عندما لا تحمل قضية إلا نفسك..!
إذا كان ما يهمك في الحياة هو نفسك، وإذا كنت لا تبالي أن تكون أنانيًا لمجرد مصلحتك الذاتية، وإذا كانت عيناك لا تبصر إلا ذاتك، فلا عليك أن تعيش خسيسًا!
إذا كان ما يهمك في الحياة هو نفسك، وإذا كنت لا تبالي أن تكون أنانيًا لمجرد مصلحتك الذاتية، وإذا كانت عيناك لا تبصر إلا ذاتك، فلا عليك أن تعيش خسيسًا!
عش إذن كما تهوى، باحثًا عن عمل تتكسب منه، وتفكر كل يوم في كيفية أن يتسع عملك، وتزداد أموالك و وتكثر عقاراتك وممتلكاتك. اسع كل يوم باحثًا عن طريقة جديدة في تضييع أوقاتك، على القهوة، أمام التليفزيون، في مشاهدة المباريات الكروية، أو حتى -كما يفعل بعض العجائز- ساكتًا صامتًا لساعات طويلة!
ابحث لك إذن عن أصدقاء لايحملون همًا لشيء حولهم، ولا يشغلون عقولهم بفكرة أو موضوع، ولا يحسنون سوى أن يحكون الحكايات، ويلقون المزحات، ويقضون الأوقات في قيل وقال!
القِ يوميًا على من حولك محاضرة في ضياع الأمل، وفقدان الطريق، وانتشار اليأس، وسوداوية الحياة، ثم اتركهم وارحل بعدما تكون قد نقلت إليهم بكتيريا الهم!
انتقد الناس، وابحث عن عيوب الجميع، وانس الأعذار، وأسيئ الظنون، ودع الشيطان يلقي على لسانك كلمات الانتقاص في كل من حولك، وكأنك أنت المبرأ عن كل عيب ونقص!
املأ قلبك حقدًا على أصحاب النعم من حولك، واترك الحسد الخارج من صدرك الخرب ينتشر في محيطك، وانظر إلى نفسك كلما سمعت عن نعمة حصلت لأحد وقل.. لماذا لست أنا؟!
ابحث عن مصلحتك، وقدمها على كل شيء في الحياة، واجعل الأنانية الرخيصة قاعدة من قواعد حياتك، وادع الى النفعية، وانظر الى الناس جميعًا كسلالم للصعود نحو ما تريد!
افعل ما سبق وزد عليه من إبداعك الأسود، وتدرج في السوء دركات تحتية.. إذا كنت لا تحمل قضية إلا نفسك..
لا تذهب إلى مستشفيات الأورام، ولا مراكز الفشل الكلوي والكبدي، لتمسح عن المرضى دمعة الألم، وقل في نفسك: ما دمت أنا بصحتي فما شأني بهم!
ولا تشغل بالك بالأيتام الصغار الذين فقدوا آباءهم وصاروا بلا عائل يحميهم ولا منفق يعولهم، حتى إذا رأيتهم فتغافل عنهم، وقل في نفسك ما دام أبنائي بعافية فما شأني بهم!
ولا تحمل همًا لفقراء لا يجدون قوت يومهم، ومساكين يحتاجون كسرة خبز، وأرامل يتضاوى أبناؤهم جوعًا في جوف الليل، وقل في نفسك: ما دمت أنا غنيًا ومكتفيًا، فلا علاقة لي بمشكلات الناس!
لا تسأل عن جار لك مريض، أو عن صديق لك غائب، ولا عن رحم لك بعيد، وقل في نفسك، لعلي إن سألت عليهم حملوني مسؤولية وطلبوا مني معونة.. فما شأني بهم؟!
اخرس عن نصيحة الخير، وأطبق فمك إذا سئلت عن الصواب، ولذ إلى الحديث عن اللاشيء، ثم اجعل من نفسك خيال حقل "أنفه جزرة"، تحط عليه الغربان بعدما عرفوا قدره!
لكن انتبه أيها الأبله التائه، إن الأيام عليك تدور.. فالإحسان جزاؤه الإحسان، والخير يعقبه الشكران، والعطاء عاقبته الفضيلة، والرحمة تنبت المحبة، والصدق يجلب البركة، وقول الحق شيمة النبلاء.
وأيامك تدور، فلا عقار سيبقى، ولا أموال ستدوم، ولا مناصب ستستمر.. ولكنها الدائرة المحتومة، كما دارت بمن سبق وبمن سيلحق. وكما أهملت آلام المرضى سيقض مضجعك شعور الألم، وكما بخلت عن المحتاج سيأكلك العوذ والحاجة، وكما قهرت اليتيم سيقهرك أقرب الناس إليك، وكما سكت عن الحق سيسكت لسانك ويشل جنانك رغمًا عنك!
د. خالد رُوشه
16/1/1437 هـ
- التصنيف:
- المصدر: