العَلَم هو الأقصى
في فترة ما كانت الأعلام تستفز الصهاينة عندما كانت أكثر من قماش بل مشفوعة بانتفاضة أصابت فيهم ما لم تصبه جيوش العرب مجتمعة، كانت الرموز والعلم وكأنها بصمة أو توقيع ثوري أن من هنا مر مقاوم مرغ كرامتكم في الأرض.
يبدو أن خرف بعض السياسيين الفلسطينيين ليس حالة مرتبطة بالسن ولا علاقة له بالافتراء أو السباب عليهم بل هو تحليل منطقي لبعض تصريحاتهم الغريبة الخارجة عن كل سياق منطقي.
فتصريح (صائب عريقات) وهو صاحب تاريخ أسود لا ينسى في التآمر لتقسيم المسجد الأقصى فيما يعرف (بعريقات ويكيليكس) أن: "الاقتحامات الصهيونية لتقسيم المسجد الاقصى زمانيًا ومكانيًا، ما هو إلا ردهم على النصر المؤزر الذي أحرزته السلطة برفع علم فلسطين على الأمم المتحدة" ناسياً أو متناسياً أن هذه الأمم المتحدة في نسختها الأولى هي التي أصدرت قرار تقسيم فلسطين وكانت مسؤولة بذلك عن جريمة ومأساة من أكبر الجرائم التي عرفتها الإنسانية!
يربط عريقات بين قدسية المسجد الدينية والتاريخية والإنسانية ومكانته عبر الأزمان وشكل محدث من أشكال الهوية الوطنية والدولة القطرية استحدثه الإنسان هو العلم الذي أياً كانت مكانته ورمزيته لا يقارن بحال من الأحوال بمسجد مقدس من لدن رب العزة.
إن محاولة النفخ فيما قد نسميه تجاوزًا "إنجازًا سياسيًا" لا يجب أن يكون على حساب مقدسات لا تخضع لحسابات البشر أو أعطياتهم، فلو كانت إسرائيل تخاف من الرمزيات وبهرجات الخطب والتصريحات لما أقدمت على الاقتحامات، إنها تميز ببساطة أن ميدان الفعل غير ميدان القول، وأن الرموز لا تعني شيئًا لمن سيطر على الأرض.
إن محاولة الربط بين الاقتحامات الصهيونية وقضية العلم الفلسطيني لهو استخفاف مقصود ومحاولة للفت الأنظار عن مكمن الخطر المحدق في القدس والأقصى!
في فترة ما كانت الأعلام تستفز الصهاينة عندما كانت أكثر من قماش بل مشفوعة بانتفاضة أصابت فيهم ما لم تصبه جيوش العرب مجتمعة، كانت الرموز والعلم وكأنها بصمة أو توقيع ثوري أن من هنا مر مقاوم مرغ كرامتكم في الأرض، أما البهاليل الذي يعرفونهم على طاولات المفاوضات فهؤلاء أعلامهم خاوية من المعنى والمضمون.
لم نكن نملك فكرة الاعلام الوطنية يوم قال الشاعر:
بيض صنائعنا سود وقائعنا *** خضر مرابعنا حمر مواضينا
ولكننا ملكنا تاريخًا مزهرًا حاولنا في الحاضر أن نصيغه في ألوان القماش عل وعسى تذكر الأجيال تاريخ السؤدد فيستفز هممها للاقتداء والتكرار.
الأقصى هو العلم الأعظم والأبقى لا يعدله قطعة قماش ولا اتفاقيات فهو عقيدة ودم وتاريخ وحاضر ومستقبل يرونه مستحيلاً فيفرطون به ونراه أكيدًا فنعمل له.
-----
ديمة طارق طهبوب
- التصنيف:
- المصدر: