بين خيانة اليوم..و وفاء الأمس
بين خيانة اليوم..و انتشار الغدر و الخديعة ووفاء العرب قديماً بون شاسع
فقط تأمل :
روى الأشبيهي في المستطرف :
(يذكر أن امرأ القيس الكندي، لما أراد المضي إلى قيصر ملك الروم، أودع عند السموأل دروعًا وسلاحًا، وأمتعة تساوي من المال جملة كثيرة، فلما مات امرؤ القيس، أرسل ملك كندة يطلب الدروع والأسلحة المودعة عند السموأل، فقال السموأل: لا أدفعها إلا لمستحقها. وأبى أن يدفع إليه منها شيئًا، فعاوده فأبى، وقال: لا أغدر بذمتي، ولا أخون أمانتي، ولا أترك الوفاء الواجب علي. فقصده ذلك الملك من كندة بعسكره فدخل السموأل في حصنه، وامتنع به. فحاصره ذلك الملك، وكان ولد السموأل خارج الحصن، فظفر به ذلك الملك فأخذه أسيرًا، ثم طاف حول الحصن وصاح بالسموأل. فأشرف عليه من أعلى الحصن. فلما رآه قال له: إن ولدك قد أسرته، وها هو معي، فإن سلمت إليَّ الدروع والسلاح التي لامرئ القيس عندك، رحلت عنك، وسلمت إليك ولدك، وإن امتنعت من ذلك ذبحت ولدك وأنت تنظر، فاختر أيهما شئت. فقال له السموأل: ما كنت لأخفر ذمامي، وأبطل وفائي، فاصنع ما شئت، فذبح ولده وهو ينظر، ثم لما عجز عن الحصن رجع خائبًا، واحتسب السموأل ذبح ولده وصبر، محافظة على وفائه، فلما جاء الموسم وحضر ورثة امرئ القيس سلم إليهم الدروع والسلاح، ورأى حفظ ذمامه ورعاية وفائه أحب إليه من حياة ولده وبقائه، فصارت الأمثال في الوفاء تضرب بالسموأل، وإذا مدحوا أهل الوفاء في الأنام ذكر السموأل في الأول. وكم أعلى الوفاء رتبة من اعتقله بيديه، وأغلى قيمة من جعله نصب عينيه، واستنطق الأفواه لفاعله بالثناء عليه، واستطلق الأيدي المقبوضة عنه بالإحسان إليه)
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: