1- الطريق إلى النجاح في الحياة
هدى عبد الرحمن النمر
- التصنيفات: دعوة المسلمين - طلب العلم -
إن الوسيلة الأولى لإصلاح النفس وتزكية القلب والوقاية من المشكلات وعلاجها هو العلم. ووسيلته الأولى القراءة والكتاب؛ لذلك نجد أن الله سبحانه تعالى لما أراد هداية الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور أنزل إليهم كتابا يُقرأ، وفي أول سورة نزلت منه بدأت بكلمة عظيمة هي مفتاح الإصلاح لكل الناس مهما اختلفت الأزمان وتباينت البلدان إنها: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق:1]، وعليه فمن أراد النجاح وأراد الزكاة والصلاح فلا طريق له سوى القرآن والسنة: قراءة، وحفظا، وفقها.
إن الإحالة على كتاب يُقرأ ويفهم ويطبق هي الطريقة العملية لتحقيق التطوير والرقي والنجاح في جميع مجالات الحياة؛ فالقراءة حياة الإنسان، فمن يقرأ كثيرا يحيا كبيرا، ومن يقرأ أكثر يكون أكبر، ومن أراد أن يرقى فعليه أن يقرأ.
سبب الفشل في الحياة
يبين الله تعالى بإيجاز ووضوح أن سبب فشل الناس في الحياة هو ضعف الإرادة الناتج عن النسيان، فيقول سبحانه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه:115]؛ ويقول الله تعالى: {وإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [الزمر:8]، ويقول تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65]، فالإنسان في حال الشدة والكربة يحصل عنده العلم بلا إله إلا الله، ويحصل منه التوحيد والإخلاص، ويوجد عنده الحرص على الخير والنفع بتلقائية وسهولة، لكن ما إن يزول هذا المؤثر المؤقت حتى يتلاشى هذا العلم فينسى الإنسان ويعود إلى كفره وشركه، ويعود إلى ما يضره مما تهواه نفسه، ويصعب عليه ما لا تهواه نفسه مما فيه نفعه وهو بأمس الحاجة إليه. الفشل سببه ضعف الإرادة، وضعف الإرادة سببه النسيان.
والعلم درجات ومراتب فلا يكفي مثلا العلم بأن هذا الشيء ضار ليوجد الخوف منه والابتعاد عنه، أو أن هذا الأمر نافع ليحصل الرغبة فيه، بل يجب العلم التفصيلي القوي الحاضر، فمثلا التدخين : كل المدخنين بلا استثناء يعلمون أن التدخين ضار بصحتهم، وأنه خطر على حياتهم؛ لكنه علم سطحي ضعيف هش لا يقاوم الرغبة الجامحة في استعماله. وكل طالب يعلم أن أمامه امتحان، وأنه بحاجة إلى استذكار دروسه لكي ينجح ويتفوق، ومع هذا يحصل من كثير منهم الإهمال والتقصير. وكل مسلم يعلم أنه سيموت وأنه محاسب على أعماله، لكنه علم سطحي ضعيف مهزوز لا يكفي لوجود الإرادة لفعل الخيرات وترك المنكرات. وقل مثل هذا الكلام في جميع أمور الحياة.
المتأمل في واقع الناس والمحلل لشخصياتهم وسلوكهم يلاحظ أنه ما من مشكلة إلا وأساسها ضعف الإرادة، ضعف الرغبة أو الرهبة، لإنه إن لم توجد الإرادة فلن يتناول المريض الدواء حتى لو أكره عليه، بينما لو وجدت القناعة والرغبة فإنك تراه يبذل جهده لتحصيله ومن ثم تناوله.
===> للمقال بقيّة