هكذا فتنة العالِم؛ متى خالَط الحُكّام!
أبو فهر المسلم
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
ذكر الزّمخشريّ في تفسيره: "لمّا خالط " الزُّهريّ " - من أجلّ صغار التابعين - السلاطين؛ كتب إليه أخٌ له في الدّين: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن، فقد أصبحتَ بحالٍ ينبغي لمَن عَرفك أن يدعو لك الله ويرحمك، أصبحتَ شيخًا كبيرًا، وقد أثقلتْك نِعمُ الله، بما فهَّمك الله من كتابه، وعلّمك من سُنة نبيّه؛ وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء. قال الله: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187].
واعْلم أنّ أيسر ما ارتكبتَ، وأخفّ ما احتمَلتَ؛ أنك آنستَ وحشةَ الظالم، وسهَّلتَ سبيل الغَيّ؛ بدُنوِّك ممّن لم يُؤدّ حقًا، ولم يترك باطلًا؛ حين أدناك.
اتخذُوك قطبًا تدور عليك رَحى باطلهم، وجسرًا يَعبرون عليك إلى بلائهم، وسُلّمًا يصعدون فيك إلى ضلالهم؛ يُدخلون الشكّ بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء؛ فما أيسر ما عمّروا لك في جنب ما خرّبوا عليك؛ وما أكثر ما أخذوا منك؛ في جنب ما أفسدوا عليك من دينك. فما يُؤمّنك أن تكون ممّن قال الله فيهم: {فخَلف مِن بَعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتَّبعوا الشَّهوات فسَوف يَلقون غيًّـا}.
فإنك تُعامِل مَن لا يجهل، ويَحفظ عليك مَن لا يَغفل !
فداوِ دينَك .. فقد دخله سُقمٌ، وهيِّئ زادَك فقد حضر السفر البعيد !
وما يَخفى على الله من شيءٍ في الأرض ولا في السماء. والسلام )
قلتُ :
فإنَّا لله .. ولا حول ولا قوة إلا به !
يتناصحون بمثل هذا، وقد كانت أزمانهم؛ أزمان الدِّيانة والعلم والورع، وكان أمراؤهم يُقيمون العدل والشرع والجهاد -خلا ظلمٍ يسير-!
فكيف لو رأوا ما عليه حُكّام المسلمين اليوم، وقد جاوزا العدلَ إلى الظلم، والأمانةَ إلى الخيانة ؟!
وبعض المنتسبين إلى العلم؛ قد صاروا يُسارعون فيهم، بدلًا من الفرار منهم، ويُنافقونهم على حساب دينهم، بدلًا من كلمة حقّ عندهم .. طامعين في حَلوائهم. فلا الطواغيتَ كسروا، ولا الإسلامَ نصروا !
* ورضِي الله عن عليّ، حين قال:
( خذوا العطاء ما كان طُعمةً .. فإذا كان عن دينكم؛ فارفضوه أشدَّ الرفض ). مصنَّف ابن أبي شيبة.
فعَلى أمثال هؤلاء فلْتَبكِ البواكي.. ذِلّة ولا حَلوى،وخنوع ولا عطاء!
ورضي الله عن الربّانيين المُحتسبين، وكلّ مَن جَهر بحقّ !