مسيلمة الكذاب
محمد علي يوسف
- التصنيفات: دعوة المسلمين -
الفِيلُ....
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْفِيلُ؟!!
لَهُ ذَنَبٌ وَبِيلٌ، ولَهُ وَخُرْطُومٌ طَوِيلٌ!!!
يا ضفدع بنت الضفدعين..
نقي لك نقين!!
لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين...
رأسك في الماء، وذنبك في الطين!!
والليل الأطحم!!
والذئب الأدلم...
والجذع الأزلم!!
ما انتهكت أسيد من محرم...
والليل الدامس والذئب الهامس!!
ما قطعت أسد من رطب ولا يابس
وَالطَّاحِنَاتُ طَحْنًا...
فَالْعَاجِنَاتُ عَجْنًا، فَالْخَابِزَاتُ خَبْزًا، والآكلات أكلا، فاللاقمات لقما...
إِهَالَةً وَسَمْنًا!!!
كانت تلك بعض المقاطع مما يسمى بـ"قرآن مسيلمة"
مسيلمة الكذاب
ذلك الرجل الذي ادعى النبوة ونسب لنفسه قرآنا حاول فيه محاكاة النسق القرآني البديع بكلمات مسجوعة لا تحمل إلا ركيك المعاني وسفه القول
لكنها مع ذلك وجدت آذانا صاغية وأتباعا على استعداد أن يضحوا بأنفسهم لأجل واضعها
وليس من العجيب أن تهلل الجماهير لأصحاب ما يسمى بـ (الكاريزما) أو أن يتبع الناس أهل البلاغة والفصاحة وسحر البيان وإن من البيان لسحرا كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم
ليس هذا عجيبا
بل هو ما جرت عليه عادة المهللين في كل زمان ومكان ممن يميلون مع كل ريح ويرددون لكل زعيم قادم تلو زعيم ذاهب: مات الملك ... عاش الملك .. يحيا الملك
ولطالما كانت الموسيقى التصويرية التي تحيط بخطب الزعماء وكلمات القادة المفوهين هي التصفيق العارم والهتاف المغرم بفصاحتهم وقدرتهم على تحريك القلوب والمشاعر من خلال كلماتهم الملهمة وخطبهم العصماء
لكن العجيب حقا والذي يجعل المرء في حالة من الدهشة هو تهليل الجموع واتباعها لمن يفتقد أدنى معايير المنطق أو حتى البلاغة وسحر البيان بل ربما تجد لسانه مسلطا عليه يوجهه إلى فضح نفسه وبيان كذبه وتهافته
كما كان الحال عند مسيلمة وكلماته المسجوعة التي لا تحمل إلا ركيك المعاني وسفه القول وضعها بغرض فتنة الخلائق فكانت ركاكتها وخفتها وسطحية وتفاهة معانيها سببا فى احتقار العقلاء له ولها
بل إن المتأمل في قرآنه المزعوم يشعر أن الله قد قهر لسانه فجعله ينطق بأعاجيب حملت دلائل كذبه وسفاهته وركاكة أسلوبه وضحالة أفكاره فى طياتها
وحقا قد كانت كلماته نموذجا عجيبا لقهر اللسان
لو تأملنا سيرته وأمثاله من المدعين وكيف قالوا من الكلمات ما جعلهم أضحوكة العالمين ومحل تندر العاقلين لوجدنا على ذلك من الأمثلة الشىء الكثير
وقديما قال الأولون : كاد المريب أن يقول خذونى
لعل ذلك من تجليات اسم الله القهار الذي يقهر ألسنة الكاذبين والمنافقين والأفاكين فتنطق من الخزعبلات ما يكشف الله بها سترهم ومن الترهات ما يفضح الله به سريرتهم ومن الزلات ما يُجلي للخلق حقيقتهم ولتعرفنهم في لحن القولك وليهلك من هلك عن بينة
لقد ورد أن سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه قد لقيه قبل إسلامه فتلى عليه مسليمة الكذاب إحدى خزعبلاته يقول فيها: يا وبر إنما أنت أذنان وصدر، وسائرك حقر نقر
ثم سأله: كيف ترى يا عمرو؟
فقال له سيدنا عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب
لقد علم عمرو بن العاص ذلك بفطرته وأدرك قبل حتى إسلامه حقيقة هذا السفيه كما علمها كثيرون أنفوا أكاذيبه المثيرة للسخرية
لكنها مع كل ذلك كما قلنا سابقا = وجدت آذانا صاغية وأتباعا على استعداد أن يضحوا بأنفسهم لأجل واضعها
وذلك لشيء يقال له الهوى...
الهوى الذي يعمي عن كل شىء آخر
يتفرع عن ذلك الهوى كل فروع التعصب والتحزب والبراجماتية العفنة التي لا تحرص إلا على مصالحها أياً كانت السبل الموصلة لتلك المصالح ومهما فاحت رائحتها العفنة تزكم أنوفا وتتقزز منها عقول
لقد أعلنوها صريحة: "وإن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مُضَر"
كأنهم يقولون بصراحة ومن الآخر: سنتبعه رغم علمنا بكذبه وسفاهته
لقد أقروا بكذبه كما أقروا لنبينا صلى الله عليه وسلم بالصدق الذي طالما عُرف به وطالما ظهر في كلامه وظهر أكثر من خلال الوحي المنزل من عند ربه يتلوه عليهم ويسمعونه ويؤثر فيهم حتى يقول أحدهم عن ذلك الوحي "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه"
هذه الكلمات قالها عن القرآن رجل مشرك لكنه مع جمال وصفه للقرآن لم يتبعه!!
لم يتبع كتابا شهد له بأنه يعلو و لا يعلى عليه ولم يؤمن لرسول رأى ورأى الملأ من حوله في خاص مجالسهم أنه ليس بساحر ولا كاهن ولا مجنون
لكنهم مع ذلك آثروا هواهم وغلبت عليه شقوتهم وعصبيتهم كما غلبت على قوم فرعون الذين قال الله عنهم "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلواً"
لقد استيقنوا صدق رسالة موسى في أنفسهم لكنهم مع ذلك جحدوها على الملأ واتبعوا أمر من استخفهم كما اتبع أقوام من بعدهم مسيلمة
وكما يجد كل مسيلمة من يتبعه ويهلل له..
اتبعوهم لا لشىء إلا لأهواء عبدوها ومصالح طلبوها وعصبيات اعتنقوها
اعتنقوها ودافعوا عنها وعمن انتعلوهم وانتعلوها متعامين عن كل سفه وهذيان يصدر منهم حتى لو كان من نوعية :
"الفيل..
وما أدراك ما الفيل"
من كتابي صالح للاستعمال الفكري