تصحيح مفهوم الخسارة والخاسرين

منذ 2009-04-30

أن الخسران المبين دنيا وأخرى في مخالفة أمر الله تعالى، لا في النجاة بالأبدان من أذى ينالها في الدنيا فليس بالضرورة أن يكون هذا فوزًا ليكون ضده خسارة، فالقوم خسروا بتقهقرهم وإن سلمت أبدانهم....


تأمل في قول موسى صلى الله عليه وسلم لقومه بمقربة قرية الجبارين: {وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: من الآية21]، يتبين لك أن الخسران المبين دنيا وأخرى في مخالفة أمر الله تعالى، لا في النجاة بالأبدان من أذى ينالها في الدنيا فليس بالضرورة أن يكون هذا فوزًا ليكون ضده خسارة، فالقوم خسروا بتقهقرهم وإن سلمت أبدانهم، خسروا وإن كلفهم الدخول إزهاق بعض أنفسهم وكان في الإحجام عنه سلامة أبدانهم.

إن الفوز الكبير قد يتحقق مع القتل وزهاق النفس وقد قال قائلنا قديما والحربة تنفذ أحشاءه: "فزت ورب الكعبة"، وفي التنزيل: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ{4} النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ{5} إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ{6} وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ{7} وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج:4-8]، ثم عقب سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} [البروج:11].

(ذلك الفوز الكبير) ما وصف الله تعالى الفوز بهذا الوصف إلاّ في هذا الموضع من القرآن تعقيبًا على نبأ قوم قُتِّلوا تلك القتلة الشنيعة! وكما أن الفوز يتحقق مع قتل الفائز وزهاق نفسه فكذلك الخسارة اليوم لا تنفك عن بعض المترفين المنعمين الذين سلمت لهم أبدانهم وأوطانهم وأموالهم فهم يرتعون ويتنعمون وهم خاسرون. وتأمل كيف جاء التعقيب بعد ذكر موقعة أحد وما أصاب المسلمين فيها من المصاب الجلل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ} [آل عمران:149].

فهذه هي الخسارة الحقيقة الموجعة، أما خسارة جولة أو معركة فليست نهاية التاريخ بل إن وراءها ما يأتي بعدها، وإن قُتِلَ مسلمٌ وعاش ظالم، قال الله عز وجل: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ} [المائدة:30] فماذا كانت العاقبة، هل أصبح من الفائزين الظافرين؟ قال الله تعالى: {فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة:30]، من الخاسرين وإن عاش منعماً مستمتعاً بنعم الدنيا كلها: {كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [التوبة:69]، خاسرون وإن غنموا الأموال ورزقوا الأولاد ومدوا بأنواع النعم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون:9]، وفي الغالب أن هذا المتاع والإمداد يكون إلى أمد يملي الله له فيه ويستدرجه ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر، بعد أن يغتر ويسخر ويحسب أن الخاسر غيره، وما درى المسكين أنه أكبر الخاسرين.

وتأمل نموذجًا لهؤلاء أخبر الله عز وجل عنهم فقال: {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ{90} فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ{91} الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:90-92]، وهذه سنة الله في خلقه: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»[1].

وهذه السنة قد تتخلف في الدنيا عن معيَّنين، فيهلك أحدهم قبل أن يمسه العذاب الدنيوي ليدخر له العذاب كاملاً يوم القيامة، غير أن عامة القرى يمسها عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وعذاب الآخرة هو الخسران المبين: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: من الآية15]، {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} [الشورى:45].


_______________
(1) متفق عليه، صحيح البخاري (4409)، ومسلم(2583).



المصدر: موقع المسلم

ناصر بن سليمان العمر

أستاذ التفسير بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سابقا

  • 0
  • 0
  • 11,751
  • الشافعى احمد

      منذ
    [[أعجبني:]] اخواننا العاملين والقائمين على قناه اقرا الفضائيه منذ امس وانا اشاهد على شاشه القناه شعار على يمين الشاشه وهو رسمه مصغره لدوله فلسطين وعلى رقم 61 ثم كلمه على النكبه اى انه مر 61 على نكبه دوله فلسطين واحتلالها واحتلال المسجد الاقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم واولى القبلتين وثالث الحرمين وكذالك وانا اتابع القناه وبرامج القناه اسمع واشاهد من حين لاخر اشعار عن فلسطين للشاعر عبدالرحمن العشماوى والطفله الصغيره شيماء وكذالك برامج موجهه للقضيه الفلسطينيه واحوال اخواننا فى فلسطين واقول لكم قال عليه الصلاه والسلام مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ان هذا الكلام وهذا الحديث ليس ثقافه نتقبلها او نرفضها او هو راى من احدمامن المفرين او المثفين نعمل به او نتركه بل هذا دين وشريعه نتعبد بها الى الله ونتقرب بها الى الله ان كنا نريد ما عند الله والدار الاخره فهكذا رضى لنا وارتضى لنا سبحانه على لسان نبيه عليه الصلاه والسلام ان نكون نحن المؤمنين مثل الجسد الواحد قال سبحانه ايضا انما المؤمنون اخوه فالمؤمنون الذين حققوا الايمان الايمان بالله ورسله وكتبه واليوم الاخر هم الجسد الواحد فالمؤمن العراقى والفلسطينى والمصرى والافغانى والسعودى والسورى وكل مؤمن مسلم فى دول الاسلام من اقصاها الى ادناها ومن مشرقها الى مغربها انما هم جميعا دينهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحده وهدفهم وغايتهم وامالهم واحده وربهم سبحانه وتعالى اله واحد فمن جمعهم تحت رايه واحده بنبى وكتاب وقبله وشريعه واحده امرهم وقضى عليهم ان يكون جسد واحد اذا اشتكى منه عضو بادر واسرع كل عضو اخر بتمريضه ودوائه والسهر معه حتى يشفى ويصح وينعم معه بالعافيه فاما ان ينعم الجسد كله بالعافيه والراحه واما ان يتكاتف الجسد كله ويسهر يدواى الجراح التى اصابت احد اعضائه يد بيد حتى ينعم الجسد كله بالعافيه فما يحدث الان وهذه الايام فى دوله فلسطين والعراق وافغانستان والسودان والصومال وكل دوله اسلاميه اهلها مسلمون موحدون مؤمنون نساء واطفالا وشيوخاكان حقا وفرضا على كل مسلم فى كل دوله اسلاميه اخرى ان تقف بجانبه وتسانده وتعينه وتمد له يد المعاونه حتى يخرج من محنه ومصابه وبلواه التى يعيشها قال سبحانه وان هذه امتكم امه واحده وانا ربكم فاعبدون فالامه الاسلاميه المتمثله فى الدول الاسلاميه انما هى جسد واحد راس وعينين ولسان وشفتين ويدين ورجلين وامعاء وكبد وقلب فاذا اشتكت العينين من مرض واو الم ما استطاع الجسد كله ان يرتاح او يشعر بالراحه حتى تشفى العينين ولن يسطيع الجسد كله ان ينام وينعم بالنوم او حتى يذوق طعم النوم حتى تشفى العينين من مصابها والمها حتى لو كان الجسد كله سليم وذو عافيه فهو يتالم ويبيت ويسهر مع العينين المريضه حتى تشفى وتصح وتدب فيها العافيه كذالك الامه الاسميه والدول الاسلاميه اذا اشتكت دوله او مرضت دوله فيجب على دوله اخرى ان تداعى لها وتقدم لها الادويه والمساعده حتى تشفى وتصح وتعيش الدول الاسلاميه كلها فى صحه وعافيه وتنعم بحياتها اخواننا فى قناه اقرا وانتم يا اخواننا فى قناه الناس وانتم يا علمائنا المسلمين وائمه بيت الله الحرام هذه الدول وهذه الشعوب المستضعفه هنا او هنا وما فيها من النساء والشيوخ والاطفال واليتامى ليس لهم بعد الله سبحانه الا انتم ولو كنتم قليل فانتم بالله وبرعايه الله وبتاييد الله كثير فالكل باعوهم والكل تخلى عنهم بلا ثمن ولا مقابل فالله ينظر اليكم الان ويرى افعالكم واحوالكم مع هؤلاء المستضعفين من عباده فمن نصر الله نصره الله ومن استعز بالله اعزه الله ومن استغنى عن الله واعرض عنه استغنى الله عنه واعرض عنه وكل ذالك اوله واخره ودنيانا وحياتنا هذه ندخرها ونزرع فيها من اجل هناك يوم القيامه ويوم القيامه واهل المحشر اجمعين انما هم رجلان لا ثالث لهما رجل فائز ورجل خاسر والفائز من فاز ببعده عن النار ودخول النار التى فيها من العذاب والغضب ما الله وحده اعلم به فقد وضع الله فيها سخطه وغضبه وانتقامه وفاز برحمه الله ورضاه وجنته ودار مقامه خالدا فيها ابدا قال سبحانه لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنه اصحاب الجنه هم الفائزون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً