إحرامُ روح
شيماء علي جمال الدين
إنّ الحجّ رزقٌ لا يبلغه إلّا من استطاع إليه سبيلا وقُدِّر له البلوغ والوصولا.
- التصنيفات: دعوة المسلمين - ملفات الحج وعيد الأضحي - العشر من ذي الحجة -
ومن رحمة الله عزّ وجلّ أن لم يجعل للروح قيد كقيدِ الجَسَد، فهي تُحمَل بالعزيمة على جَناحِ الشوقِ؛ تسرح لا يُوقفها حدود ولا تُعجِزها قيود. فلها إن أرادت أن تُحرِم فتطوف حول البيت الحرام وتأتي بمناسكها وتسبِق، ولا يعنيها أن الجَسَد لم يلحق ..
تسري الروح فتُحرم بلباس التقوى ناصع البياض؛ عن كل سوء ومعصية تعظيمًا لشعائِر الله، ثم تطوف حول الكعبة؛ قبلة الروح، ما شاء الله لها أن تطوف بلا كلل ولا ملل. أبلَغَها الشوق منزلًا لم تبلغه أجساد بعض الحجيج. ومن طوافٍ لسعي في مسالك الخيرات ومدارج الصالحات، لتُدرِك بصدق سعيها الذروة وكأنّما سعت بين الصفا والمروة!
وتِلك الروح الساعية أن تبلغ أعلى الدرجات لا تقبل بحبس الجَسَد وهوان الفوات، تراها عرجت قبل الجميع إلى عرفات ولبِثَت هنالك مُناجية، باكية وداعية: "اللهمّ وألحق الجسد بي في الأعوام الآتية، إنّ الجَسد قد ضاق بالقيود الدامية وتاق مثلي لنفحة من الباقية؛ عونًا على الحقيرة الفانية!"
وحجُّ الروحِ مبرور وذنبها بإذن ربِّها مغفور، ولها في الذِكر في الأيّام العشر؛ راحة وسرور وتجارة لن تبور.