الإسلامي برقبة العلماني
منذ 2009-06-26
لقد توحش العلمانيون وسيطروا على الصحافة والإعلام ،وأعمى الحقد وليس الفكر فقط قلوبهم فعملوا كمخبرين وأقاموا كمائن أمنية مع الاستبداد لاصطياد الإسلاميين...
جمعني لقاء بأصدقاء دراسة لم أراهم منذ فترة طويلة حيث انقطعت بنا الصلة لأسباب كثيرة، وأثناء مصافحتي وعناقي لهم فوجئت بأحدهم ملتحي فاندهشت أما هو فقد قرأ ما فى تعبيرات وجهى من اندهاش جيدًا فهو علماني، كان يكره التدين والإسلاميين بشدة وتطرف، وكان بيني وبينه مناقشات كثيرة...
ثم نظرت اليه ففوجئت به يبتسم ويضحك ويقول: "أنا أعرف سر اندهاشك"، فسكت ولم أعلق، أما هو فقال: "نعم أنا محمود العلماني، بعد أكثر من عشرين عامًا نلتقي، الحمد لله أنني رأيتك، كنت أتمنى رؤيتك، أما سبب لحيتى وتغيري أحكيه لك، ألا تذكر منذ أكثر من عشرين عام ما حدث في مسجد كلية الحقوق من مشاجرة بين الطلبة من السلفيين والإخوان على إمامة الصلاة في المسجد؟!"، قلت له: "نعم أذكرها؛ فهي من الذكريات الهامة في حياتي"، فقال محمود: "كنت ماراً بجوار المسجد فسمعت الأصوات العالية، فوقفت على باب المسجد مع كثير من المتطفلين فوجدت مشاجرة بين فلان من الإخوان وفلان من السلفيين وتطورت إلى تطاول وصياح، وتدخل فيها أنصار كل فريق، ففرحت وكنت شامت فيهم، ثم فوجئت بك تدخل المسجد أمامي بسرعة ولم تراني وتصيح في الجميع: "ما الموضوع يا جماعة، اتقوا الله" فسكتت الأصوات شيئا ما، وتحدث كل طرف بحجته، فقلت أنت لهم: "الأمر محسوم بالشرع أحفظكم لكتاب الله وأفقهكم لكتاب الله"، فتداخلت الأصوات فوجدتك تقول لهم: "طيب، نصلي وبعد ذلك نتكلم"، ثم تقدمت أنت للإمامة وصلى الجميع، ثم بعد الصلاة وقفت تتحدث عن الأخوة فى الله وقلت للجميع بوضوح دعونا نختلف في أفكارنا ولكن مستحيل أن نختلف في صلاتنا؛ فالقبلة واحدة، وربنا الواحد الأحد، ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعقيدتنا واحدة.
والخلاف بيننا في العمل والفكر والمنهج أمره لا يدعو مطلقا إلى الخلاف في بيت الله على إمامة الصلاة"، فانبرى أحد الطلبة السلفيين وقال: "أنا أحفظ لكتاب الله"، فرددت عليه أنت وقلت له أعلم ولكن ليس من هدي السلف مطلقاً ولا من تعاليم الإمام حسن البنا رحمه الله أن يصل الأمر للشجار طالما أن أخيك يستطيع القيام بالإمامة فاتركه ثم بعد الصلاة تحدث معه لأن المفسدة أعظم بالشجار وتأخير الصلاة، وفساد ذات البين، وكراهية الطلبة للصلاة لما يرونه فقام هذا الطالب، وقال: "ولكن طلبة الإخوان يريدون الإمامة وهم يتساهلون فى الدين" فأسكته وقلت له: "يا أخي أنا سلفي مثلك، وأعرف ماذا تريد أن تقول"، وهنا تداخلت أصوات فسمعتك تقول: "ولكني أقول لك بصوت عال جزمة الإسلامي برقبة العلماني".
وعند هذه الكلمة أصابني غضب شديد وأحسست أنك تقصدني، ولم أستطع حتى أن استكمل سماع حديثك كي أفهم ماذا تقصد، وخرجت مسرعاً والكلمة ترن في أذني، ومضت الأيام والكلمة لا تفارقني، وبعد التخرج سافرت إلى إحدى البلاد الأوربية كي أعيش في المجتمعات العلمانية، وكانت الكلمة تشغل ذهني، وكلما تذكرتها غضبت، ولكن مع مرور الأيام وجدت نفسي أقارن بين مادية وحيوانية المجتمع الأوروبي العلماني الذى أعيش فيه وكنت أظنه المثل الأعلى في الحياة ومجتمعاتنا المسلمة وأسرتنا وعائلتنا والقيم التى كنت أراها عادات قديمة فوجدتها حقيقة هي المثل وبالنظافة والطهارة، وتذكرتك وتذكرت مناقشاتك وكانت كلمتك "جزمة الاسلامى برقبة العلماني" أجدها أمامي في كل وقت ومع الأيام وجدت نفسي في يوم من الأيام أردد كلمتك لأحد الأوربيين باللغة المصرية وهو لم يفهمهما بالطبع، ولكني ضحكت فقد سيطرت الكلمة على حياتي، وأقبلت على قراءة الكتب الإسلامية، وتأكدت مع كثرة القراءة كم كنت جاهل وأعمى فى مناقشاتي، ودخلت المسجد في أوربا وأنا أضحك وأقول: "جزمة الإسلامي برقبة العلماني".
فضحكت وقلت له: "الحمد لله، الحمد لله"، وتحادثنا في الكثير من الأمور وانصرف الصديق العلمانى سابقاً والأصدقاء، وبعد انصرافهم أخذت أردد الكلمة التي قلتها منذ أكثر من عشرين عام جزمة الإسلامي برقبة العلماني، حقاً كثير من الناس يصرف كل جهده ووقته في نقد جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات ولا يصرف ربع وقته لنقد وفضح العلمانيين.
أذكر داعية فى احد المحافظات له شرائط كاسيت كثيرة فى نقد الإخوان ولا يوجد شريط واحد في نقد العلمانيين وذلك غير الغلو والشطط في الخلاف.
صحيح أن واجب الدعاة أن يصححوا ما يرونه من أخطاء عند الجماعات ولكن ليس صحيحاً مطلقاً أن تكون هذه هي القضية الأولى والأخيرة.
ويبقى أخيراً أن العلمانيين استغلوا الاستبداد لضرب الجماعات فكانت الحرب على الجماعات الإسلامية، ثم السلفيين، ثم الإخوان والمظاهر الإسلامية، والعقيدة، والفقه، والنقاب والحجاب، وتعدد الزوجات وغيره الكثير،
لم يتركوا أمر في الإسلام إلا وجهوا سهامهم الخبيثة نحوه.
لقد توحش العلمانيون وسيطروا على الصحافة والإعلام ،وأعمى الحقد وليس الفكر فقط قلوبهم فعملوا كمخبرين وأقاموا كمائن أمنية مع الاستبداد لاصطياد الإسلاميين، وعمل العلمانيون أن تكون الحرية شعار فقط لحريتهم والإسلاميون حريتهم في السجون!!
صحيح أن الإسلاميين والجماعات الإسلامية بينهم خلافات وعند بعضهم اجتهادات تبتعد عن منهج السلف الصالح لكن ينبغي إعطاء كل خلاف حجمه فلا يسلم أعداء الإسلام من بعض الدعاة ولا يسلم منهم إخوانهم المسلمين؛ فالحرب ضد الإسلام وضد الجميع لا تفرق فاحترسوا وانتبهوا أيها الإسلاميون.
ممدوح إسماعيل محام وكاتب
[email protected]
المصدر: طريق الإسلام
- التصنيف: