بن ـ دِيكْ ـ تيسْ..متى تصهيـن، وكيف؟!

منذ 2009-06-08

"أشكر الرب لامتلاك اليهود أرض أجدادهم" هكذا اختصر مهمَّته، وبكلِّ احتقار للمسلمين، وبإصطفاف وقح مع عدوّهم، هذه هي العبارة الشهيرة التي أطلقها البابا (بن ـ ديك ـ تيس)، بنديكتيس، أو بنديكتوس، بعد أنْ وصف محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم:


"أشكر الرب لامتلاك اليهود أرض أجدادهم" هكذا اختصر مهمَّته، وبكلِّ احتقار للمسلمين، وبإصطفاف وقح مع عدوّهم، هذه هي العبارة الشهيرة التي أطلقها البابا (بن ـ ديك ـ تيس)، بنديكتيس، أو بنديكتوس، بعد أنْ وصف محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

"فقط أرني ما الّذي جاء به محمّد من جديد، لن تجد إلاّ ما هو شرّير ولا إنساني،كأمْرِه نشرَ الدّين الّذي دعا إليه بحدّ السّيف".

"إن أوروبا لا ينبغى لها أن تتجاهل المحاولات الرامية لإدخال القيم الإسلامية إلى الغرب لأن من شأن ذلك تهديد الهوية المسيحية للقارة الأوروبية"، "يجب رفض محاولات أسلمة أوروربا" جورج غاينسفاين السكرتير الخاص لبنديكتيس السادس عشر.

لماذا اختار هذا المأفون الحاقـد، بعد تولي حكومة نتيناهو، لتستضيفه هي، هذا الوقت ليحجّ والإستيطان الصهيوني في أوج ثورته لإبـتلاع القدس. والمعاول الصهيونية تمعن في تخريب أساسات المسجد الأقصى. وبعد المجازر الصهيونية الرهيبة في المسلمين في غزة. ولماذا ركـَّز في حديثه قائلا: "جئت للتذكير على عمق العلاقة الوثيقة بين الكنيسة الكاثولكية، والشعب اليهودي، والتي لاتنفصـم". الجواب واضح وسهل، وهو أن البابا ليس سوى عجوز صليبي، متصهين، عنصري، حاقد على الإسلام.

ومعلوم أنَّ كلّ حديث المحور الصهيوصليبي عن حوار الأديان، إنما هو هراء، وأنـَّه ليس الهدف من إطلاق هذه المشاريع، سوى ستار لتمرير مشاريع الإحتلال، ومحاولة لتدمير الإسلام، بعد أن أغاظهـم إنتشاره لاسيما في عقر دارهم، وبعدما رأوا بأم أعينهم كيف أنَّ نهج الإبادة الصليبية العسكرية للمسلمين، قـد ارتـدَّ عليهم.

قد يتعجّب متعجّب كيف أن اليهود يشتمون من اتخذه النصارى إلها -تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا- أعني المسيح عيسى عليه السلام، ويتهمونه بأنه ابن خطيئة، وأن مريم البتول عليها السلام قد أتت بالبهتان العظيم، ومع ذلك يتفانى هذا البابا المتصهين في خدمـة الصهاينة أعداء (إلهـه) المسيح عليه السلام؟!

والحقيقة أن سيطرة الصهيونية على المؤسسة البابوية في روما، لم تكن قديمة جدا، فقد كانت العلاقة بينهما هي العداوة منذ أن طرد بيوس العاشر، ثيودور هرتزل عام 1904م، قائلا: "اليهود لم يعترفوا بالمسيح، ولذلك لن نعترف بكـم".

وأكثر من هذا الموقف، فقد بعث الفاتيكان عام 1944م، إلى أمريكا محذّرا من خضوع الغرب للمخططات الصهيونية، وقبلها بعام كان الفاتيكان قد عبر عن معارضته لإنشاء دولة لليهود في فلسطين.

وكان البابا بندكتوس الخامس عشر، قد كشف عام 1921م، من مخاوفه أن تُبعد اليهودية النصارى عن مواقعها في فلسطين.

وقد استمرت الضغوط السياسية الغربية، تحثها وتحركها الصهيونية، على الفاتيكان ليغير موقفه. حتى جاء عام 1958م، فأطلق الفاتيكان بكلّ خبث مشروع حوارات بين اليهودية والنصرانية، بهدف زعزعة الكنيسة الكاثولكية -البروتستانتية كانت قد تصهينت تماما تقريبا- عن موقفها، ثم لم يمض إلاّ عشـر سنوات حتى نجح اليهود عام 1968م، في إصدار صكّ تبرئة لليهود من دم المسيح، أعلنه بولس السادس.

ثم توالى التغلغل الصهيوني في الكاثولكية، حتى أعلن بأنّ "إسرائيل دولة اليهود" على لسان الكاردينال "لورنس شيهان" رئيس أساقفة بالتيمور في نيويورك.

ثم أقـرَّ الفاتيكان وثيقـة عن العلاقات اليهودية-الكاثوليكية، وفيها: (الكاثوليك عليهم أن يعترفوا بالمعنى الديني لدولة "إسرائيل" بالنسبة لليهود، وأن يفهموا ويحترموا صلة اليهود بتلك الأرض، مع الدعوة إلى تأسيس علاقات أوثق بين الكاثوليك واليهود). حتى أطلق على هذا التحول النوعي، والمتصيهن: (وعد بلفور الثاني).

ثم تبع ذلك وثيقة اللجنة الأسقفية الفرنسية التي نصت على: "ضمير المجموعة العالمية، لايستطيع أن يرفض للشعب اليهودي الحق، والوسائل، من أجل وجود سياسي بين الأمم" وأطلـق على هذه (وعد بلفور الكاثوليكي). ثم أعلن الفاتيكان بصورة واضحة وصريحة إعترافه بالكيان الصهيوني على أنَّه حق، وليس أمرًا واقعًا، وذلك عام 1982م.

وانفتح بذلك الباب على مصاريعـه، لإختراق الصهيونية للكنيسة الكاثولكية، حتى أصدر الفاتيكان كتابا عام 1985م، سماه (ملاحظات لتقديم أفضل لليهود واليهودية) والكتاب ليس سوى تسويق لليهودية داخل العقل الكنسي، حتى تجد فيه التصريح بأن المسيح (عبراني)، والدعوة إلى إزالة ما أسماه (رواسب العداء للسامية)، وإلى تفهم تمسك اليهود بفلسطين!

بعد سبع سنوات من هذا التاريخ، تم تشكيل لجنة ثنائية تقيم، وتشجع، على إستدامة العلاقات الحسنة بين الكيان الصهيوني، والفاتيكان. وبعدها بعام أي عام 1993م، تم التبادل الدبلوماسي مع الكيان الصهيوني.

ثم جاء الدهشة التي لاتوصف وتعبر عن سيطرة تامّة للصهيونية على الفاتيكان، عندما أصدر الفاتيكان عام 1997م، وثيقة الإعتراف بالذنب، وطلب الصفح من اليهود، بسبب موقفه أثناء الهولوكست!

حتى جاء هذا البن ـ ديك ـ تيس، فدخل عام 2005م، لأول مرة في تاريخ البابوية، معبدا لليهودي في ألمانيا، في يوم ذكرى مقتل يهود مدينة كولونيا، في الفترة النازية، فأطلق الإعلام الألماني عليه آنذاك، لقب (الباب الثاني لليهود)، وأمّا الأول فكان البابا يوحنا بسبب تعاطفه معهم.

وبعدها بعام أطلق تصريحاته التي طعن فيها بالإسلام، ووصفه بأنّه دينٌ هجميٌ، وغير عقلاني، وهاجم محمدا صلى الله عليه وسلم. ثم تجاهل بإحتقار كلّ الدعوات للإعتذار من هذا الهجوم الوقح، إلى أن جاء اليوم متحديا العالم الإسلامي، وليعلن وقوفه إلى جانب المغتصبين، ودعمه اللامحدود لجرائم الصهاينة في فلسطين.

ولاريب أنَّ عداء الصليبية للإسلام ليس جديدا، بل إنَّ الكيان الصهيوني نفسه، إنما هو أحد موجات هذه الحرب، ولولا الدعم الصليبي الغربي لهذا الكيان، لما استطاع أن يبقى يوما واحدا.

ولازالت أصداء تصريحات قادة الصليبية العالمية، إبّان إحتلال القرن الماضي، والذي قبله، لبلاد الإسلام تتردّد في أذهاننا:

مثل قول القس سيمون: "إنّ الوَحدة الإسلاميّة تجمع آمال الشعوب الإسلاميّة وتساعد على التملّص من السيطرة الأوروبيّة، والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة، من أجل ذلك يجب أن نَحُول بالتنصير باتجاه المسلمين عن الوحدة الإسلامية".

وقال القس لورنس براون: "إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربيّة أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرا... أما إذا بقوا متفرقين فإنّهم يظلون حينئذ بلا وزنٍ ولا تأثير".

وقال القس مستر بلس: "إنّ الدّين الإسلاميّ هو العقبة القائمة في طريق تقدم النصرانيّة في إفريقيا"

وقال القس زويمر: "إن القضاء على الإسلام في مدارس المسلمين، هـوأكبر واسطة للتنصير، وقـد جنينا منه أعظم الثمرات".

ولاريب أنَّ الصليبية لم تتخلّ عن هذه الأهداف قط، وهي لازالت تسير وفق مخطط يحث السير، ووجهته هو تنصير جزيرة العرب، ولا ننسى ما صرح به القسان زويمر، وجيمس كانتين، في مؤتمر تأسيس الإرسالية العربية الأمريكية عام 1889م، عندما قالا: "إن للمسيح الحق في استرجاع الجزيرة العربية، وإن الدلائل التي تجمعت لدينـا تؤكد أن المسيحية كانت منتشرة في هذه البلاد في بداية عهدها، لهذا فإن من واجبنا أن نعيد هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية"!

وأخيرا فإنَّ الله تعالى لم يدعنا بلا هدى، حتى أبان لنا عدوَّنا غاية البيان فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].

فالواجب على علماء الإسلام، والقائمين على الناس بالحق، أن يكشفوا حقيقة هذا البنديكتيس، ومن يقف وراءه من شياطين الصهيوصليبية، وأن يقودوا حركة شاملة تبطل كل مخططاتهم الخبيثة في بلاد الإسلام.

والله المستعان، وهو حسبنا، ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
المصدر: موقع الشيخ العلي

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية

  • 240
  • 0
  • 12,412
  • معتز

      منذ
    [[أعجبني:]] شانىء النبي يعتلي منبره رغم أن زيارة رأس الفاتيكان "بنديكيت السادس عشر" للأردن وما حفّه فيها من استقبال حاشد على المستوى الرسمي أمر مؤلم لكل مسلم في قلبه مثقال ذرة من غيرة على نبيه صلى الله عليه وسلم، ورغم جهود تنصير العالم التي يتبناها بهوس والتي يعتبر وضع حجر أساس لجامعة كاثوليكية في الأردن واحد من أدلتها القوية. وبعيداً عن وقوفه إلى جانب الجلاد الصهيوني ضد الضحية الفلسطينية، ودون الخوض في الأبعاد السياسية لحجّه، إلا أن مشهداً واحداً قد يبدو عاديا أو إيجابياً للمخلّطين قد أثار حفيظتي بشدة، ألا وهو زيارته لواحد من أكبر المساجد في العاصمة عمان وأفخمها، ودخوله مع مضيفيه بأحذيتهم للمسجد وإلقائه خطاباً في جوقة من الشيوخ والمفتين المعمّمين "المجببين"!! نعم فكم يعجب المسلم أن يثني ورثة محمد صلى الله عليه وسلم رُكبَهم عند "أفاك روما" ويجلسون إليه جلوس التلميذ المهذب في حضرة أستاذه الفذ، الذي شرع في وصف الداء الذي يكمن في التوظيف الأيديولوجي للدين مما يتسبب في التعصب ويفرز الإرهاب، وهي تهمة تليق بالإسلام بامتياز!! ويهز الكَـتبة والفريسيون المسلمون رؤوسهم مقرين بتفسيره، ويعبّر أحدهم للإعلام عن سعادته بقوله: إن زيارة البابا لهذا المكان تعبّر عن (تقديسه) وتقديره للمسلمين. بهذه السذاجة الفجة يرضى الذين يُفترض أنهم ورثة الأنبياء أن يعتلي شانئ النبي صلى الله عليه وسلم منبره ويبّصرهم بالطريقة المثلى!! أقول ما سبق وأنا أعلم أن هذه الشريحة من الذين يتمسحون بالعلم وبسماحة الإسلام يبدون ليناً يبلغ درجة التذلل لأهل الصليب، أما إذا تعلّق الأمر بناصح من المسلمين فإن صدورهم تضيق بما يقول وينبرون له بنفوسٍ مستكبرةٍ، وألسنة حدادٍ متهمين إياه بالجهل وضيق الأفق، وسيقولون بسماجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم استضاف وفد نصارى نجران وناظرهم في مسجده، بل سمح لهم بإقامة صلاتهم. وهم بهذه السفسطة يصرفون الأنظار عن لب المسألة ويقفزون بظاهرٍ من القول عن جوهر الموضوع، وهو الأحكام المترتبة على شاتم خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام، والمقام هنا ليس مقام ذكر هذه الأحكام التي يعرفها أصحاب العمائم أكثر مني، فالوقائع الثابتة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء والسلف الصالح من بعدهم تبين بدون لبس، الصرامة التي يفترضها الشرع في التعامل مع كل مستهزئ بمقام النبوة أو شاتمِ للنبي، ولا أظن أن أحدا منهم لم يقرأ كتاب (الصارم المسلول على شاتم الرسول) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. ومن العجيب كذلك، ألا تستثيرهم إساءة البابا البالغة للنبي ولكل مسلم كما استثارتهم الرسوم الدنمركية المستهزئة مع أن تلك الكلمات بالنظر لمكانة قائلها في قلب العالم الغربي وما يمثل للنصارى تعتبر أعظم خطرا وأثرا من رسوم ساذجة لرسام مغمور يقطن في سقف العالم!! لكن يبدو أن ملابس الكهنوت التي يلبسها هؤلاء متشبهين بالنصارى واليهود حجبت بصائرهم عن معرفة الحق. وهنا، لا بأس أن أذكّر القارئ المسلم لأنه ينسى إساءات أعدائه بتلك الواقعة الأثيمة، ففي الثاني عشر من أيلول/سبتمبر عام 2006 ألقى رأس الفاتيكان محاضرة أمام جمهور أكاديمي في جامعة ريجينسبرغ (Regensburg) المرموقة في ألمانيا، وكانت المحاضرة بعنوان "الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وتأملات"، استشهد فيها بمقولة للإمبراطور مانويل الثاني باليولوغوس قال فيها لمحاور فارسي: "أروني فقط ما الذي كان جديداً في ما أتى به محمد فسترون ثمَّ فقط أشياء شريرة لا إنسانية، مثل إصدار أمره بنشر دينه الذي يدعو إليه بالسيف. والعنف لا يتماشى مع طبيعة الله وطبيعة الروح .... فالإيمان يتولد من الروح لا من الجسد. فمن أراد أن يأخذ بيد إنسان إلى الإيمان يلزمه القدرة على الحديث الحسن والمحاكمة المناسبة دون عنف أو تهديد. ولا يلزم لإقناع روح عاقلة يد تبطش أو سلاح من أي نوع أو أية وسائل تهدد المرء بالموت ..." أقول: ومن يقرأ كامل محاضرته يفهم تماما أن ما قاله ليس استطراداً خارجا عن موضوعه، ولا يحتاج الأمر لقراءة ما بين السطور ليفهم أن الرجل يعتبر الإسلام شراً كرّسه محمد بالسيف، وأنه يعتبر العقل والإيمان متلازمتين تفخر بهما أوروبا ويفتقدهما الإسلام والمسلمون، وهذا ليس قولي بل قول البروفيسور الياباني كويتشي موري مدير مركز الدراسات المتعددة للديانات التوحيدية، بجامعة دوشيشا باليابان الذي كتب في مقالة بعنوان (ماذا وراء ملاحظات البابا حول الإسلام ـ مشكلة في طريقة فهم البابا لأوروبا) قائلا: "إن البابا أراد أن يقول: أن أوربا والعالم المسيحي لديها تقليد إيماني قائم على العقل، وأن الإسلام ليس لديه ذلك: ولهذا السبب يدعو المسيحيون المسلمين أن يكون لديهم حوار عقلاني بدل اللجوء إلى العنف" إن هذا المغزى الواضح في محاضرته كان من المفترض أن يستدعي عزة المسلمين حكاما وعلماء وأن تكون ردة فعلهم تتناسب مع الحدث الجلل، لكن ما الذي جرى؟ لقد كانت ردة فعل ثلة من الذين يسمون أنفسهم علماء ومفتون ودعاة مسلمون أن أرسلوا برسالة مفتوحة يستجدون فيها من البابا ألا يسيء فهم الإسلام الصحيح، وأتبعوها بدعوة أخطر وقعّها 138 منهم تحت عنوان وثيقة "كلمة سواء" يمكن وصفها بوثيقة تنازل عن حقائق عقائدية كبرى في دين التوحيد، ودعوة للالتقاء مع الذين يجعلون لله الولد على أساس من حب الله وحب الجار، ولا أدري أي إله نجتمع على حبه؟؟ أهو إلهنا الأحد الفرد الصمد أم إلههم الثلاثي ذو الولد!! إن مواقف وكلمات رأس الفاتيكان العدائية التي طالت الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم ووبَخّـت المسلمين عبر إساءات مقصودة لا يمكن اعتبارها هفوات، تماما كما لا يمكن لعاقل أن يعتبر مقولته "أنه في غاية الأسف للغضب الذي أثارته تصريحاته، وأن اقتباسا استخدمه من نص من العصور الوسطى عن الجهاد لا يعكس رأيه الشخصي". يمثل اعتذارا بدليل أنه حتى أعضاء هيئة التدريس في المعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية في روما اعترفوا ضمنيا بأن المسلمين لم يتلقوا رداً يرتقِ لرسالتهم المفتوحة للبابا بعد هجومه على الإسلام فقالوا في مَعْرِض تثمينهم لموقف أصحاب وثيقة "كلمة سواء" في موقعها الإلكتروني: "ومن غير ريب فإن هذه النظرة الإيجابية تجاه الإشكالات مكنتهم من تجنّب الجدل والتفوق على أنفسهم وتحمّل وتجاهل خيبة أملهم من جراء ردٍ لم يرتقِ إلى مستوى توقعاتهم على رسالتهم سنة 2006 التي وجهوها إلى قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر" إن كلمة البابا وتوضيحات الفاتيكان التي اعتبرت أن المسلمين أساؤوا فهم تصريحات البابا هي ازدراء بعقول أكثر من مليار إنسان كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي: "إن هذا ليس اعتذارا بل اتهامٌ للمسلمين. فحديث البابا لم يكن حديثا إلى الجمهور، ولا حديثا ورَّطه فيه صحفي مُشاغب، ولا حديثا عابراً مع زوَّار له، بل كان محاضرة مُعدَّة مدروسة، تُلقى على أكاديميين مُعتبرين، في جامعة مُحترمة، من أستاذ (بروفيسور) مُتخصص في مادته، مُمارس لها سنين عدَّة، فهو يعي ما يقول، ويعني ما يقول" إن العاقل يتفهم دوافع أفاك روما في الهجوم على الإسلام والمسلمين ولا عتب على عدو الله ورسوله في حسده وحقده، أو في سعيه لتنصير العالم. ولكن العقل يحار والصدر يضيق بحكام وعلماء يهرولون أذلاء لأخذ التقديس والاعتراف من نجاسة البابا. وعِوضاً عن حملهم ميراث النبيين، وإقامة الشهادة على العالمين ونصرة سيد المرسلين، ينطلقون يوادّون من حادّ الله ورسوله من عبدة الصلبان يقرّون له بالإيمان، ويبسطون أيديهم بالمودة للظالمين من أهل الكتاب، ويبعثون له برسائل الغرام بعد إساءته لنبيهم عليه الصلاة والسلام. ومما يؤسف له تعامي العلماء عن المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة والحملات التي تأخذ أشكالاً غير مسبوقة بمهاجمة شخص النبي صلى الله عليه وسلم أو الدعوة لمراجعة الثوابت التي لم تكن قابلة للنقاش، ومن ذلك مطالبة الفاتيكان المسلمين بمراجعات جادة لأصول دينهم. وأن يتحلّوا بالشجاعة التي تحلّى بها النصارى في إعادة بحثهم في قضايا كبرى في دينهم إبان الثورة الصناعية. وعلى كل حال، فإن غاب المسلمون عن التفاعل الصحيح مع الأحداث والاستجابة الصحيحة التي يفرضها عليهم دينهم بنصرة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام فإن الله لا يضره تخاذل المتخاذلين لأنه قادر على أن يعلي دينه وينصر نبيه بجنود لا نراها وجنود لا نتوقعها، ومن ذلك ما أورده ابن حجر شارح صحيح البخاري - رحمهما الله - في الدرر الكامنة، أن بعض أمراء المغول تنصّر فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغول، فجعل أحدهم يسخر من النبي صلى الله عليه وسلم وبجوارهم كلب صيد فوثب الكلب على الساب فخمشه، وخدشه في وجهه، ثم خلصوه منه. فقال بعض الحاضرين: هذا بكلامك في محمد . قال : كلا، بل هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير إليه بيدي فظن أني أريد أن أضربه ثم عاد يسخر ويستهزأ ويطيل في ذلك، فوثب الكلب مرة أخرى عليه فقبضه على زردمته - تحت حلقومه وموضع بلعه - فاقتلعها واختلعها فمات من حينه فأسلم بسبب ذلك خلق كثير من المغول !!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً