا بكل الناس كان يلاطف طلاب العلم ويضاحكهم ويرفق بهم، وما رأيناه على طول عهدنا به قسا على طالب أو سخر من قارئ أو نهره لكونه أخطأ بل كان يوضح له خطأه بأسلوب رقيق ولسان عذب جميل.
هذه كانت بعض خصال شيخنا وهي جزء من الحقيقة، فنحن لا نستطيع أن نوفيه حقه ولا نستطيع حصر خصال الخير فيه، فقد كان ذاكرًا عالماً عابدًا متصدقًا صائمًا نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله. ويشهد الله علينا أنا ما بالغنا في مدحه ولا ذكرنا شيئًا ليس فيه بل ذكرنا بعض ما عايناه وبأعيننا رأيناه.
مرضه الأخير
بعد هذه الحياة الحافلة بطاعة الله وذكره وتعليم العلم ونشره قدر الله أن يمرض شيخنا مرضه الأخير الذي توفي فيه وكان ذلك يوم الخميس 12 شوال 1425هـ حيث صلى الشيخ صلاة الصبح بالناس في مسجده، وفي عشية هذا اليوم شعر بالتعب الشديد وبعد صلاة العشاء بفترة سقط الشيخ على الأرض فحملوه من المسجد إلى المستشفى فأخبرهم الأطباء الخبر المروع الذي روع قلب كل محب للشيخ بإصابة الشيخ بنزيف في المخ: ولا حول ولا قوة إلا بالله.
علامات حسن خاتمته:
لقد بدت علامات كثيرة دلت على حسن ختام شيخنا فمن ذلك:
آخر عهده بالدنيا كان ببيت الله فقد حملوه من المسجد إلى المستشفى.
وهو في العناية المركزة قال له الشيخ الدكتور محمد يسري يمازحه: "معي علاجك!!" فقال: "يا شيخ محمد علاجي الحور العين".
يحدث أولاده أنه قبل وفاته بيوم واحد يظل يردد الشهادتين بكثرة ويقول: "رب اجعلني من الصالحين، رب اجعلني من الصالحين".
جاءه خبر أفرحه وهو على فراش مرضه فقال: انظر إلى الإنسان كيف يفرح بشئ تافة فما بالك إذا قيل {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف من الآية:49].
في اليوم الذي توفي فيه وضعوا المذياع عند رأسه وكان ذلك بعد أذان الفجر فإذا بالقارئ يبدأ قراءته بقول الله عزوجل {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا . حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ:31-32].
آخر شيء فعله أنه دخل عليه وقت الصبح وهو فى العناية المركزة، فطلب تراباً فتيمم وطلب أن يُدخلوا عليه الشيخ الدكتور محمد يسري فدخل وصلى به الفجر في جماعة ثم حدث التدهور والغيبوبة فما أفاق منها إلى أن توفي.
وفاته:
توفي الشيخ في ظهر يوم الاثنين الموافق 16 شوال 1425هـ 29 نوفمبر 2004م وصُلي عليه بعد صلاة المغرب بمسجد الإيمان بشارع مكرم عبيد وحضر جنازته جمع غفير من طلبته ومحبيه، وكانوا يتنافسون على حمل جثمانه. رحم الله شيخنا رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في جنته.
بشارات بعد موته:
أقسم بالله أحد تلامذته ممن حضروا جنازته أنه عند وضع شيخنا في قبره وهم يفكون أربطة الكفن تكشف وجه الشيخ فرأى نوراً قوياً من وجهه إلى صدره.
رأى له بعض الإخوة رؤى حسنة منها:
أن بعضهم رآه وحوله مجموعة من الناس، وإذ بباب يفتح من السماء وينادي مناد: إن عباساً في الجنة.
وبعد: فإن المصاب جلل والخطب فادح، فقد افتقدنا عالمًا من العلماء وشيخا من الفضلاء وهذا من علامات الساعة: أن يقبض العلم بقبض أهله وحملته كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الحسن البصري: "موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
ذرفت عيون الصالحين على فقدك، ودمعت قلوب المحبين على رحيلك، وبلغ الحزن بنا مداه ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله
حزني وحزن أحبتي لا يوصف *** وغدا جراحا في فؤادي ينزف
ودموعيَ الحرّى تزيد توجّعي *** ودموع غيري للمصاب تخفّف
أمضي على وجهي أقول بحرقةٍ *** وأنا بهـّمي شاردٌ متـأسّـف
هل ودّع الشيخ حقا؟ ويحكم! *** هو من يعز على الكرام ويشرُف
شيخ على نهج النبي محمّد ٍ *** بالحلم والأخلاق فينا يعرف
باع الحياة َ بحسنِها ونعيمِها *** ويزينُه زهدٌ بـها وتقشُّف
رحمك الله شيخنا وأجزل مثوبتك ورفع درجتك وأدخلك في الصالحين.
اللهم ارحم عبدك عباسًا وارفع درجته في المهديين، اللهم نور قبره واغفر ذنبه وأقل عثرته وتجاوز عنه، اللهم عافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله من خطاياه بالثلج والماء والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم ألبسه الحلل وأسكنه الظلل واجعله من الآمنين يوم الفزع الأكبر، اللهم اجعله ممن يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ونسأل بالله تعالى كل من قرأ هذه السيرة العطرة ألا يبخل على الشيخ رحمه الله بالدعاء.
هذا واَخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قام بإعداد هذه الترجمة
1. جابر جاد محمد
2. محمد صالح محمد